الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعاني أختي من الصرع في حالة متقدمة ولا يمكننا إجراء الجراحة، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعاني أختي من الصرع، وبدأت أعراض المرض بالظهور بعمر السنتين، الأعراض تكون على هيئة تشنجات في الجانب الأيسر من الوجه، واعوجاج الفم مع حركة العين السريعة، ذهبنا إلى العديد من الأطباء، والأغلب قام بتشخيص الحالة تشخيصا غير صحيح حتى أكرمنا الله بدكتور متميز قام بتشخيص الداء، وأعطاها علاج تجريتول شراب، وابيتريل 05 مل، وبعد فترة أضاف الديباكين شراب، وكانت الحالة -بفضل الله- مستقرة، تتعب مرة كل شهر، أو مرة كل ثلاثة أسابيع، أو كل شهرين، وهكذا إلى عمر 14 سنة، كل هذا من فضل الله علينا، كانت الحالة مستقرة.

توفي الطبيب المعالج -رحمه لله-، ومن هنا بدأت المعاناة، فقد ذهبنا لأكثر من طبيب، كل طبيب نذهب له ونستمر بالعلاج معه لفترة من الزمن، ولكننا نلاحظ بأن الحالة تتدهور، فنتركه ونذهب لغيره، في البداية كانت حالة الصرع لا تراود أختي إلا عند النوم، أما الآن فهي تراودها في كل الأوقات، وتم حجزها في المستشفى أكثر من 50 يوما، خمسة أيام في الرعاية المركزة؛ لأن النوبة الصرعية استمرت لأكثر من 36 ساعة متواصلة، -ولا مبالغة في ذلك-، ثم خرجت من المستشفى دون أن يكون هناك أي تقدم.

ذهبنا إلى استشاري مختص في جراحة المخ والأعصاب، وأخبرنا بأن سبب معاناتها هو البؤرة الصرعية في الفص الأيمن من المخ، وأنها متصلة بمركز الحركة ومركز الكلام، مما يعني أن التدخل الجراحي شديد الخطورة، والإمكانيات في مصر ضعيفة في مثل هذه العمليات الخطرة.

علمنا بقدوم خبير الماني إلى مصر، ذهبنا له وقال بأن العلاج الكيميائي أكثر أمانا من التدخل الجراحي، أو أنها تحتاج إلى زراعة جهاز يقوم بتنظيم الكهرباء التي تصل إلى المخ؛ مما يعني تقليل النوبات جدا، ولكنه غالي الثمن، وليس أمامنا إلا الدواء، لكنه لا يتحكم بالنوبات، فهي تتعب أكثر من 15 مرة يوميا، أغلب التعب يكون وهي نائمة، بالإضافة إلى التعب الذي تعانيه وهي مستيقظة، والدكتور المعالج يقول ليس في وسعي أفضل من ذلك.

أجرينا العديد من رسومات المخ العادية ورسومات الفيديو وهي نائمة، بالإضافة إلى أشعة الرنين المغناطيسي 1.5، تسلا 3 تسلا، بالإضافة إلى الأشعة المقطعية، والعديد من تحاليل نسب التيجريتول والديباكين في الدم، وليس هناك أي تقدم، أصبحت لا تذهب إلى المدرسة بسبب التعب، وليس لنا إلا الله لنرجع له، ذهبنا إلى العديد من الأطباء والاستشاريين ولا جديد، وهي الآن تتناول الأدوية التالية: قرص سيداميكس، 6 أقراص تيجريتول 200، 5 أقراص تيراتام، 6 أقراص ديباكين كروم 500، قرصين كونفيجران ، وأكثر الأطباء قال بأن الأدوية كثيرة، وكذلك طبيبها إلا أنه يقول بأنه جرب معها كل الأنواع ولكنها لا تستجيب.

أرجو المساعدة والدعاء بالشفاء، وأن يرفع الله عنا البلاء والكرب العظيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طالب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى لأختك هذه العافية والشفاء، وأن يكتب الله تعالى لها الأجر على هذا الابتلاء، وكذلك لكم.

أنا لا أريد أن أكون متشائماً أبداً، ولا أريد أن أعطيك رسائل سلبية، لكن في ذات الوقت لا بد أن أكون مهنياً وصادقاً معك، هنالك بعض الحالات التي تكون مقاومة للعلاج، هذا أمراً لا شك فيه، ومتفقاً عليه حوالي 5 إلى 15% من نوبات الصرع، وقد يصعب التحكم فيها، وأنتم الآن قد طرقتم كل الأبواب الممكنة، والكلام الذي ذكرته والإجراءات التي تمت من فحص ورسومات للمخ عادية وبالفيديو وهي نائمة، هذه هي الأشياء العلمية المتاحة، وهي فحوصات دقيقة وجيدة، ومصر -الحمد لله تعالى- مليئة بالمختصين في مثل هذه الحالات، وقطعاً الطبيب الذي عرضت عليه أو الذي يباشر علاجها الآن مدركاً تماماً حالاتها وأبعادها وكيفية مساعدتها.

الشيء المتاح الآن هو العلاج الدوائي، والذي أراه هي أن تستمر على علاجاتها الدوائية، والطبيب يمكن أن يعدل من وقت لآخر، وكثيراً ما تكون هنالك أدوية يعتقد أنها ضعيفة جداً، لكنها تفيد في كثيراً من الأحوال، وهنالك أمر مهم جداً وسوف يراعيه الطبيب وهو أن الأدوية في بعض الأحيان تكون لديها تأثيرات سلبية فيما بينها، مثل عقار التيجراتول، هي الآن تتناول الجرعة القصوى، وهذا دواء ممتاز ولا شك في ذلك، لكن يعاب عليه أنه ونسبة لمفعوله على أنزيمات معينة في الكبد ربما يضعف مستوى الأدوية الأخرى في الدم، وهذا الأمر معروف يعرفه الأطباء، لكن في ذات الوقت -الحمد لله تعالى- تناول الدباكين يساعد على رفع مستوى الأدوية الأخرى في الدم، فإذاً هنالك نوع من التعادل.

الذي أراه -أيها الفاضل الكريم- هو أن تستمر على نفس المنهج العلاجي، لا داعي للتنقل بين الأطباء، وفي ذات الوقت أن نحاول أن نجعل هذه البنيه مرتاحة بقدر المستطاع من الناحية النفسية، أن نشجعها، أن نجعلها غير مهمومة، أن تكون في حالة استرخاء، هذا دائماً سوف يشجعها، وربما يؤدي إلى تقليل النوبات، هذا أمر مهم جداً و-إن شاء الله تعالى- يفتح الله عليكم وعليها بطريقة علاجية تفيدها، والطب في تقدم وفي استمرارية إيجابية جداً، وعليكم بالدعاء.

وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر طالب الجنان الازهري

    جزاكم الله خيرا . اللهم من علينا برفع هذا البلاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً