الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أم الزوج وكيفية التعامل معها كسباً لقلبها وإرضاء للزوج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي في أن زوجي مسافر إلى إحدى الدول العربية منذ فترة قصيرة، ولا يريد أن يتركني أنا وبناتي نجلس في بيت أبي، ويريد أن نجلس في بيتنا ويتم تقسيم أيام الأسبوع على أمه وأمي بالجلوس معي، ومشكلتي أن أمه تأتي لنا كل يوم وتتحكم فينا في بيتنا أن نفعل ولا نفعل، ولي ابنة مفضلة لها وابنة لا فتقعد تؤنب الأخرى كثيراً، وأيضاً فكل ما يحدث في البيت أمامها تحكيه كاملاً لزوجة ابنها الأخرى، ولن أستطيع أن أحكي لزوجي لسببين:

الأول: أنه مسافر وهي أمه، والثاني: أنه لن يفعل شيئاً، ويقول لي أن أتحمل حتى لا أفعل المشاكل، فماذا أفعل بالله عليكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في استشارات موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلي أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يزيدك عقلاً وحكمةً وإخلاصاً وبرّاً بزوجك وبأمه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فأقول لك أيضاً تحملي - أختي الكريمة أم سارة - لأن هذه مثل أمك، فبالله عليك ماذا ستفعلين معها؟ .. أختي الكريمة أم سارة: هناك أشياء نحن نستطيع أن نغيرها، وهناك أشياء لا نستطيع أن نغيرها، يعني الواحد منا اسمحي لي يستطيع أن يغير ملابسه، أن يغير طقم السفرة، أن يغير طقم فرش السرير، أن يغير نظام البيت، يستطيع أن يتخلى عن بعض أصدقائه، يستطيع أن يغير مثلاً ألوان البيت وأصباغه، يستطيع أن ينوع في طريقة قصة شعره، يستطيع أن يغير في نظام الطعام والشراب، يستطيع أن يغير سيارته، يستطيع أن يغير زوجته، أما أن يغير أمه فهذا أمر مستحيل، وأنا أسألك: هل أنت تستطيعين أن تغيري أمك أو أن تستبدليها بأم أخرى؟

فإذن زوجك نفس الشيء، هذا قدره وهذا قدرك، ولذلك لا أجد أمامي حقيقة من نصيحة إلا أن أوصيك فعلاً بما أوصاك به زوجك وهو الصبر، وحسن المعاملة على قدر الاستطاعة، واستيعاب هذه الأم الكبيرة بأي وسيلة ممكنة، وما دامت هي تحكي كاملاً لزوجة ابنها الآخر مما تراه منكم، فأنت لا تفعلي منكراً حتى تخافي، يعني متى نحن نتحرج من نقل الكلام؟ إذا كان هناك خطأ معين، إذا كنت أنت تسلكين سلوكاً - لا قدر الله - غير صحيح أو أبناؤك، ولكن ما دامت حياتكم طبيعية فما المشكلة أن تنقل حياتكم، أكلتم اليوم كذا، شربتم اليوم كذا، كانت ملابسكم كذا، كان بيتكم كذا، ما المانع في ذلك؟ هل هناك من حرج في هذا الكلام؟

إنها حساسية مفرطة لا أساس لها من الصحة، ولا قيمة لها، يعني كون أنها تأتي وتقول أكلوا اليوم كذا، ما المشكلة، هل هذا عيب؟ هذا ليس عيباً أختي الكريمة، ولذلك لا تشغلي بالك بنقل هذا الكلام أبداً.

أما كونها تتكلم مع بعض البنات بطريقة معينة أو بأخرى فحاولي أن تبيني لها، قولي: (يا أمي هذا يؤثر في نفسية البنت، وهذه ابنتك وهذه ابنتك، وهذا الكلام قد يجعلها تقف منك موقفاً غير طيب، وقد يقع في نفسها شيء، فأنا أرجو أن تعامليهم معاملة واحدة)، إن فعلت ذلك فحسن وإن لم تفعل فلا حرج، ولا تشغلي بالك.

وأنا معك في موقفك الرائع بعدم إخبار زوجك؛ لأنه أولاً هي أمه، وأنا كما ذكرت لك لن يستطيع أن يغيرها، وأنت لا ترضين أن يزعل أمه؛ لأن المرأة الصالحة هي التي تحرص على أن يكون زوجها باراً بأمه ومحسناً إليها؛ لأن الذي يفعله زوجك مع أمه أولاده سيفعلونه معك يقيناً، فإذن نحن لا ينبغي لنا أبداً أن نعين الرجل على أمه بحال من الأحوال.

كذلك أنه لن يفعل شيئاً وهذا حق؛ لأنه رجل بعيد الآن عن البلد، وأنت ستحملينه هموم ومشاكل وهو لن يستطيع أن يحل شيئاً، فالحل كله في يدك، وأنا أرى أن هذه مشكلة بسيطة جدّاً، صدقيني والله إنها في غاية البساطة، لو أنك عاملتها كأمك واعتبرتها كأمك وصبرت عليها كما تصبرين على أمك حُلت المشكلة، ولكن المشكلة أنك قد تكونين متأثرة بالأفلام والمسلسلات والبرامج بأن حماتي قنبلة موقوتة كما قال بعض الشياطين، هذا خطأ، هذه كلها معاني الشياطين والجهلة، أما أنت امرأة صالحة نراك فيك الخير، تحبين الله ورسوله، والدليل على ذلك أنك اتصلت بهذا الموقع الإسلامي الذي لن يقدم لك إلا الإسلام الحق، ولذلك أقول:

ما عليك إلا الصبر، وحسن المعاملة، والصبر الجميل، وعدم إخبار زوجك بأي شيء مهما كان، وإن سألك عن أمك فقولي له خيراً: (أحوالها طيبة اطمئن عليها هي في أعيننا)، الكلام الطيب الذي تعرفينه عن مصر وأهل مصر الطيبين، ما سوى ذلك لا تخبريه أبداً حتى لا تشغليه، لأنك إن أخبرته بتصرفاتها المزعجة فقطعاً سوف يتعكر مزاجه، وقد يُصاب ببعض الأمراض لا قدر الله، وقد يشغل بكم عن عمله فيتعرض لبعض المشاكل، فإذن دعيه فيما هو فيه، وما دام هو الآن قد رضي لك أن تقيمي في البيت ويتم تقسيم أيام الأسبوع على أمك وأمها، هذا عدل، أرى أن زوجك رجل محترم؛ لأنه كان من الممكن أن يقول أمي فقط ولا علاقة لي بأمك، ورغم ذلك بارك الله فيه قسم بين أمك وأمه بالعدل والإنصاف وهذا شيء متميز، فإذن أرى أن تتحملي أمه غاية التحمل، وألا تشتكيها حتى لأمك ولا لأي أحد، وإذا ما جاء أحد أولادك يتكلم عنها قولي له: (هذه جدتك، هذه أم أبيك والإساءة إليها إساءة لوالدك)، ولا تحاولي أن تنتقصيها أبداً أمام أولادك، حتى لا تجرئيهم عليها، لأنها قد ترى ذلك في تصرفاتهم أو في كلامهم فتقول إن أمهم هي التي حرضتهم على هذا.

فأنا أنصحك بارك الله فيك بالصبر وأتمنى أن تنزلي أم زوجك مكان أمك، وصدقيني سوف تحل المسألة بإذن الله، وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يصلحها الله وأن يصلح ما بينك وبينها، وستكون الأمور طيبة، وأسأل الله أن يوفقك لكل خير، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً