الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الأدوية المفيدة في التخلص من الاكتئاب والقلق؟

السؤال

السلام عليكم.

موضوعي يا دكتور كبير ومفصل جداً، سأختصره ببعض السطور -بإذن الله- ابتدأت حالتي في عام 2011م، كنت أعاني من كل شيء، قلق، ورهاب، وخوف وبكاء بدون سبب، بداية الحالة كانت تفكيراً في خلقة الله، وكيف وكيف وكيف؟ في نفس اليوم أحسست أن الفكرة ملازمتني جداً، ولم أستطع الهروب منها، وفي تلك الليلة أصابني انهيار شديد وبكاء، وعدم القدرة على الصلاة، وقلق وخوف، وشعور لا يوصف، استمرت معي لمدة ثلاثة أشهر.

بعد الثلاثة أشهر بدأت حالتي في التحسن تدريجياً لمدة سبعة أشهر، وبعد السبعة أشهر أصبحت معافى -بفضل الله- ولكن ينتابني شعور بين كل فترة وفترة، شعور بسيط لا يذكر.

لم أستخدم الأدوية، وبعدها بـ 6 أشهر عادت إلي الحالة مندفعة جداً، وكانت أضعاف التي كنت أحس بها، واستمريت بالحالة من أفكار، لا أعرف كيف أشرحها؟! إلى عام 2014م، من يناير قررت الذهاب إلى طبيب نفسي بعد أن أصبحت طريح الفراش مستسلماً لجميع الأفكار، ونوبات الهلع التي كانت تنتهي بذهابي للمستشفى والوساوس والخفقان، ولا أستطيع الابتعاد عن المنزل، وشرحت حالتي ووصف لي انتابرو10 وأيضا مضاد اكتئاب آخر -لا أعرف اسمه- وأيضا أقراص اسمها انسونيل، ووصف لي أيضا تنرومين لخفقان القلب والنبضات السريعة التي كنت أعاني منها، وبدأت باستخدامها في أول يوم، واليوم التالي.

قالت لي الوالدة اعمل تحليلا لفيتامين ب وفيتامين د، وذهبت وكانت نتائج التحليل سيئة، هبوط حاد جداً، الفيتامين د كان 2.98 وفيتامين ب 140 من 1100، وبنفس اليوم استخدمت جرعات مكثفة من الفيتامين د و ب، من ثم شعرت بتحسن شديد في اليوم التالي وخلال أسبوع إلى أسبوعين عدت إلى دراستي في الجامعة واستعدت عافيتي، ولكن ليست تلك العافية التي كنت أعيشها في السابق، فقد تحسنت بنسبة 75% فقط -بفضل الله-.

علماً أني مواظب على الأدوية التي وصفها لي الدكتور، وعدت للدكتور بعد 4 أشهر، ورفع جرعة انتابرو إلى 20، ولم أثق في الدكتور، ورفعت الجرعة إلى 20 ومن ثم بدأت أستخدم الأدوية كما يروق لي، -بفضل الله- تخلصت من التنرومين لأنه لم يعد يأتيني الخفقان، وتخلصت من الانسونيل ومضاد الاكتئاب الآخر.

استمررت أستخدم انتابرو20 لمدة 3 أشهر ولم أحس بتحسن، وخفضتها بنفسي إلى 10 دون استشارة، وأريد أن أتخلص من الانتابرو، وأريد مساعدتك يا دكتور بماذا تنصحني؟

علماً أن أعراضي الحالية هي عدم الشعور بالواقع، قرأت من قبل حالة في موقع إسلام ويب، عن انفصال الواقع وبحثت واكتشفت بان اسمها تبدد الشخصية، وقرأت عنها وفرحت كثيراً، لأني وجدت وصف حالتي، كنت أعتقد أني أعاني من شيء غريب جداً، ولا أعرف أن أصفه لأحد، ولم يعرفه أحد –والحمد لله- عرفته بعد مرور 6 سنوات.

علما يا دكتور أن مرض تبدد الواقع كان يرافقني طول فترة معاناتي بالاكتئاب والقلق، وكانت تتراوح شدته وضعفه، وشفيت تماماً من مرض تبدد الشخصية، أو انفصال الواقع لمدة سنة، وعاد المرض من جديد بشكل قوي جداً.

أعاني من انفصال الواقع بنسبة 55٪‏ والحمد لله، أني أستطيع التعايش معه وتقبله وأريد علاجاً، وأفاد الله بعلمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على متابعة استشارات الشبكة الإسلامية.

بالنسبة لعقار (استالوبرام Escitalopram) وهو الـ (إنتابرو Entapro) أو الذي يُسمى تجاريًا أيضًا (سبرالكس Cipralex) دواء رائع جدًّا لعلاج قلق المخاوف، فإذا كان الرهاب أو الخوف هو العلة الرئيسية التي تعاني منها أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن تُعطي هذا الدواء فرصة أخرى، وتُدعمه بالعلاجات السلوكية.

أما إذا كانت قناعاتك أن هذا الدواء لن يفيدك فأعتقد يمكن أن تتدرَّج وتُخفضه، بأن تجعل الجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله، وفي ذات الوقت تُكثِّف من الأنشطة الرياضية، أن تمارس الرياضة باستمرارية؛ لأن هذا يُساعد كثيرًا في القضاء على أي آثارٍ انسحابية تظهر مع التوقف عن الإنتابرو. والتدرُّج الذي ذكرناه لك – إن شاء الله تعالى – لن تحدث معه آثار انسحابية حقيقية.

بالنسبة لما يُسمَّى بتبدُّل الشخصية والشعور بالتغرُّب أو الشعور بالانفصال عن الواقع أو ما يسمى بـ (اضطراب الأنّية): هذا حقيقة مصطلح يصعب تحديده في بعض الأحيان، أعراضٍ واهيةٍ تختلف من إنسانٍ إلى آخر، لا ننكر أنها مُزعجة، لكن من وجهة نظري تجاهلها سوف يُقلل منها، أمَّا التشبُّث بها والبحث عن تفاصيلها هذا قد يُعقِّد الأمور بعض الشيء.

وُجد أن مجموعة الأدوية التي تسمى مجموعة (بنزوديازيبينات benzodiazepines) مثل الـ (زاناكس Xanax ) ويعرف علميًا باسم (البرازولام Alprazolam) ربما يكون مفيدًا لعلاج انفصال الواقع أو اضطراب الأنّية، لكن هنالك محاذير شديدة حول استعمال هذه المجموعة من الأدوية ومنها الـ (البرازولام) لأنه قد يؤدي إلى التعود، لكن إذا كان الإنسان يستطيع أن يستعمله بُرشد ويتبع الإرشادات الطبية فلا مان من تناوله، والجرعة هي ربع مليجرام صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين، ثم ربع مليجرام مساءً لمدة أسبوعين أيضًا، ثم ربع مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم يتم التوقف عن تناوله، وهذا الدواء لابد أن يُوصف بواسطة الطبيب المختص.

عقار (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) أيضًا ذو فعالية لتخفيف ما يُعرف بانفصال الواقع، لأن انفصال الواقع حقيقة هنالك جوانب وسواسية فيه، كما ذكرتُ لك هو تشخيص واهٍ ومعالمه غير واضحة، والبروزاك دواء ممتاز، وهنالك من استفاد منه في علاج هذه الحالة، وهو دواء من فئة أخرى أو مجموعة أخرى من الأدوية تسمى بـ (SSRIS) غير إدماني وغير تعودي، والجرعة بسيطة، كبسولة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم يتم التوقف عنه، لأن الفلوكستين من المعروف عنه أنه ليس له آثار انسحابية، لذا التوقف المفاجئ لا يؤدي إن شاء الله تعالى إلى أي تبعات سلبية.

تعويض نقص الفيتامينات مهم جدًّا – أخي خالد – كثيرًا من نواقص الصحة النفسية تأتي من خلال نقص الفيتامينات، فأرجو أن تُصحح تلك الفيتامينات وتأخذ العلاج التعويضي، وإن شاء الله سوف يرتفع مستوى هذه الفيتامينات في الدم تدريجيًا حتى تصل إلى المستوى العلاجي المطلوب.

الرياضة لابد أن تكون جزءًا أساسيًا في حياتك، التفكير الإيجابي يهزم -إن شاء الله- المشاعر الاكتئابية وكذلك المشاعر القلقية، والبروزاك الذي وصفته لك لعلاج انفصال الواقع سوف يفيدك أيضًا في تحسين المزاج وإزالة القلق، ويُضاف إليه عقار (ألبرازولام) الذي حدَّثتك عنه سلفًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً