الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف والقلق مع الأقرباء ولا أشعر بذلك مع الغرباء!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 23 سنة، لا أعلم ما هي حالتي بالضبط، ولكنني أعتقد مبدئيا أنها رهاب اجتماعي، فعندما كنت في مرحلة الطفولة كنت طفلاً حيوياً جداً، واجتماعياً أشارك في جميع أنشطة المدرسة، حتى وصل عمري لـ 13 سنة لا أعلم ماذا حدث بعد ذلك؟ فقد أصبحت أخشى نظرات الناس وضحكاتهم علي مهما كان السبب.

وإليكم تفصيلاً لمشكلتي، لعلي أجد لها حلاً عندكم:

1- أخشى أن أكون محط أنظار الناس، خاصة إذا كانت علاقتي مع هؤلاء الناس متوسطة إلى سطحية، مثل: ( أولاد عمي- أخوالي- أعمامي- عماتي)، لكن في المقابل لا أخشى نظرات المقربين مني جداً مثل:(أصدقائي، أو أهلي في المنزل، أو خالاتي)، ولا أخشى نظرات الأغراب الذين لن يجمعني بهم أي لقاء) بمعنى أنني مستعد لإلقاء أي كلمة، وأن أكون محطاً لأنظار الناس، بشرط أن يكونوا من الأغراب ولا ألتقي بهم مرة أخرى، أو من الأصدقاء المقربين لي جداً، وأعتقد أن هذا بسبب اهتمامي برأي الناس بي.

2- يحّمر وجهي، وتتغير ملامحي بشكل واضح، وأصبح مثيراً للشفقة، خاصة إذا كانوا يسخرون مني أو يضحكون علي، مهما كان سبب ضحكهم، وأميل للعزلة، ولكن بشكل متوسط أيضاً، ولا أحب أن أدخل مناسبة بمفردي، ولا بد أن يكون معي أحد من الأشخاص.

3- أمتلك مخزوناً ثقافياً ممتازاً، وأستطيع التحدث في أمور عدة، ولكنني لا أبرز هذه الثقافة إلا أمام المقربين مني جداً، أو الأغراب، أما الأشخاص الذين علاقتي بهم متوسطة، فأخشى أن أتحدث أمامهم لأنني أخشى أن يقولوا عني أنني أستعرض.

المثير للعجب أن هذه المشاكل لا تأتي إلا عندما يكون الموقف متعلقاً بأشخاص علاقتي معهم متوسطة، مثل: (أولاد عمي، أو أقاربي الذين ليس لي علاقة قوية بهم)، أما الأشخاص الذين علاقتي بهم قوية، أو الغرباء الذين أعلم أنني لن ألتقي بهم سوى لمرة واحدة، أو مرتين، أكون شخصاً مختلفاً واجتماعياً، ولا أخشى أحداً، ربما لأن مشكلتي هي من سخرية الناس بي.

4- علاوة على ذلك، أعاني من قلق شديد من أبسط الأمور، وأعاني من وسواس بدرجة متوسطة، ولكن القلق والوسواس لا يؤذينني كالرهاب، فما تشخيصكم لحالتي؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الأخ الكريم: واضح جدًّا مما ذكرته في استشارتك أنك تعاني من أعراض القلق الاجتماعي، وأيضًا تتميز بشخصية حسّاسة، ولذلك تتجنب بعض الناس، وتنعزل لهذه الأسباب.

أما تفسير حدوث هذه الأشياء عند الناس متوسط القرابة -كما ذكرت-، فهذا يتماشى مع حساسيتك، الأشخاص المقربون منهم طبعًا اعتدتَّ عليهم، ولا تشعر بأي حساسية تجاههم، أما الأشخاص البعيدون عنك، أو الغرباء أيضًا، هنا الحساسية تذوب، ولذلك تزيد في متوسط القرابة، لأنهم يعرفونك، وبالتالي تحس أو تتساءل عن ردة الفعل عمَّا تفعله، أو ما يحصل منك أمامهم.

على أي حال: أرى أنك تحتاج لمساعدة، وواضح من خلال استشارتك أنك تحتاج إلى مساعدة بالعلاج النفسي فقط، ولا تحتاج لأدوية في المرحلة الحالية، والعلاج النفسي يكون هو العلاج السلوكي المعرفي، ومن الأفضل أن يكون تحت إشراف شخص له دراية بهذا النوع من أنواع العلاج، سوف يقوم بتحليل سلوكي أكثر مما ذكرتَه، لتحديد بدقة المواقف التي تحصل لك في هذه الأشياء، وتصنيفها حسب قوتها وضعفها، وقد ذكرت بعضًا منها الآن، ومن ثمَّ وضع خطة علاجية تتمثّل في المواجهة المتدرجة والمنضبطة لهذه المواقف، تبدأ بالأقل إحداثًا للمشاكل أو الأعراض، والأصعب في الأصعب، وعادةً يتم هذا من خلال جلسات أسبوعية، ومدتها ساعة تقريبًا، وتحتاج من عشرة إلى خمس عشرة جلسة، حسب تقدمك في العلاج، وعادةً تُعطى واجبات منزلية لتطبيقها بين الجلسات، ومن ثمَّ مناقشتها مع المعالج النفسي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً