الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توصيف مرض البايبولر وعلاجه

السؤال

السلام عليكم.
أنا مريض بالبايبولر (Bipolar) منذ حوالي 3 سنوات، وقد دخلت المصحة النفسية لمدة أسبوعين، ومن ثم بدأت أخذ التيجريتول والهوليبوريدول والفافرين والبروبانول، وقد تم تغيير الأدوية أكثر من مرة، والآن آخذ الزبركسا والتجريتول والافكسور والريسبيردال.
المشكلة في نوبات الاكتئاب التي تعاودني من حين لآخر، وكذلك النوم الكثير، حيث إنني أنام لمدة قد تتراوح ما بين 10 إلى 15 إلى 24 ساعة في بعض الأحيان.
أرجو شرح هذا المرض وأي الأدوية التي تناسبني؟!
وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن السعدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرض البايبولر أو ما يعرف بالمرض الوجداني ثنائي القطبية، هو من الأمراض النفسية المعروفة والتي حدثت فيها الكثير من التطورات والأبحاث في الآونة الأخيرة، وهذا المرض أصبح الآن يقسم إلى عدة أنواع -أربعة أو أخمسة - وكثير من الحالات كانت لا تشخص في الماضي أو تشخص تشخيصاً خاطئاً، وقد اتضح أنها في حقيقة الأمر هي اضطرابات ثنائية القطبية.

وباختصار شديد في هذا المرض يتناوب الإنسان مزاج اكتئابي ومزاج انشراحي، بمعنى أنه ربما يصاب بنوبة اكتئابية شديدة قد تستمر أيام أو أسابيع أو شهور، ثم بعد ذلك قد تتحسن حالته، وبعد هذه الفترة ربما يصاب بنوبة اكتئابية أخرى أو يصاب بنوبة ارتفاع في المزاج وانشراح وهوس وهكذا.

إذن؛ هناك تبادل ما بين القطبين القطب الاكتئابي والقطب الانشراحي، ولكن لا تعتبر الصورة مثالية في جميع المرضى، لقد رأينا مرضى تأتيهم نوبات الاكتئاب متكررة لفترة طويلة، ثم بعد عدة سنوات قد تظهر لديهم نوبة انشراح واحدة، والعكس صحيح، وهذا الأمر مفهوم لدى الأطباء.

وهذا المرض حقيقة ربما تلعب الوراثة دوراً فيه، ولكن لا أقول الإرث المباشر، فهناك بعض الأشخاص لديهم بعض الاستعداد الجيني لهذا المرض، أرجو أن لا يكون هذا الأمر مزعجاً بالنسبة لك، حين أقول (الوراثة) أعني الاستعداد الإرثي مثلما يحدث في السكر والضغط وخلافه.

والأدوية التي تعالج هذه الحالة كثيرة، وهناك الآن نظام علاجي معروف، هناك المدرسة الأمريكية، وهناك المدرسة الأوروبية، فالمدرسة الأمريكية تركز تركيزاً قاطعاً على الأدوية التي تكون ضابطة للمزاج، أي الأدوية التي تمنع تقلب المزاج، ومن هذه الأدوية عقار يعرف باسم (ليثيم)، وعقار آخر يعرف باسم (دباكين كرونو)، وعقار ثالث يعرف باسم (تجرتول)، وعقار رابع يعرف باسم (لامكتال).

وهذه الأدوية (دباكين، تجرتول، لامكتال) هي في الأصل أدوية مضادة لمرض الصرع، وتستعمل في علاج الصرع، ولكن اتضح أنها أدوية فعالة جداً وممتازة جداً في علاج اضطرابات المزاج ثنائي القطبية، ويعتبر (الدباكين كرونو) الآن هو الدواء الأمثل، فالمدرسة الأمريكية تميل إلى استعمال هذه الأدوية فقط.

وهناك مجموعة أخرى من الأدوية وجد أيضاً أنها تؤدي إلى انتظام في المزاج، وهذه الأدوية في الأصل هي أدوية مضادة للذهان وللأمراض العقلية، منها عقار يعرف باسم (رزبريدان)، وعقار آخر يعرف باسم (زبركسا) وأنصح أن تتناوله، وعقار آخر يعرف باسم سيروكويل (Seroqul).

والمدرسة الأوروبية تميل أن يعطى الإنسان من الأدوية الأولى المضادة للصرع مثل (ليثيم)، وجرعة صغيرة من الأدوية المضادة للذهان مثل (الزبركسا)، وأنا من أنصار ذلك.

وبالنسبة للإيفكسر واللسترال فهي أدوية مضادة للاكتئاب، والكثير من الأطباء الآن حسب الأبحاث الحديثة لا يستحسن إضافة هذه الأدوية لمرضى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، حتى وإن كان الاكتئاب عليهم شديداً؛ لأنه قد وجد أن ذلك ربما يؤدي إلى تسارع الانتكاسات، وبصفة عامة الإكثار من الأدوية ليس جيداً، حيث أنها تتفاعل مع بعضها البعض سلباً، كما أنها مكلفة، وفي ذات الوقت قد تؤدي إلى الخمول والتكاسل وزيادة النوم كما حدث لك.

وإني أرى أن حالتك ما دامت مشخصة بالبايبولر أي اضطراب وجداني ثنائي القطبية، سيكون العلاج الأمثل لك هو (دباكين كرونو)، وجرعة صغيرة من (الزبركسا)، فتناول حبتين من الدباكين - أي 1000 مليجرام ليلاً -، وزبركسا خمسة مليجرام ليلاً، هذا هو الذي سيكون ممتازاً وجيداً جداً لك من الناحية العلاجية.

ولابد من الاعتماد أيضاً والإصرار على الآليات الأخرى للعلاج، أي الآليات غير الدوائية، مثل الرياضة فهي مهمة جداً، مارس الرياضة، ولا تكن كسولاً، وعليك أن تتواصل اجتماعياً، وعليك أن تكثر من فعاليتك في محيط العمل، فهذه أمور مهمة جداً وتساعد كثيراً في إزالة هذا المرض.

ومن أسوأ الأشياء التي قد تحدث مع مثل هذه الحالات النفسية هي حالات الركون والجمود والخمول إذا تابعها الإنسان سوف يتكاسل أكثر، ولكن صدقني الإنسان يمكن أن ينقذ نفسه من هذه الدائرة - دائرة الخمول والتكاسل -، وذلك بإدارة الوقت بصورة صحيحة، أي أن تقسم وقتك، وأن تمارس الرياضة، وأن تداوم على المسؤوليات الاجتماعية والعملية، فكلها إن شاء الله تساعد كثيراً.

وبالطبع الالتزام بالواجبات الدينية والدعاء يعتبر إن شاء الله من الأشياء التي تحفظ الإنسان من هذه الأمراض وتؤدي إلى تحسنه وعلاجه.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية لينا

    يارب انت الشافي اشفى كل مريض بهذا المرض

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً