الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لعابد يشعر بالكبر والفضل على الناس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لله الحمد والمنة، فإني أحاول أن أحافظ على الصلاة في المسجد قدر الإمكان، وصيام التطوع، وأقرأ القرآن الكريم كثيراً، ولكن المشكلة أحياناً أن الشيطان يجعلني أشعر بالتكبر والفخر بعملي وأنني أفضل من الكثيرين!
فهل التفاخر بالعمل يحبطه؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن الإسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن سلف الأمة أفلحوا لأنهم كانوا يتهمون أنفسهم ويعرفون قدرها ويظنون بها الظنون، ثم يبدءون في مسيرة الصعود بها، ولذلك قال طاوس وهو إمام الناس في زمانه في يوم عرفة: (اللهم لا تردهم من أجلي)، وقبله قال عمر: (لو دخل جميع الناس الجنة إلا واحداً لظننت أني هو)، وكان بعضهم يقول: لو كان للذنوب ريح لما استطاع أحد أن يجالسنا، وقد وصف الله الأخيار فقال: (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ))[المؤمنون:60]، وقالت عائشة رضي الله عنها: (يا رسول الله! أهم الذين لا يصلون ولا يصومون؟ فقال: لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويخافون أن لا يقبل منهم) وقد قال الحسن البصري: (المؤمن يجمع إحساناً وخوفاً والمنافق يجمع تقصيراً وأمناً).

وقد أحسنت بالإكثار من الذكر والصلاة والتلاوة، وتعوذ بالله من شيطان يدعوك للكبر والعجب والغرور، وتذكر أنك تنال أجرك من الله وليس من الناس، وأرجو أن تستصغر ما تفعله من الطاعات وإن كثرت، فإن عبادة السنوات لا تكافئ نعمة واحدة كالعين.

ولا يخفى عليك أننا في صراع مع هذا العدو فاستعن بالله وانتبه لكيد الشيطان، واعلم أنه ضعيف كما أخبرنا ربنا في القرآن.

ولا شك أن الرياء والكبر والعجب من أخطر ما يواجه العبد المؤمن، فالرياء هو العمل من أجل الناس، والعجب إشراك في النفس كما أن الرياء إشراك في الناس، والكبر سبب للخذلان ولكنك ستظل في عافية وعلى خير ما دمت تشعر بخطورة تلك الأمراض، وسوف تؤجر على مجاهدتك لعدونا الشيطان، فادخل معركتك بعد اللجوء إلى خالقك فإنه لا يصرف كيد الشيطان إلا العظيم مالك الأكوان، وتذكر أن هذا العدو يحزن إذا تبنا ويندم إذا استغفرنا ويبكي إذا سجدنا، وإذا علم الإنسان أن الناس لا يملكون له نفعاً ولا ضرراً، وأن رضاهم غاية لا تدرك، وأن الإخلاص شرط لقبول العمل؛ زهد في ثناء الناس ومدحهم، وعليك مع ذلك أن تضع نفسك كلما حاولت الارتفاع، وأن تعلم أن العبرة ليست بكثرة الأعمال وإنما العبرة في كونها لله خالصة، وقد قال في كتابه: (( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ))[الملك:2].

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وقد أفرحني شعورك بالمرض وبحثك عن العلاج والدواء.

وهذه بداية تبشر بالخير، فحاسب نفسك واجتهد في محاسبتها قبل العمل لتتأكد أن المنطلق لله، ثم حاسبها أثناء العمل لتتأكد أن الأمور تسير كما أراد الله، ثم حاسبها بعد العمل واستغفر ربك على التقصير حتى لا يسيطر عليك العجب أو الكبر أو الغرور.

وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً