الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خجل وخوف يقف أمام تحقق الطموحات

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

في البداية أودّ تقديم شكري وامتناني لجميع القائمين على هذا الصرح الرائع، الذي سهّل علينا البوح بما كنا نستصعب البوح به في السابق من مشكلات نفسية أو عاطفية أو اجتماعبة تمرّ على أي فرد منّا.

ودعاؤنا بأن يوفقكم الله لما يحبه ويرضاه ويجعل عملكم خالصاً لوجهه الكريم، ويجعل جميع ما تقومون به لراحة الناس في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
آسف على الإطالة وإليكم استشارتي ببعض التفصيل أرجو أن تقبلوه بصدر رحب، لعلّي أن أجد لديكم الحل والعلاج بإذن الله.

أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة تقريباً، خجول، أعزب، أحمل شهادة الثانوية العامة – القسم العلمي – عاطل عن العمل، لي طموحات لا حدود لها، إنسان متفائل، أحب عمل الخير ونشره، أحب علماء الدين والمشايخ، والمتدينين الذين لست منهم، ولسان حالي يقول:

أحب الصالحين ولست منهم لعلّي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ولو كنّا سواء في البضاعة

المهم .. مشكلتي أنه منذ ما يقارب الثلاث سنوات تقريباً تغيرت حالتي وانقلبت أوضاعي بعد أن كانت شبه مستقرة، بعد تخرجي من الثانوية كان لي طموحات كثيرة كأي شاب في مثل سنّي في هذه الحياة، ولكن كما أسلفت أن لدي الخجل، العلّة التي كنت أظنها عادية ولا تستحق الاهتمام ومع مرور الوقت سوف أتخلص منها، ولكن مع الأسف زاد هذا الأمر في الثلاث سنوات الأخيرة حتى تحول إلى مرض لا يرحم عرفت اسمه فيما بعد وهو (الرهاب الإجتماعي)، أتعب حالتي النفسية وأقلقني وزاد من مشاكلي ومعاناتي التي كنت أعاني منها – وهي عدم قبولي بعد تخرجي من الثانوية بالقسم الذي كنت أرغب به – مما سبب لي الإحباط وعدم الرغبة في الدراسة في أي قسم آخر غيره.

أيضاً المشاكل الأسرية والظروف الصعبة التي مررت بها ولازلت أعاني منها حتى الآن، كل هذا وأنا أعلم ومتيقن أن هذا إبتلاء من الله تعالى وقضاء وقدر، وأنا صابر ولله الحمد ولكن كما أسلفت كل هذه المشاكل عادية، مقارنة بهذا المرض الذي سيطر علي وأسرني في كل شيء تقريباً، وهو الذي يقف الآن عقبة أمام تحقيق طموحاتي، حيث أنوي الآن إكمال دراستي الجامعية في الخارج وأخاف أن لا أوفق في دراستي حيث أن هذا المرض بالتأكيد سوف يكون عقبة في طريقي لمواصلة الدراسة الجامعية التي لابد من مقابلة الناس فيها، والاختلاط بالطلاب، ولابد من الحوار والمشاركة والتواصل، وهذا ما لا أقدر عليه ومن هو في مثل حالتي، لذا أرجو منكم توجيهي ونصحي في كيفية التخلص من هذه المشكلة.

ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.

الإجابــة

الأخ الفاضل/ أبو إيمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع.

جزاك الله خيراً على سؤالك وعلى ثقتك في الشبكة الإسلامية ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنك.

أولاً: لابد أن نفرق بين ثلاثة أمور وهي:
1- الخجل.
2- الخوف أو (الرهاب الاجتماعي).
3- الحياء.

أما بالنسبة للخجل فهو سمة من السمات الشخصية ربما يلعب الجانب النفسي فيه دوراً وممكن التخلص منه بما يعرف بتطوير المهارات الاجتماعية.
أما الرهاب الاجتماعي: فهي مكتسبة وقد كثر في زماننا هذا وهو بالفعل يعتبر حالة نفسية يمكن علاجها.
أما الحياء: فكما تعرف فهو من الإيمان.
وأرجو أن تكون على وعي تام في التفرقة بين هذه الأمور الثلاثة لأن كثيراً ممن يترددون علينا في العيادة يخلطون بين هذه الأمور.

أرى أن في حالتك قد أدى الخوف أو الرهاب الاجتماعي إلى عسر في مزاجك تولدت عنه إحباطات ومشاعر سلبية، وتقليل قيمة الذات، وعليه يعتبر الأساس الأول لعلاجك هو أن تعيد النظر في تقييم إمكانياتك النفسية والفكرية والوجدانية، وأنا على ثقة تامة أنك سوف تكتشف أن لديك كثيراً من الإيجابيات والمهارات التي لم تحسن استغلالها والاستفادة منها؛ لأن التفكير السلبي قد سيطر عليك.

أما فيما يخص علاج الخوف أو الرهاب أو الهرع الاجتماعي هو عن طريق المواجهة، وتبدأ هذه المواجهة في الخيال أولاً بمعنى أن تجلس يومياً نصف ساعة في وضع استرخائي ثم تتخيل أنك تخاطب مجموعة من الناس أو تقابل شخص من أصحاب المناصب أو الجاه، أو حتى تتخيل أنه طلب منك أن تأم الناس في الصلاة في المسجد بعد أن تخلف الأمام الراتب (إمام المسجد)، عليك أن تأخذ هذه الحوارات الخيالية بجدية شديدة.
وبعدها تنقل نفسك للاختبارات العميلة التطبيقية بأن تجلس مثلاً في المناسبات الاجتماعية في الصفوف الأولى وأن تلقى محاضرة مثلاً على أهل بيتك أو أصدقائك وبالإكثار من هذه التمارين ستجد أن عامل القلق والتوتر وعدم الارتياح الداخلي بدأ في الانحسار.

أما الشق الثاني للعلاج فهو العلاج الدوائي حيث أثبت علمياً وبما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك خللاً بسيطاً في كيمياء الدماغ عند معظم الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق أو المخاوف.

والمادة التي دارت حولها الأبحاث تعرف باسم (Serotonin) وعليه توجد الآن وبفضل من الله أدوية حديثة تساعد تنظيم هذه المادة الكيميائية، وعليه أود أن أرشح لك أحد الأدوية الفعالة لعلاج الخوف الاجتماعي ويعرف هذا الدواء باسم (Seroxat) سيروكسات 20ملج، تبدأ جرعته بنصف حبة (10 ملج) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين ثم ترفع لحبة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، وإذا لم يحدث تحسن بعد ذلك ترفع الجرعة (40 ملج) ويمكن أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر أخرى ثم تبدأ في تخفيضها تدريجياً بعد ذلك.

ومن العلاجات النفسية الأخرى المساعدة هي تمارين الاسترخاء وكذلك رفع المهارات الاجتماعية، والتي تتمثل في أن تنظر للشخص الذي تحادثه في عينيه وأن لا ستعمل المخاطبات الحركية كثيراً (مثل الإكثار في استعمال اليدين) وأن تحاول أن تحضر سلفاً بعض المواضيع الذي سوف تناقشها مع من تزوره من الأصدقاء أو الأهل.

ختاماً: أود أن أؤكد لك أن في حياتك الكثير من الإيجابيات فقط عليك أن تتلمسها وتعمل على وتطويرها، كما أن العلاجات والإرشادات النفسية السابقة سيكون لها عائد إيجابي على صحتك النفسية بإذن الله.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً