الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفسار حول الأعراض الجانبية لدواء (الزولفت)

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حضرة الدكتور/ محمد عبد العليم المحترم.
في البداية أود أن أشكرك من كل قلبي على تجاوبك مع المرضى وصبرك على تساؤلاتهم.

في الحقيقة كنت قد استشرتك حول تبديل عقار اللوديوميل حيث لم يعد يفيدني وطلبت مني أن أستبدله بعقار زولفت إلا أنني وبعد مضي أسبوع على تناوله أكاد أصاب بالجنون من أعراضه وتمنيت الموت، أعراضه صعبة جداً هياج شديد لا يوصف وضيق نفسي رهيب، وارتفاع ضغط مع أنني لا أعاني سابقاً من ارتفاع الضغط مما اضطرني إلى تركه.

أرجوكم ما الحل؟ فقد تعبت من تبديل الأدوية دون فائدة، والآن توقفت عن تناول الزولفت حيث لم أعد أطيقه، كما أرجو منكم أن تنبهوا المرضى إلى أعراض تلك الأدوية حيث يفاجئ المريض بتلك الأعراض وهناك حوادث انتحار عديدة بعد تناول مثل تلك الأدوية.

ولكم جزيل الشكر والثواب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالطبع أختي الفاضلة، نحن لا ننكر أبداً أن الأدوية قد تسبب بعض الأعراض للناس، ومن حق الإنسان أن يعرف تماماً، ولكن الأثر الجانبي النفسي حين يكون بالندرة وأنه لا يحدث إلا نادراً، فليس من الضروري أن يُزعج المريض به، خاصةً إذا كان العرض ليس خطيراً، ولا يؤثر على الأعضاء الرئيسية في الجسم.

الزولفت نادراً ما يسبب حالة الهياج والقلق هذه، أتفق معك تماماً، وهي نادرة جداً، الذي يسببها بصورة أكثر هو البروزاك، البروزاك ربما يسبب ذلك، وعموماً أنا حين تحدث هذه الأعراض لا أنصح الناس بأن يتوقفوا عن الدواء، إنما أنصحهم بأن يتناولوا دواء آخر، يعرف باسم فلونكسول، وهو دواء ممتاز جداً يقضي تماماً على أعراض القلق الوقتية هذه، والإنسان حين يتناول الفلونكسول بجرعة نصف مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، تنتهي تماماً هذه الأعراض القلقية التي أصابته.

عموماً أرجو أن تعذرينا إذا لم نوضح لك ذلك من البداية، ولكن كما ذكرت لك هذه الأعراض نادرة الحدوث جداً، وهذا أمر ليس معتاد حقيقة مع الزولفت.

بالنسبة لارتفاع ضغط الدم، الزولفت لا يؤدي إلى ذلك، ولكن ربما يكون الانفعال والقلق والتوتر الذي أصابك أدى إلى ارتفاع وقتي، وهذا يعرف بارتفاع ضغط الدم العصبي، وهو ينتهي بانتهاء السبب، وفي هذه الحالة هو التوتر الناتج عن تناول الدواء.

أختي الفاضلة! أتصور أنك لن تستطيعي الرجوع إلى الزولفت من الناحية النفسية، وإن كنت كما ذكرت لك أنه لا مانع من تناوله مطلقاً على أن تتناولي معه الفلونكسول، بمعدل حبة واحدة لمدة يومين، ولكن ربما يكون الحاجز النفسي أصبح بالقوة والشدة التي جعلتك لا تتناوليه.

أختي الفاضلة! بالنسبة لما يثار عن قضية الانتحار والأدوية النفسية، هذه الكلام فيه الكثير من الخلاف وفيه الكثير من عدم الحقائق حقيقة، مما شكل القلق والتوتر للناس، الحقائق الموجودة قليلة جداً، وهي أن هنالك بعض الذين يتناولون هذه الأدوية قد أقدموا على الانتحار أو محاولة الانتحار، خاصةً الذين في سن الشباب، وهذه الأدوية لا تعطى قبل سنة 17 سنة إلا بمحاذير معينة، وحقيقة اتضح أن الدواء لا يدفع الإنسان نحو الانتحار، ولكن الإنسان المكتئب حين يتناول هذه الأدوية ربما تحدث له نوع من اليقظة ومن التحرك العاطفي والوجداني، دون أن يزول الاكتئاب، وهذا القلق والتوتر الذي يحدث يعطيه بعض الدافعية نحو الإقدام نحو الانتحار، نحن نعرف أن مرضى الاكتئاب الشديد يتملكهم الاكتئاب، وتكون لديهم الأفكار الانتحارية، لكن لا يكون لهم الإقدام أو القوة أو المقدرة على تطبيق الانتحار نفسه، لذا نكون حريصين جداً حين يبدأ المريض بالتحسن نراقبه مراقبة لصيقة، خاصةً المرضى الذين نعالجهم عن طريق الجلسات الكهربائية، هؤلاء المرضى يأتون وهم يعانون من اكتئاب مطبق شديد، وبعد أن يبدأ التحسن هنا ربما يقوم الطبيب بإيذاء نفسه؛ لأنه أصبح لديه القدرة الفكرية والجسدية للإقدام على إيذاء النفس؛ لأن الاكتئاب قد سلبه كل شيء حتى القدرة على أن يقوم بإيذاء نفسه.

عموماً هذه قضية طويلة ومعقدة جداً، ولكن الذي أود أن أؤكده لك أن هذه الأدوية سليمة، وحتى في الدول مثل أمريكا والتي تحدث فيها الكثير من القضايا ضد شركات الأدوية هذه الأدوية تعطى مصرحة ولا تمنع مطلقاً كما ذكرت لك المحاذير فقط بالنسبة لصغار السن يجب أن يتناولوها برقابة أو بنوعياتٍ معينة.

أختي الفاضلة! أنا أود أن تكوني أكثر تفاؤلاً وأود منك أن تسعي للتخلص من هذه الأعراض وذلك بالمثابرة، بممارسة تمارين الاسترخاء، وسوف نقوم بوصف دواء لك.

أنا أعتقد أن الإيفكسر ربما يكون هو المناسب بالنسبة لك، والجرعة هي 37.5 مليجرام صباح ومساء، لمدة أسبوعين، بعد ذلك تناولي 75 مليجرام كبسولة واحدة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 150 مليجرام في اليوم، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك ابدئي في تخفيضها بمعدل 37.5 مليجرام كل أسبوعين حتى تتوقفي عنها، وأنا على ثقة كاملة بإذن الله تعالى أنه بعد مضي ستة أسابيع من بداية العلاج سوف تحسين بتحسنٍ كبير بإذن الله تعالى.

الأدوية البديلة بالطبع هي سبراليكس وفافرين، وهنالك عقار أيضاً يعرف باسم ترازدون، وهو من الأدوية الطيبة والممتازة جداً والفعالة، خاصةً بالنسبة للنساء، وهو مزيل للاكتئاب، وجرعته هي 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى 100 مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم 50 مليجرام يومياً لمدة شهر.

عموماً، اجعلي الإيفكسر هو خيارك الأول، وما ذكرته لك من أدوية أخرى هو بالطبع من قبيل الإلمام والمعرفة.

أرجو أن لا تنزعجي أيتها الأخت الفاضلة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً