الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بضعف في التركيز والذاكرة بعد تناولي للعلاج!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، أدرس في كلية الهندسة، في السنة الأولى من المرحلة التحضيرية لتكوين المهندسين ( preparatoire) أصبت بمرض الوسواس القهري، وعانيت منه كثيرا، ولن أتكلم عن معاناتي، ثم بدأت في العلاج، وكنت أتناول دواء venlafaxine ( effexor,zenexor( 150 mg يوميا، وكذلك depamide ، وبدأت أتحسن تدريجيا بصفة بطيئة جدا بعد مرور عامين.

في الثلاثة الأشهر الأخيرة شعرت أني استرجعت نشاطي وتركيزي، وعدت تقريبا كما كنت، بعدها قررت أنا وطبيبي أن نبدأ في تخفيض الجرعة تدريجيا، وكنت متحمسا لذلك، ولكن بعد أشهر معدودات شعرت أن حالتي بدأت تتعكر، فقام طبيبي برفع الجرعة إلى 105 mg من tedema ( venlafaxine ( وقام بوصف دواء ثان وهوlamictal وأنا على هذا الحال منذ ست أشهر، ولكني أشعر بضعف شديد في التركيز، وفي الذاكرة، ولا أشعر بالنشاط، وإذا ركبت سيارة يغلبني النعاس، ولا أستطيع السيطرة عليه.

وشكرا لكم على هذا الموقع المفيد جدا، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ربيع بن أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

الذي يتضح لي أن لديك مزاجا اكتئابيا مع وجود الوساوس القهرية - كما تفضلتَ - وأعتقد أنك في هذه المرحلة، وفي هذا العمر من الشباب الجميل يجب أن تُركز على الوسائل العلاجية غير الدوائية، أول ما تُركّز عليه هو تحقير الفكر الوسواسي وعدم مناقشته، وكذلك عدم إعطاء فرصة للفكر التشاؤمي.

كثيرًا ما تكون الاضطرابات المزاجية ثانوية لطريقة تفكيرنا الخاطئ، نعم هذه الأفكار قد تتساقط علينا، وقد تكون ليست تحت إرادتنا مائة بالمائة، لكن يمكن لفظها، يمكن طردها، يمكن تجاهلها، يمكن تحقيرها، يمكن عدم الاسترسال فيها.

إذًا اسعَ دائمًا للتخلص من المشاعر السلبية ومن الأفكار السلبية واستبدالها بما هو إيجابي، ومن رحمة الله بنا كل فكرٍ سلبي هنالك ما يُقابله من الفكر والمشاعر الإيجابية، إذا كان هنالك شر، فالخير موجود، وإذا كان هنالك من باطل فالحق موجود، وإذا كان هنالك ما هو قبيح فهنالك ما هو جميل، وهكذا.

إذًا تحتاج لنوع من الترويض والتمارين النفسية، هذا يتطلب منك التدبر والتأمُّل.

الخطوة الأخرى وهي مهمة جدًّا من ناحية العلاج: هي تنظيم الوقت، الوقت إن نظمته تستطيع أن تُدير حياتك بصورة فعّالة، وحين تكون هنالك فعاليات في الحياة يتغير المزاج ويتبدّل ويُصبح إيجابيًا.

أنصحك بالنوم الليلي المبكر، الاستيقاظ لصلاة الفجر، وبعد ذلك تبدأ نشاطاتك اليومية، وحين نتكلم عن النشاطات اليومية لا نتحدث فقط عن العمل أو الدراسة، الإنسان من حقه أن يقوم بكل شيء: التواصل الاجتماعي، الترفيه على النفس بما هو جميل، ممارسة الرياضة وُجد أيضًا أنها تمثل ركيزة استشفائية مهمة جدًّا؛ لأن الرياضة تُحسِّن الإفرازات الدماغية التي تعمل الأدوية النفسية لتحسينها، فإذًا حين نؤدي إلى طفراتٍ إيجابية في إفراز هذه المواد الكيميائية بصورة طبيعية من خلال ممارسة الرياضة فهذا أمرٌ ممتاز.

فاجعل - أخي الكريم - هذا هو منهجك، وكل الإجهاد النفسي والجسدي وضعف التركيز الذي تعاني منه لا يتحسَّن إلا من خلال النوم الليلي المبكر؛ لأن خلايا الدماغ تُرمَّم في فترة الليل.

قراءة القرآن بتدبُّر وبتمعُّنٍ، قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت}، {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}، وتنظيم الوقت وتنظيم الغذاء والإكثار من التواصل الاجتماعي والاطلاعات... هذه - أخي الكريم - هي الوسائل التي أنصحك بها من الناحية السلوكية.

أما من الناحية الدوائية فالفلافاكسين دواء رائع، واللامكتال دواء داعم، فأنا أُقِرُّ تمامًا العلاج الدوائي الذي قرره طبيبك، اصبر على اللامكتال كدواء داعم؛ لأنه بطيء الفعالية، لكن فعاليته ممتازة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً