الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وتوتر وتفكير في نظرة الناس للإنسان

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من القلق والتوتر، وتعرق في اليدين، وزيادة في ضربات القلب، وأفكر دائماً بما قد يعتقده الآخرون فيّ، وأسعى دائماً لتصحيح أفكارهم، رغم أني غير متأكد من طريقة تفكيرهم بي، كما أني أفكر دائماً بالمستقبل وأخشى من المشاكل.

جسمي ضعيف جداً حيث لا أستطيع الأكل براحتي، وأشعر بضيق في نفسي ومعدتي، ورغبة في ترك الطعام على الفور، كل هذا أعانيه يومياً إلى درجة أصبحت أكره حياتي، وأفكر كيف سأتصرف مع هذه الأعراض في اليوم التالي.

علما أني محافظ على صلاتي وأذكر الله دائماً - والحمد لله - فأرجو منك مساعدتي، أرجوك فقد كرهت حياتي، وأصبحت بلا طعم، فهل من علاج مناسب؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأعراض التي تحدثت عنها - وهي القلق والتوتر وتعرق اليدين وتسارع في ضربات القلب – هي أعراض شائعة جدّاً، والسبب الرئيس لها هو الإصابة بالقلق النفسي، هذا هو السبب الأساسي الشائع الذي يسبب مثل هذه الأعراض، والحالة وإن كانت مزعجة بعض الشيء ولكن أؤكد لك أنها ليست خطيرة مطلقاً.

في بعض الأحيان يكون هنالك زيادة في نشاط في إفراز هرمون الغدة الدرقية، وهذا أيضاً يؤدي إلى أعراض مشابهة؛ ولذا كنوع من التحوط الطبي الصحيح أدعوك وأرجوك أن تقوم بفحص الغدة الدرقية وهو فحص بسيط جدّاً حتى نتأكد ونطمئن تماماً أنه ليس لديك زيادة في إفراز الغدة الدرقية.

أنا على قناعة كبيرة أن الغدة الدرقية عندك طبيعية، ولكن يجب أن نتأكد من ذلك.

أما بالنسبة لضعف الجسم وقلة الشهية أيضاً هي ناتجة من القلق، فالقلق يسبب ذلك، وضيق النفس هو ناتج حقيقة من التوترات العضلية التي تصيب الصدر فتعطي الانطباع بأنه يوجد ضيق في الشعب الهوائية وهذا ليس صحيحاً.

أما أعراض الجهاز الهضمي فهي معروفة جدّاً وسط مرضى القلق النفسي، والقلق النفسي هو طاقة جيدة وطاقة مهمة لتحسين الدافعية لدى الإنسان، ولكن حين يزيد القلق أو يصبح القلق جزءاً من السمات الشخصية فهنا يؤدي إلى الصعوبات، ويظهر أن القلق الذي تعاني منه هو من النوع الزائد، أو هو جزء من شخصيتك.

جزاك الله خيراً على محافظتك على الصلاة وعلى ذكر الله وأنك تكثر من الحمد، فهذا هو المطلوب من كل مسلم، ونسأل الله تعالى أن يزيدك في ذلك وأن يتقبل منك، وهذه الحالات هي ابتلاءات بسيطة، وحقيقة العبد يجب أن يصبر عليها، وفي ذات الوقت يطرق باب العلاج وهذا ما قمت به أنت، وأنا أبشرك بشارة كبرى أنه توجد أدوية فعّالة وممتازة جدّاً تساعد في علاج هذه الحالة، فهنالك عقار يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival) فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى حبة صباحاً ومساءً، وفي فترة شهر رمضان يمكنك تناولها حبة عند الإفطار وحبة عند السحور، واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى.

هذا الدواء من الأدوية السليمة والبسيطة وغير إدماني وهو مضاد جيد للقلق، كما أنه محسن للمزاج، وسوف يحسن - إن شاء الله تعالى – من شهيتك للأكل أيضاً.

بجانب هذا الدواء (موتيفال) أود منك أيضاً أن تتناول عقاراً آخر بسيطاً يعرف تجارياً باسم (إندرال Inderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol) تناوله فقط بجرعة عشرة مليجرامات في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، وفائدته هو أنه يقلل من ضربات القلب، ويقلل أيضاً من الرعشة ومن التعرق إذا كان يوجد أي شيء من ذلك.

فالعلاج الدوائي إذن يعتبر هو العلاج الأساسي في حالتك، وكما ذكرت لك مسبقاً تأكد من فحص الغدة الدرقية من أجل التحوط، وأرجوك أيضاً أن تمارس أي نوع من الرياضة خاصة رياضة المشي فهي تساعد جدّاً في حرق الطاقات التوترية، وسيكون أيضاً من المفيد ومن الجميل أن تمارس ما يعرف بتمارين الاسترخاء، فهنالك أشرطة وكتيبات توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وبصفة مختصرة أود أن أشرح لك هذه التمارين:

(1) استلقِ في مكان هادئ في غرفة وفكر في شيء جميل ولا تشغل نفسك بأي شيء.
(2) ثم أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً.
(3) خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف – وهذا هو الشهيق – واملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً.
(4) ثم أمسك على الهواء في صدرك، وبعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم – وهذا هو الزفير – ويجب أن يكون أيضاً بقوة وببطء.

كرر هذا التمرين خمس إلى ست مرات بمعدل مرتين في اليوم وسوف تجد فيه - إن شاء الله تعالى – خيراً كثيراً.

أرجو أيضاً أن تكون جيداً في توزيع الزمن والاستفادة منه، فقسم وقتك بين الراحة وبين الترفيه المنضبط وبين الدراسة - وركز على ذلك بالطبع – وبين العبادات والتواصل الاجتماعي، هذا -إن شاء الله تعالى– يزيل من القلق أيضاً.

أرجو أن تتأكد أن حالتك بسيطة - وإن شاء الله - بتناول الدواء الذي وصفته لك واتباع الإرشادات التي ذكرتها لك سوف تجد أنك أصبحت في صحة نفسية جيدة - بإذن الله تعالى – وحقيقة أود أن أهنئك بهذه الأيام الطيبة، ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً من المغفور لهم ومن عتقائه من النار ومن المقبولين، وكل عام وأنتم بخير.

ويمكنك الاستفادة من هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للقلق: (263666 - 264992 - 265121).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً