الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من الأفكار الوهمية والخوف غير المنطقي الناتج عن حادثة غرق في البحر في فترة سابقة

السؤال

السلام عليكم أخي المستشار.
منذ ? أشهر كانت قد انتابتني حالة يأس واكتئاب إضافة إلى هواجس تافهة عن الموت إلى أن تطور الأمر إلى نوبة هلع، وفي الحقيقة هذه الحالة كانت قد انتابتني عندما كان عمري ?? سنة بسبب غرقي في البحر بالضبط في ليلة ذلك اليوم، حينها ذهبت إلى طبيب عام ووصف لي بعض الفيتامينات وواصلت ـ ولله الحمد ـ الحياة بشكل طبيعي، بلغت السلك الأخير في مراحل الثانوية وبدأ التفكير في المستقبل وصعوباته والامتحانات، لأني بطبعي أفكر كثيراً في الأمور وأحمل همها وأضخمها ولو كانت بسيطة، إضافة إلى قلق دائم تطور فيه الأمر إلى التردد إذا أردت السفر لكن أسافر ويسافر معي القلق، رغم دلك أحاول أن أعيش الحياة بشكل عادي، لكن حينما طردت من العمل منذ عامين أصبحت عاطلاً حتى الآن وأنا أبلغ من العمر الآن ?? عاماً، وكما ذكرت في الأول منذ ? أشهر انتابتني تلك الحالة وذهبت إلى طبيب نفساني ووصف لي زيروكسات حبة واحدة في الصباح وسوليان حبة في الليل.

المهم أرجو منكم أن ترشدوني كيف أساعد نفسي على الشفاء والأنشطة المصاحبة لها وكيفية التخلص من الأفكار والهواجس السلبية؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب..

فلا شك أن تجربة الغرق في البحر هي تجربة قاسية جدّاً على النفس، وأنا أتفق معك تماماً أنها كانت الشرارة التي أطلقت نوبات القلق والهرع التي انتابتك، فهذه النوبات نسميها بنوبات الرهاب أو نوبات الهرع، كما ذكرت لك، وهي غالباً تستمر مع الإنسان وتنتابه من وقت لآخر في شكل اجترارات فكرية يتذكر الإنسان من خلالها الحادثة التي أدت إلى هذه الصدمة العصابية، وإذا لم يتذكر الحادثة نفسها تظهر لديه الأعراض النفسية في شكل قلق وتوتر وخوف من الموت.

هذه الحالة حالة بسيطة جدّاً - إن شاء الله تعالى – والذي أرجوه منك هو أن تتذكر أنه الحمد لله ربنا لطف وقد نجوتَ وأنت الآن ـ الحمد لله ـ بخير، وكما قال عالم النفس (ديل كارنيجي Dale carnegie): (لماذا أقلق على شيء لم يحدث؟!) فيمكنك أن تتخذ هذا الشعار أو هذه الحكمة النفسية كوسيلة لأن تخفف على نفسك من هذه الأفكار الاجترارية والأفكار الوسواسية.

إذن تحقير فكرة القلق وتحقير فكرة الخوف هو من الأسس التي تساعد الإنسان كثيراً.

الخوف من الموت لابد لكل إنسان أن يخاف من الموت، ولكن خوف المؤمن يختلف تماماً من خوف الذي يكون هنالك ضعف في يقينه أو ضعف في إيمانه، كما قال تعالى في حق المؤمن الذي يخاف من يوم القيامة: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ))[الشورى:18].

فالموت حقيقة أبدية، والإنسان إن خاف من الموت أو لم يخف فهذا لن يقدم ولن يؤخر في عمره ثانية واحدة، فقط المطلوب والذي يبعث الطمأنينة في نفس الإنسان هو أن يعمل الإنسان لما بعد الموت، يعمل لآخرته ويحسن عمله وأن يحسن صلته بربه بأن يكون محافظاً على عباداته وأن يعامل الناس بخلق الحسن، ويقتنع الإنسان ويعرف أن الأمر كله بيد الله.. هذا التفكير الإيجابي نسميه بالتغيير التفكير المعرفي فأعتقد أنه أكبر إرشاد يمكن أن نقدمه لك.

ثانياً: لا بد أن تبحث عن العمل؛ لأن قيمة الرجل في العمل، فالعمل هو باب من أبواب الرزق وفي نفس الوقت يشعر الإنسان بقيمته ويجعل الإنسان يحس بالرضا.. إذن العمل هو الوسيلة النفسية والاجتماعية التي تحفزنا داخلياً وتؤدي إلى الإثابة الشخصية، وهي كما ذكرت لك تشعر الإنسان بالرضا.

ثالثاً: أرجو أن تقسم وقتك ما بين البحث عن العمل والراحة وممارسة الرياضة، خصص وقتاً للعبادة، وخصص وقتاً للتواصل مع الآخرين، اقرأ واطلع... هذه كلها نشاطات ممتازة وهي وسائل لتأهيل النفس.. عليك أيضاً أن تنضم لأي عمل تطوعي ولأي عمل اجتماعي، فهذا أيضاً يشعر الإنسان بقيمته ويشعره كثيراً بالرضا.

هذه هي النصائح التي أوجهها لك، وأهمها بالطبع هو أن تعيد تقييم ذاتك، فأنت أفضل مما تتصور، والقلق يمكن أن يُهزم والقلق يجب ألا نعيره اهتماماً، ويجب ألا نقلق وبخصوص شيء لم يحدث أصلاً.

بقي بعد ذلك أن أنصحك بتناول أحد الأدوية التي سوف تساعدك كثيراً، فهنالك أدوية ممتازة وفعّالة مثل عقار (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويسمى في المغرب باسم (ديروكسات Deroxat)، ولكنه قد يكون مكلفا بعض الشيء، إذا استطعت أن تحصل عليه فهذا خير وطيب، والجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة (عشرة مليجرام) ليلاً، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة (عشرين مليجراماً) ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

العقار البديل للديروكسات هو عقار يعرف باسم (تجارياً باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علمياً باسم (امبرمين Imipramine) وهو عقار جيد إلى حد كبير وهو غير مكلف مطلقاً من الناحية المالية، وجرعته هي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

عليك أن تواجه مصادر الخوف، وعليك أن تمارس الرياضة وذلك بجانب الإرشادات التي ذكرتها لك مسبقاً، وأسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر تناول أحد الدواءين.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر اميمة

    اشكركم جزيل الشكر على هدا الموقع

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً