الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس جعلني أتشتت فكريا ونفسيا، وأعيش التعب والحزن، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل خمس سنوات كنت طبيعيا، ثم بدأت معي الوساوس المتعلقة بالدين والنظافة والعنف بشكل تدريجي، وأفعال قهرية مثل إعادة الوضوء وغسل اليدين وقراءة المعوذتين مرات عديدة، وتدهورت حياتي، وانخفض وزني، وتدنى مستواي الدراسي.

بعد سنة تكيفت مع الحالة، واختفت الأفعال القهرية، فحاولت تنظيم حياتي عن طريق كتابة الأهداف والتخطيط، إلا أنني واجهت صعوبات عديدة، كالميل إلى الإفراط في التنظيم والدقة، ولم أخرج بالنتيجة المرجوة، وواجهت مشاكل في الدراسة متعلقة بالميل إلى المثالية في التنظيم والترتيب، وأصبحت كذلك أشعر بالتشتت وعدم ارتباط و تناسق الأفكار فيما بينها، إضافة إلى قلة الاستيعاب، وبسبب ذلك لم أعد أتميز بالنجاعة والفعالية، وأصبحت أواجه صعوبة في التركيز والفهم.

خلال السنة الرابعة قل الوسواس بشكل كبير جداً، أصبحت أتغلب عليه بسهولة، مع استمرار شعور تشتت الأفكار، وصعوبة التركيز والفهم، والشعور بالإرهاق الفكري والجسدي، والخوف من المستقبل، كون أنني كنت ولا زلت أطمح إلى التفوق، ولدي الكثير من الأهداف والأحلام.

في السابق كانت لي القدرة على الدراسة والعمل بشكل مكثف، والقيام بالعديد من الأمور بسهولة، لكن الأمر لم يعد كذلك، وأصبحت ملامح الاكتئاب تظهر بشكل واضح.

بالرغم من تخوفي من الآثار الجانبية للأدوية النفسية، راجعت الطبيب النفسي، ووصف لي سيروكسات جرعة 30 مغ يوميا، فبدأت أشعر بالتغيير بشكل تدريجي منذ اليوم الأول، فأصبحت أفكاري إيجابية، أنهض صباحا بلا تعب ولا إرهاق، نشيطا أحب ممارسة الحياة بكل صورها، تغيرت حياتي ْ180 درجة.

بعد 3 أشهر من العلاج قام الطبيب بتخفيض الجرعة إلى 20 مغ، مع مراجعة بعد شهرين، لكني عدت إليه قبل الموعد لأني لاحظت قليلا من التراجع، فأعاد جرعة 30 مغ، ورغم ذلك استمر التراجع حتى رجع المرض كما كان قبل العلاج، علما أني أتناول الدواء بشكل منتظم.

الآن أعاني الأعراض السابقة، لا اشعر بالتشتت وعدم تناسق الأفكار، لكني أعاني من العديد من المشاعر السلبية، مثل: الرغبة في النوم، الإرهاق، عدم التركيز، الخمول والملل، عدم الشعور بالاستمتاع،الحزن، والشعور بالذنب، ولا أشعر بأعراض تخُص الحصار المعرفي سوى بعض الوساوس الخفيفة أتغلب عليها بسهولة.

خلال السبعة أشهر الأخيرة قابلت الطبيب 4 مرَّات، لكنني لم أخبره باستمرارية التراجع، ولم أعد أقوم بالبحث ومعرفة الآثار الجانبية للدواء الذي سأقترحه على الطبيب، كنت فقط مهتما بالحصول على الوصفة الطبية للتمكن من الحصول على الدواء، وظننت بأنه ربما سيتطلب الأمر بعض الوقت بعد إرجاع جرعة 30 مغ، لترجع الأمور كما كانت عليه خلال الثلاثة أشهر الأولى من العلاج، وهذا خطأ قد ارتكبته.

أرشدوني من فضلكم، سوف أقابل الطبيب قريبا، وأريد أن أكون على دراية لما أحتاج إليه، زيادة جرعة P اروخيتيني، أو تغيير الدواء إلى Fلووخيتيني، صيرتراليني، ىسچيتالوپرام، F لوڢوخاميني، أو غيره؟

وشكرا لكم جزيلاً، جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوسواس كما ذكرتَ يبدأ في سِنٍّ مبكرة، وغالبًا يكون حول العنف والجنس والأفكار الدينية، وهذا ما حصل معك، والوساوس قد تأتي فترة يزيد فيها، وقد تأتي فترة يتوقف تمامًا أو يقل، والحمد لله - كما ذكرت - استطعت أن تتغلب عليه، وتخلصت منه إلى حدٍّ كبير، ولكن الذي حصل بعد ذلك معك هي أعراض اكتئاب، واضح أن هذه أعراض اكتئاب، وأعراض الاكتئاب قد تكون ثانوية للوسواس القهري، أو قد تكون أساسية، وأحيانًا الاكتئاب يكون معه وسواس، والوسواس يكون معه اكتئاب. هذا من ناحية شرح ما تعانين منه.

على أي حال: العلاج واحد، وهو مضادات الاكتئاب من فئة أو من مجموعة الـ (SSRIS) التي تعمل على زيادة مادة السيروتونين في الدماغ، والعلاج الأفضل هو علاج دوائي وعلاج نفسي في نفس الوقت، والأفضل أن نجمع بين الاثنين (العلاج الدوائي والعلاج النفسي).

نصيحتي لك الآن - الأخ الكريم - عندما تذهب إلى الطبيب يجب أن تُخبره بأي شيءٍ حصل معك، لأن على أساس ما تُخبر به الطبيب مما تعاني منه يقوم باتخاذ قرارته المناسبة، إمَّا بزيادة جرعة الدواء أو تخفيضه أو إضافة دواء آخر أو استبدال الدواء بدواء آخر، فإذًا أهم شيء أن تُخبر الطبيب بكل التفاصيل التي جرتْ في حياتك في الفترة التي لم تقابل فيها الطبيب، ودع الاهتمام بالأدوية وأسمائها، هذا من شغل الطبيب، وهو سوف يقوم باختيار - كما ذكرتُ - الجرعة المناسبة أو إضافة دواء آخر.

فإذًا نصيحتي لك أن تُخبر الطبيب بما يجري معك، واطلب منه إن كان في الإمكان إضافة مكون العلاج النفسي للعلاج الدوائي، فقد يكون هذا هو الشيء الذي تفقده، إضافة علاج نفسي سلوكي معرفي مع العلاج الدوائي -إن شاء الله- يأتي بالفائدة المطلوبة، وعندها الدواء - كما قلت - هنالك عدة خيارات: إمَّا أن نرجع إلى الزيروكسات بجرعته القديمة (ثلاثين مليجرامًا) أو حتى يمكن زيادته ورفع جرعته إلى أربعين مليجرامًا - أي حبتين في اليوم - هذا كلُّه وارد، ويمكن إضافة دواء آخر، ولكن أهم شيء - كما ذكرتُ لك - هو إضافة المكون العلاج النفسي مع العلاج الدوائي.

وللفائدة راجع منهج السنة النبوية في العلاج السلوكي: (272641 - 265121 - 267206 - 265003).

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر عبود

    جزاكم المولى كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً