الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات معالجة الرهاب الاجتماعي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكر الله لكم خدمتكم المتميزة وجعلها في ميزان حسناتكم، وبعد:

بعد معاناة دامت عشر سنوات كابدت فيها أعراض الرهاب الاجتماعي بكل أنواعه من خوف وخجل وزيادة ضربات القلب وتعرق في اليدين ورعشة فيهما.

مؤخرا قمت بزيارة طبيب نفسي لعل الله أن يجعل هذا سبباً لحل هذه الأزمة وإنهائها، لكن لا زالت بعض الأسئلة تراودني، فلكم جزيل الشكر إذا تفضلتم بالإجابة عنها وأجركم على الله.
لماذا هذه الأعراض تتغير من فترة لفترة؟ يعني مثلاً الرعشة التي في اليدين لم تظهر إلا مؤخراً فما سببها؟ ولماذا لم تكن من قبل؟
كانت تراودني فكرة أن هذه الأعراض قد تكون سحرا أو غيره من هذه الأشياء فما مدى صحة هذا التفكير؟ وهل الاحتمال وارد؟
لاحظت أن الطبيب لم يسألني بالتفصيل عن الحالة، فما سبب ذلك، حيث أن هذا الأمر أثر علي من ناحية اطمئناني له.

وصف لي زيروكسات بمعدل نصف حبة لمدة أسبوع، وحبة الأسبوع الذي يليه ويكون أخذها بعد الفطور، وطلب مني المراجعة بعدها، كما أنه وصف لي أنديرال40 للضرورة وليس يومياً.
وسؤالي: هل من الأفضل الاستغناء عن أنديرال والاكتفاء بالأول فقط، حيث أنني قرأت أنه قد يسبب آثاراً انسحابية فما مدى صحة هذا الكلام؟
قرأت في معظم الاستشارات أن الدواء يؤخذ ليلاً، فهل هناك فرق بين الأمرين؟
ولاحظت أن الجرعات لنفس الدواء قد توصف بطريقة مختلفة، فهل هذا راجع إلى الحالة وشدتها أم ماذا؟
نصحني الطبيب بالتعرض للمواقف التي تخيفني وأتحرج منها، علماً أنني قد جربت هذه الطريقة وأثرت علي سلبياً فما الصحيح في هذا المجال؟
هل الالتزام بالدواء فقط دون العلاج السلوكي يؤثر في الشفاء نفسه أم في مدة العلاج أم ماذا؟
ما هو السلوك الصحيح في رأي حضرتكم هل الالتزام بطبيب واحد طول مدة العلاج أم البحث عن الطبيب الذي ترتاح إليه النفس أم ماذا؟
ذكر الطبيب المعالج أن فترة العلاج قد تدوم حوالي خمسة أشهر فهل هذه المدة لمعظم الحالات أم هي تخضع لعوامل أخرى وما الأغلب في هذا الأمر؟
وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء.
إضافة جديدة:
قمت بإرسال استشارة منذ ثلاثة أيام برقم (264652) وأود أن أضيف أنني قد بدأت في أخذ الدواء المذكور زيروكسات من أسبوع بالنسبة المذكورة في الاستشارة، لكن بدأت أشعر بأعراض كانت تأتيني من الأول لكنها زادت قليلاً إذ أنني أشعر برعشة في رأسي وفي يديّ مع عدم اتزان وشيء من الصداع، علماً بأنني أنتظر إجابتكم ولم أبداً في الأندرال الذي وصفه لي الطبيب للضرورة.
سؤالي: هل هذه الأعراض لها علاقة بمفعول الدواء أم هي من أعراضه الجانبية؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا السؤال الذي شرحتَ فيه طبيعة المشكلة التي تعاني منها والتي حصرتها في الرهبة الاجتماعية وذكرت شيئاً من أعراضها الشعور بالخوف من اللقاء والخجل المانع من المحادثة الطبيعية، وزيادة معدل ضربات القلب، ونزول العرق من اليدين والارتعاش فيهما، فكل هذه الأعراض هي من أعراض الرهبة الاجتماعية، كما أن هنالك أعراضاً أخرى قد تحصل للإنسان الذي يعاني من مرض نفسي؛ فإن هنالك ارتباطاً بين العوارض النفسية والعوارض البدنية وقد تؤدي بعض المشاكل النفسية إلى بعض الآثار البدنية، بل قد تصل إلى حد التأثير في تقليل نسبة الشفاء العاجل وتأخيره كما هو ثابت من وجوه كثيرة وبحوث قديمة وحديثة، فثبت بذلك أن حصول بعض الأعراض الأخرى التي لم تكن لديك كالرعشة في اليدين هو أمر وارد وهو دليل على أنك تحتاج إلى رعاية جانب عظيم من أسباب العلاج وسنشير إليه بعد تمهيد لخطوات العلاج المطلوب:

فأول ما نبدأ به هو أننا نبشرك بشرى عظيمة أن ما تعاني منه هو أمر يمكن علاجه وليس من الصعوبة أن يتم ذلك قريباً وعاجلاً بإذن الله تعالى، بل إننا نلمس من خلال كلماتك ومن خلال صبرك الطويل على العلاج والبحث عن السبل الممكنة أنك بالفعل قد وقفت على أساس عظيم من أسس الشفاء والعلاج العاجل! وهذا الأساس هو العزيمة والهمة والإرادة القوية على طلب الشفاء، فأنت ـ بحمد الله ـ صاحب همة عالية في طلب الشفاء وفي تحصيل أسباب خروجك من هذه المعاناة، فقد قطعت نصف الطريق إلى العلاج بحمد الله تعالى ولم تبق إلا خطوات يسيرة هي في متناول يدك قد جعلها الله تعالى بين يديك فاحرص عليها، وقبل سرد هذه الخطوات نود الإشارة إلى أنك لا تعاني فقط من الرهبة الاجتماعية بل تعاني أيضاً بحسب الظاهر من القلق، فالذي لديك مزيج من القلق ومن الرهبة الاجتماعية، بل إن القلق قد يكون هو الباعث الحقيقي على هذه الرهبة والتي قد تكون أثراً من آثاره مع وجود التميز بينهما إلا أن نشأة الرهبة من القلق أمر وارد جدّاً، خاصة مع تعرضك لأزمات نفسية سابقة أو طريقة تربوية أثرت عليك حتى جعلتك لطيف الإحساس جدّاً (حسَّاس).
وأما الخطوات فهي كالآتي:
1- أول ما تفزع إليه وأول ما تلجأ إليه في تحصيل أي أمر تريده هو الاضطرار إلى ربك الكريم الرحمن الرحيم، فلابد من نوع خاص من اللجوء إلى الله، ونعني بذلك صدق اللجوء إلى الرب الكريم جل وعلا حتى تستغيث به استغاثة الملهوف المكروب الذي يعلم ألا نجاة له إلا بربه ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )، رب (( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[الأنبياء:83]، (( لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ))[الأنبياء:87]، ( حسبنا الله ونعم والوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) فبدعائك واضطرارك إلى الله تعالى تكون محصلا السبب العظيم في الشفاء العاجل، فقد قال جل وعلا: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ))[البقرة:186]، ولذلك قال جل وعلا في موضع آخر: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ))[النمل:62].
فأول هذا الأمر عنايتك واستحضر شدة البلاء الذي نزل بك وأنزله بربك ليكشف حاجتك ويزيل ضرك واحرص على تحري أوقات الإجابة، فإنك إن وفقت لذلك فقد استمسكت بالعروة الوثقى وقد نلت معونة الله وفضله.

2- لابد لك من الانتباه أن الرهبة الاجتماعية يرجع أمرها إلى أسباب قد تكون تربوية أسرية أو نتيجة أوضاع اجتماعية عامة أو نتيجة تعرض لمواقف هزت النفس وأثرت فيها، فالتحقيق أن في الرهبة الاجتماعية نوعاً من القلق النفسي مضافاً إلى النظر إلى الناس على أنهم قد يقيمون تصرفاتك وأحوالك فينظرون إليك نظرة ما، مع ما قد يكون لديك من قلة الاختلاط بالناس في أثناء طفولتك أو أول شبابك، فهنالك شيء من ضعف الثقة بالنفس لابد أن تعمل على إزالته وأن تستبدله بالثقة في نفسك وفي قدراتك الاجتماعية، وأول طريق في ذلك بل لا طريق غيره هو أن تستمد هذه الثقة بنفسك من ثقتك بالله جل وعلا! فلابد أن تقوي ارتباطك بطاعة الله قدر استطاعتك، فإن قلب المؤمن القريب من ربه العامل بخشيته وتقواه قلب راسخ قوي ثابت الجأش؛ لأنه يستمد قوته وثقته من الملك العظيم جل جلاله، فابذل وسعك في طاعة الله وأنت كذلك إن شاء الله وإنما المقصود هو الإشارة والتذكير، فهنالك رعاية حدود الله والبعد عن المحرمات والسعي في تكميل النفس بالفضائل، فحينئذ ستجد من نفسك قوة وثباتاً ورسوخاً، فإن القلب المليء بخشية الله قلب جريء في الحق مقدامٌ في أمور الخير؛ فاعمل على ذلك واحرص عليه.

3- لابد من الانتباه الشديد البالغ إلى السعي في الخطوات العملية السلوكية والتي منها ما أشرنا إليه في الخطوة الأولى والثانية، مضافاً إلى ذلك أن تبدأ في علاج الرهبة التي لديك بالتدرج وعدم التعجل، فمثلاً ليس المطلوب منك أن تخوض غمار التجمعات وأن تلزم نفسك بأن تدهم أي تجمع للناس ولكن عليك بانتقاء هذه التجمعات وهذه المخالطة وأن تبدأ بها شيئاً فشيئاً، فمثلاً: حرصك الكامل على أداء الصلوات في المسجد مع الجماعة والبقاء حتى تكمل أذكار الصباح فرصة جيدة وقوية لإزالة هذه الرهبة، مضافاً إلى ذلك مشاركتك في حلقة لتجويد القرآن مع الجهر بالقراءة عندما يأتي دورك في الحلقة، وأيضاً هنالك المشاركة في الدروس والمحاضرات الإسلامية والتربوية النافعة، وكذلك المشاركة في المناسبات الاجتماعية الممكنة كالمشاركة في الحفلات والأعراس المباحة وحضورها والسلام على الناس باعتدال واضعاً يدك في أيدي الناس ناظراً إلى وجوههم مبينّاً كلامك مسمعاً صوتك متذكراً أنك إنما تفعل ما اعتاد عليه الناس وتعارفوا عليه.

4- التهيئة النفسية قبل حضور مثل هذه التجمعات، ومعنى هذه الخطوة أن تلزم التفكير المعتدل في تقييم هذا التجمع وهذا اللقاء الذي ستدخل عليه، فاسأل نفسك مثلاً: ما معنى هذا الخوف من هذا اللقاء والناس الذين سأقابلهم أناس عاديون قد تكون قدراتي العلمية والاجتماعية التي وهبني الله إياها خيراً مما عندهم، ثم النظر ماذا سيترتب على هذا اللقاء؟ إنه لا شيء مجرد لقاء، فلماذا هذا الخوف وهذه الرهبة؟ مع أخذ الفكر إلى أن الإنسان إذا كان صاحب دين وخلق لا يضره كلام الناس فيه ولا تقييمهم إياه طالما أن الله راض عنه فيهون بذلك أمر اللقاء ورهبته على نفسك، فتأمل هذا الموضع وأوله فكرك وعنايتك.

5- عليك بالهدوء النفسي؛ ومعنى هذا أن تحافظ على هدوئك وألا يحصل لك شد لأعصابك قبل اللقاء أو أثناءه أو بعده، فمثلاً قبل أن تقابل مجموعة من الناس فلا تكثر من توقع النتائج السلبية التي قد تترتب على هذا اللقاء، وأعظم ما تدفعه عن نفسك تقييم الآخرين لشخصيتك ولحركاتك وسلوكك، فلا تمر بذهنك على هذا المعنى، والزم الهدوء وعدم الانفعال الزائد الذي لا حاجة لك به.

6- تأمل في هذا المعنى: فأنت بين أمرين إما أنت تكون مخاطباً تخاطب الناس أو مستمعاً تستمع لحديثهم، ففي كلا الحالين احرص على أن تكون متحدثاً تريد إيصال المعنى إلى المستمع دون أن تفكر في حركاتك وهيئتك وطريقة أدائك الكلام وتقييم المستمع لحديثك وقدرتك، وكذلك إذا استمعت فاجعل تفهم معنى الكلام هو مقصدك ولا تلتفت إلى معانٍ أخرى، فستجد لا محالة أن هذه الأعراض التي لديك قد خفت بنسبة عظيمة جدّاً قد تصل إلى 90 %، فإذا ضبطت خواطرك وتركيزك وكررت ذلك فستجد إن شاء الله تعالى أن الرهبة تلاشت تماماً إلى غير رجعة بإذنه تعالى.

7- الحرص على الصحبة الصالحة والرفقة الطيبة التي تأنس بها وتحبها وتشاركها الحديث، فابذل جهدك في تخير الرفقة الصالحة التي تفيدك ليس في دينك فقط بل وفي دنياك وسلوكك العام.

8- الصبر على النتائج وعدم الاستعجال الشديد في طلبها، فيكفيك التحسن التدريجي، فطالما أنك تتحسن يوماً بعد يوم فأنت في تقدم وخير، مع الاستبشار لسعة رحمة الله وقرب فرجه.

9- إن كنت غير متزوج فنشير عليك بأن تحرص على خطبة فتاة صالحة، بل وأن تبادر إلى إتمام عقد الزواج، فإن هذا سيعطيك دفعة قوية في علاقتك الاجتماعية وسيجعلك أكثر تعبيراً عن مشاعرك وسيشعرك بأنك مرغوب محبوب وأن هنالك من يبذل المشاعر لك كما تبذلها له، فاحرص على هذه الخطوة إن كنت غير متزوج، وإن كنت متزوجاً فاحرص على بذل المشاعر الصادقة القوية اللطيفة لزوجتك وعبِّر لها عن مشاعرك بالأساليب المتنوعة خاصة الشفهية منها، فإن هذا يعينك كثيراً بإذن الله تعالى.

10- الحرص على تنمية معارفك الدينية والدنيوية، فإن ذلك يزيدك ثقة في نفسك ويزيد من قدراتك عن التعبير والمشاركة في المحاورات الاجتماعية التي قد تعرض لك.

وأخيراً فنحن واثقون أنك بإذن الله تعالى قادر على تخطي هذه المرحلة وعلى العمل بهذه الخطوات بنفس صاحبة عزيمة وإرادة نافذة بإذن الله تعالى، ونود أن تكتب برسالة أخرى قريبة بعد أسبوع أو أسبوعين من اتباع هذه الخطوات مع الإشارة إلى رقم هذه الاستشارة ومع ذكر النتائج التي تحصلت عليها والتي نرجو أن تكون موفقة بإذنه تعالى.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.
انتهت إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد مجيد الهنداوي، ويليها إجابة مستشار الأمراض النفسية الدكتور / محمد عبد العليم.
---------------------------------------------

جزاك الله خيراً على سؤالك وكذلك على الاستفسارات التي وردت في رسالتك، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والصحة والعافية.

الأعراض التي ذكرتها بالطبع هي من أعراض العصاب أو القلق، والذي يظهر في شكل نوع من الخوف الاجتماعي وعدم القدرة على المواجهة، وأعراضك من الواضح أنها في المكون العضوي والمكون النفسي، وكلاهما من أعراض الرهاب والخوف الاجتماعي.

للإجابة على استفساراتك: لماذا هذه الأعراض تتغير من فترة لفترة؟ نعم يعرف تماماً أن جميع الأمراض عضوية كانت أم جسدية تكون هنالك نوع من الزيادة والنقصان في الأعراض مع الاستمرار في العلاج.

وبالنسبة للحالات النفسية بالذات، هنالك أعراض قد تختفي تماماً وتظهر أعراض جديدة، التفسير لذلك هو أن الحركة الكيميائية البيولوجية التي تحدث في جسم الإنسان هي السبب في ذلك، وله تفسير أيضاً أن هذه الأعراض هي في الأصل موجودة ولكن الإنسان في بداية المرض والعلاج يكون مشغولاً بالأعراض الشديدة والقوية، وحين تختفي هذه الأعراض الشديدة تأتي الأعراض التي تليها وتشد انتباه الإنسان بصورة أكبر، كما أن هنالك بعض الأعراض قد تظهر كنوع من الآثار الجانبية للدواء، ولا أعتقد أن الرعشة التي لديك هي من الآثار الجانبية للزيروكسات، هي من صميم أعراض الخوف والقلق والرهاب، ربما أنك لم تلاحظها منذ الوهلة الأولى أو ربما تكون اشتدت قليلاً نسبة للحركة البيولوجية، وفي هذه الحالة تكون إفراز مادة الأدرانيل قد ازداد، وهو السبب، وإن شاء الله سوف يرجع لوضعه الطبيعي خاصة أنك تتناول عقار إندرال.

بالنسبة للفكرة التي تراودك أن هذه الأعراض قد تكون سحراً، هذا الأمر يراود الكثيرين، ولا شك أن الطب النفسي يقوم في الأصل على ما يشعر به المريض، ولا توجد قياسات أو فحوصات مادية تظهر للمريض أو للطبيب مدى شدة هذه الأعراض، ولا شك أن موضوع السحر والعين هي أمور منتشرة في مجتمعاتنا والإيمان بها يعتبر أمراً جازما بالنسبة للمسلم، ولكن بكل أسف هنالك الكثير من المبالغات، وهنالك تضخيم وتجسيم للأمر، كما أن هنالك من استفاد من هذا الوضع، والذي أراه – يا أخي – أن أعراضك أعراض طبية، ولكننا دائماً يجب أن نكون في جانب اليقظة والتحوط، وأن نحمي أن أنفسنا بالحفاظ على صلواتنا وتلاوة قرآننا وكذلك الأذكار والتعوذ من الحسد والعين والسحر، فهذا كله إن شاء الله كاف، وهو بالطبع مطلوب وضروري، حتى إذا رأى الإنسان أنه لم يصب بعين أو سحر أو خلافه، ولكن لابد للمؤمن أن يحافظ على الأقل على الحد الأدنى من أذكاره وتلاوته للقرآن الكريم.

ذكرتَ أن الطبيب لم يسألك عن الحالة، هذا بالطبع أمر شائع وهو أمر ربما يؤثر على الكثيرين سلباً، والأطباء بعضهم يكون مشغولاً وبعضهم يستطيع أن يشخص الحالة من الوهلة الأولى، خاصة إذا كانت الحالة ظاهرة والأعراض متميزة، ولذا قد لا يسترسل الطبيب في الأسئلة، ولكن أعتقد أن ذلك ليس بالمنهج الصحيح، حيث أن الطبيب الحاذق والجيد هو الذي يدخل دائماً في حوار ونقاش وأسئلة تفصيلية مع مريضه؛ لأن هذا في حد ذاته هو واحد من الأركان الرئيسية للعلاج الفعال والمؤثر، كما أنها تقوي الرابطة بين المريض وطبيبه.

وإني أعتذر مما بدر من الطبيب وربما يكون كما ذكرت لك أن حالتك كانت سهلة التشخيص بالنسبة له.

وبالنسبة لوصفه للزيروكسات بهذه الطريقة فهذا هو الأمر الصحيح، فمن الأفضل أن تكون بداية العلاج بجرعة صغيرة ومتدرجة، وذلك حتى لا تظهر الآثار الجانبية التي تسببها هذه الأدوية، خاصة أن الزيروكسات ربما يسبب شيءا من الشعور بعسر الهضم في الأيام الأولى إذا كانت الجرعة كبيرة، ومن الأفضل أن يتناوله الإنسان بعد الأكل وهذا هو الذي طلبه منك الطبيب.

أما بالنسبة للمراجعة فهي بالطبع للمتابعة وهي مطلوبة، وتتفاوت حسب وقت الطبيب ووضعه، وأرى أن المراجعة بعد أسبوعين قد تكون هي الأفضل، ولكن لا بأس أن تكون المراجعة كل أسبوع أيضاً.

الإندرال من الأفضل أن يؤخذ بصورة يومية في بداية العلاج، والإندرال لابد أن تجزأ جرعته لأنه لا يظل لفترة طويلة في الدم، هنالك نوع من الإندرال يعرف بإندرال LA80 هو الذي يظل في الدم لفترة طويلة، وأما الإندرال الآخر فلا يظل لفترة طويلة.

الشيء الذي أراه هو أن تأخذ هذه الجرعة ( 40 مليجرام ) مجزأة، مثلاً: 10 مليجرام في الصباح، 20 مليجرام في وقت الظهر، و10 مليجرام ليلاً، وهكذا، وبعد فترة أسبوع أو أسبوعين يمكنك أن تخفض الجرعة ثم تتناولها بعد ذلك عند اللزوم.

أرى أن تستغني عن الإندرال بعد أسبوعين من بداية العلاج حتى يكون هنالك نوع من التحسن الإيجابي ويتم التحكم في مادة الأدرانيل، خاصة أن الإندرال يعتبر مهم جدّاً لإيقاف الخفقان وضربات القلب المتزايدة وكذلك الرعشة والتعرق.
بعد أن تنتهي هذه الأعراض يمكنك بعد ذلك أن تتوقف عن الإندرال.
الإندرال يا أخي لا يسبب أعراضاً انسحابية ولكن من الأفضل أن يوقف بالتدرج؛ لأن هنالك دراسات تشير إلى أنه إذا كان هذا الدواء يؤخذ بجرعات عالية ( 100 مليجرام ) في اليوم إذا لم يسحب بصورة متدرجة ربما يؤثر على القلب، ولكن يا أخي لا ينطبق في حالتك أبداً.
الدواء يمكن أن يؤخذ ليلاً أو نهاراً، هنالك من يسبب لهم الزيروكسات نوعاً من الاسترخاء أو النعاس البسيط في بداية العلاج، ولذا ربما نفضل تناوله ليلاً، كما أن هنالك دراسات تشير أن الأعراض الجانبية مثل الشعور بالحموضة الزائدة في المعدة لا تحدث كثيراً إذا تناول الدواء ليلاً.
إذن: وقت الجرعة هو أمر يتعلق فقط للآثار الجانبية للدواء، هل هو استرخائي أم غير استرخائي؟ وهكذا.

الطبيب حين نصحك بالمواقف التي تخيفك من الضروري أن تتعرض لها، هذا بالطبع نوع من العلاج السلوكي المهم جدّاً، والمواجهة تعتبر أساسية وضرورية، وعليك أن تجرب الطريقة، وبالطبع سوف تشعر وتحس بالخوف في المرة الأولى والثانية والثالثة، ولكن بعدها سوف يختفي ويتلاشى هذا الخوف بالتدرج.

أخي: عليك بالمواجهة المتدرجة وهي ضرورية وهي العلاج السلوكي في حد ذاته، ولكن التوقف عنها بعد مرة أو مرتين هذا لن يساعد كثيراً.

والالتزام بالدواء مع العلاج السلوكي بالطبع هي أنجع وأفضل وسائل العلاج.

إذن: على الإنسان أن يأخذ بالطريقين مع بعضهما البعض، وهذا بالتأكيد يعتبر هو العلاج الأفضل؛ لأن العلاج السلوكي يدعم العلاج الدوائي والعلاج الدوائي يدعم العلاج السلوكي، والعلاج السلوكي الصحيح هو القائم على المواجهة وعلى عدم التجنب، ولابد أن تحقر الفكرة.

والعلاج السلوكي من فوائده أنه يضمن عدم الانتكاسة، والدواء يعاب عليه أن الإنسان قد يتحسن بصورة ممتازة ولكن إذا توقف عن العلاج فهذا ربما يؤدي إلى الانتكاسة.

فالعلاج السلوكي إذا اتخذه الإنسان منهجاً في حياته وهو بسيط جدّاً يضمن إن شاء الله عدم وجود أي آثار للمرض وسوف يختفي ولن تحدث انتكاسات أخرى.

أخي لا شك ولابد أن الالتزام بطبيب واحد هو الأفضل، الطبيب الذي ترى أنك مرتاح ومطمئن له، الطبيب، الطبيب الذي ترى أنه موثوق وصاحب علم ودين وخلق، فهذا هو الطبيب الذي من الأفضل أن تستمر معه وهم الحمد لله في منطقتنا كُثر.

وبالنسبة لمدة العلاج فهي تتفاوت من شخص لآخر، وأقل مدة للعلاج هي ستة أشهر، وهنالك شبه إجماع في المحافل العلمية النفسية المعتبرة وهو أن الاستمرار على الدواء لفترة طويلة يجعل الموصلات العصبية في وضع مريح ويمنع حدوث الانتكاسات المرضية، ولا تخف يا أخي من مدة العلاج مهما طالت؛ لأن هذه الأدوية الحديثة سليمة جدّاً، كما أن ظروف الإنسان ومدى استعداده للمرض تعتبر أيضاً من العوامل الضرورية التي تحدد مدة العلاج.

بالنسبة لسؤالك الأخير وهو هل هذه الأعراض لها علاقة بمفعول الدواء أم هي من أعراضه الجانبية؟ فالزيروكسات لا تسبب أعراضا شديدة كما ذكرت لك أن بعض الناس يعاني من سوء الهضم قليلاً وربما يسبب صداعاً بسيطاً، أما الرعشة فهي ليست من الأعراض المعهودة إلا إذا بدأ الإنسان بجرعة كبيرة، والرعشة تعتبر من الأعراض التي تحدث إذا أوقف الإنسان هذا الدواء بصورة مفاجئة وبسرعة، فعليه أرجو أن تصبر على هذه الأعراض وسوف تختفي بإذن الله تعالى، ربما يكون فيها شيء من أثر الدواء والحركة الكيميائية بالرغم من أنها ليست من الأعراض المعهودة – كما ذكرت لك – وفي ذات الوقت هي بالطبع من صميم الأعراض المرضية التي لديك في الأصل.

والذي أراه أن تستمر وتصبر على العلاج، وكثيراً من الناس تحدث لهم أعراض جانبية حتى وإن لم يجربها الآخرون مع بداية الأدوية، وكما ذكرت لك هي ربما تكون ناتجة عن الحركة والنشاط والمتغيرات الكيميائية البيولوجية التي تحدث في الموصلات العصبية.

كما نصحتك سابقاً أخي الفاضل من الأفضل أن تبدأ في تناول الإندرال، وهو دواء ممتاز جدّاً لعلاج الخفقان والرعشة والتعرق، ويؤدي إلى ارتياح جسدي عام، خاصة فيما يخص الأعراض المتعلقة بالقلق والعُصاب والرهاب والخوف.
وأخيراً أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً