الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عسر المزاج والعصبية الشديدة .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من اضطراب في المزاج بشكل مفاجئ، رغم أنني ناجح بعملي، وأنا أعاني من الخوف بدون مبرر، وخاصة فترة الاستيقاظ الصباحية، أخاف من مواجهة شخص أعلى مني رتبة في العمل، حتى لو كنت على حق، وأنا خمول في الحركة والنشاط، أهيج ولدي عصبية شديدة لأتفه الأسباب، شخّص لي أحد الأطباء مرضي بأنه قلق عصابي ووصف لي السيرترالين إضافة إلى ديازيبام.
أحسست بتحسن ولكن ليس بشكل كامل، فهل التشخيص والعلاج صحيحان؟ وإذا كانت هناك أدوية أفضل من التي ذكرت أرجو إفادتي بها، وجزاكم الله الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو المجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن تقلب المزاج أو اضطرابه المفاجئ وكذلك الخوف بدون مبرر والخوف في بعض المواقف الاجتماعية، كلها دليل على وجود القلق، وهذا القلق يحمل سمات المخاوف الاجتماعية بعض الشيء، وضُعف الخمول في الحركة والنشاط ربما يكون أيضاً مؤشرا على وجود عسر في مزاجك، أي درجة بسيطة جدّاً من الاكتئاب، وأعتقد أن الطبيب مُحق في وصف حالتك بأنها قلق عصابي، ونحن نقول أنه قلق عصابي من النوع الاكتئابي، ولا توجد فوارق أبداً كبيرة بين الاثنين، بمعنى أننا أضفنا المؤشر أو المكون الآخر وهو عسر المزاج، وهذا كثيراً ما يكون مصاحباً للقلق، حتى إن بعض العلماء قال إنه لا يوجد قلق بدون اكتئاب ولا يوجد اكتئاب بدون قلق، ولكني لا أريدك أن تفهم أبداً أن حالتك هي حالة اكتئابية صرفة، فهي ليست حالة اكتئابية إنما عسر بسيط بالمزاج ويخالط القلق النفسي الذي يحمل الطابع العصابي مع شيء من المخاوف البسيطة.

تفهم الحالة ومعرفة طبيعتها سوف يفيدك جدّاً وهذا ضروري، وهنا نؤكد لك أنك لا تعاني من حالة عقلية أو وسواسية أو اكتئاب نفسي شديد، هي إن شاء الله من الحالات البسيطة، ولكنها بالطبع تتطلب العلاج.

ننصحك بأن تكون إيجابياً في تفكيرك وأعمالك، وننصحك بإدارة الوقت بصورة جيدة، وممارسة الرياضة مهمة جدّاً، ولابد أن تكون لك أيضاً برامج اجتماعية كزيارة الأهل والأرحام والأصدقاء، والذهاب إلى المناسبات والمشاركة فيها، والترفيه على النفس بما هو مباح، والذهاب إلى صلاة الجماعة في المسجد، هذه كلها من أنواع التواصل الاجتماعي والممتاز والذي يزيل القلق.

نصيحتي الأخرى لك هي بجانب ممارسة الرياضة يجب أيضاً أن تدرب وتمرن نفسك على تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين كثيرة وعديدة منها طريقة بسيطة جدّاً تُعرف بـ (طريقة جاكبسون Roman jackobson)، يمكن أن يدربك عليها أحد الأخصائيين النفسانيين، وإن لم يتيسر ذلك فيمكنك ممارستها لوحدك في البيت، وذلك بأن تقوم بالآتي:

1) قم بالجلوس على كرسي مريح أو اضطجع على السرير في مكان هادئ، ويجب ألا يكون هناك أي نوع من الضوضاء، ويجب أن تركز بدقة ويكون هناك نوع من الهدوء والسكينة.

2) فكر في شيء جميل طيب حدث في حياتك.

3) أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً، وضع يدك على صدرك دون شد أو قبض.

4) خذ نفساً عميقاً وبطيئاً واملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً.

5) أمسك الهواء في صدرك قليلاً ثم أخرجه عن طريق الفم ويجب أن يكون ببطء وهدوء وتدرج.

6) كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم بمعدل مرة واحدة لمدة أسبوعين أيضاً...هذا تمرين بسيط ولكنه ذو قيمة علاجية عالية.

هنالك تمرين آخر لاسترخاء العضلات وهو أن تقوم بقبض راحة اليد اليمنى بشدة حتى تحسن بالألم، وتقول لنفسك: (أنا الآن أقبض على يدي اليمنى)، ثم بعد ذلك تطلقها بكل هدوء وتقول لنفسك: (أنا الآن في حالة من الاسترخاء)، كرر هذا في اليد اليمنى وثلاث مرات في اليد اليسرى، ونفس الشيء كرره بالنسبة لبقية عضلات الجسم كعضلات البطن، شدها واقبض عليها، ثم بعد ذلك قم باسترخائها، وكذلك عضلات الرجلين والفخذين وحتى عضلات الصدر يمكن أن تطبق هذا التمرين.

بقي العلاج الدوائي، وعقار سيرترالين الذي وصفه لك الطبيب هو من الأدوية الممتازة جدّاً لعلاج القلق الاكتئابي، خاصة إذا كان هنالك مكوّن مثل الرهاب أو الخوف الاجتماعي، وجرعة مائة مليجرام – أي حبتين – في اليوم، هي جرعة جيدة جدّاً وفعالة جدّاً، وهذا الدواء تتطلب فعاليته الحقيقية أحياناً انقضاء فترة ثمانية أسابيع، نعم نقول إن الدواء يبدأ فعاليته بعد أسبوعين، ولكن الفعالية والفائدة الحقيقة قد لا تتأتى إلا بعد مضي ثمانية أسابيع، فاصبر على هذا الدواء، ويجب أن تستمر عليه لمدة تسعة أشهر على الأقل على هذه الجرعة، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً – أي حبة واحدة – لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً مرة واحدة كل يومين لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، ويمكنك بالطبع أن تتبع الإرشادات التي ذكرها لك طبيبك.

بالنسبة للدواء الآخر وهو (ديازيبام)، فإن هذا من الأدوية الجيدة والمهدئة والمزيلة للقلق، ولكن يُعاب عليه أن الإنسان إذا تناوله لفترة طويلة أو بجرعات كبيرة يؤدي إلى الإدمان والتعود، ونصيحتي لك أن تتناوله بجرعة صغيرة، ويجب ألا تتعدى مدة العلاج ثلاثة إلى ستة أسابيع.

الأدوية البديلة للسيرترالين هو الدواء المعروف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، وهنالك دواء آخر يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أيضاً يعتبر من الأدوية الجيدة والمفيدة، ولكن السيرترالين الذي وصفه لك الطبيب هو بنفس المستوى، فهو فعال جدّاً، وأنا أنصح بأن تعطيه الفرصة التامة، وبعد انقضاء ثمانية أسابيع إذا لم تتحصل على النتائج المرجوة هنا يمكنك أن تنتقل إلى دواء آخر وذلك بعد التشاور مع طبيبك.

أكرر ضرورة التخلص من الدواء الآخر حسب المدة التي ذكرناها، لأننا لا نريدك أن تكون أسيراً للتعود والإدمان، وأرجو أن تطبق الإرشادات السابقة وتتناول الدواء بانتظام، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

للفائدة يمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً