الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي أساءت فهم تصرفاتي فمرضت، كيف أقنعها بقصدي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن يفسح صدركم لي وأن لا أثقل على حضراتكم، وأستحلفكم بالله أن لا تهملوا رسالتي فأنا أملي بالله ثم بكم كبير.

أنا فتاة عمري27 عاما، ملتزمة بديني، ولدي ضمير يقظ يحاسبني باستمرار، وأجد حلاوة في الاعتراف بأخطائي والاعتذارعنها والاجتهاد لإصلاحها، وأحب حسن الظن بالناس.

لدي صديقة أعتبرها بمثابة أخت لي، ذات يوم حدث لي أمر فظيع لم أستطع أن أخبر صديقتي به، لشدة خصوصيته، ومن وقت حدوث هذا الأمر وأنا في كرب شديد لا يعلمه إلا الله، لأنه ومن ذاك اليوم حتى اللحظة التي أكتب فيها لكم وصديقتي تتهمني وتصفني بصفات يشهد الله أنها غير موجودة بي، وتلومني على أفعال عندما فعلتها كانت نواياي وأهدافي خيرا، عكس ما فهمت هي تماما، ولكنها تصدر ردات فعلها على حسب ما تفهمه هي، وتظل متمسكة بها مهمها أقسمت لها أني بريئة، وليس حسب حقيقة ما أقصده أنا، فتتعب وتمرض مرضا شديدا، وكلما زاد مرضها زاد سوء فهمها لمقاصدي، فأقسم لها أنني لم أقصد إيذاءها وأبكي بحرقة، وأخبرها أنها لم تفهم ما أقصده، وأحاول أن أشرح لكن لا تتقبل مني ولا ترضى سوى بما هي فهمته، وإن أصررت على دفع الظلم عن نفسي، تتعب وتعصب وتمرض.

وأنا كما أسلفت أخاف ربي كثيرا، ولدي ضمير يقظ فأظل أستغفره على ما حدث لها من مرض وتعب لم أقصده، والله يعلم نيتي، وأظل أعتذر منها ببكاء على ما أصابها من تعب لم أقصده، بل قصدت معاني خير، عكس الذي هي فهمته، ولكنها تبقى مصرة على تفكيرها عني، وكلما حاولت دفع الظلم عن نفسي تزيدني قهراً بردود فعلها بفهم عكس ما أقصد، وأنا ألجأ إلى الله عز وجل في ثلث الليل، وكل أوقات الإجابة، وأحافظ على صلواتي وذكر الله، وأخشاه.

لا أدري ماذا أفعل، أحس بقهر شديد، وأبكي بحرقة، ولا أستطيع رد الظلم عن نفسي، وإن حاولت يكون مصيري زيادة الظلم أكثر، حتى أنها تبقى تردد لي: لا تتحدثي معي وكأنك مظلومة!

ألا يعد هذا ظلماً لي؟ فهي تظل تخبرني أنها واثقة جدا أنها لم تظلمني في فهمها لتصرفاتي وأقوالي.

أصبت بالقهر وأكاد أجن، يعلم الله أنني صادقة وأصبحت أخاف الدفاع عن نفسي، وقبلت على نفسي القهر والظلم بما لم أفعله في سبيل عدم إيذاء صحتها.

أرشدوني ماذا أفعل لأتخلص من قهري، ولكي تصدق صديقتي أنني بريئة من كثير من الأفكار الباطلة التي فكرت فيها تجاه أقوالي وأفعالي؟ فقد عجزت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

آسفة على الإطالة، ولكم الشكر مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الواثقة بالرحيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

طباع الناس تختلف من شخص لآخر، وفقه النفوس مهم جدا ليكون التعامل معها وفق سلوكياتها، فصديقتك هذه حساسة جدا وتدقق في تصرفات الآخرين تجاهها وتبحث ما وراء ذلك التصرف وفق فهمها هي، لا وفق نية الآخرين، ولا تعتذر لهم ولا تقبل العذر منهم، وهذه صفة غير جيدة فيها، وستتعب في حياتها وستفقد صديقاتها، بل ربما تحدث بينها وبين زوجها مشاكل كثيرة بسبب سوء فهمها وعدم تقبلها للاعتذارات، وفهم المقاصد.

والذي أنصحك به هو أن تقللي من الاحتكاك بها، وتدققي في كل كلمة وفعل تفعلينه، وبالتدريج قللي من التعامل معها والاحتكاك بها، فيكون في البداية مثلا كل أسبوع ثم كل عشرة أيام ثم كل عشرين يوما ثم كل شهر وهكذا، مع انتقاء الكلمات أثناء التحدث معها، فهي ليست من أرحامك الذين ستسألين عنهم، حتى لو وصل مدى التواصل معها كل خمسة أشهر أو أكثر، واستعيضي عنها بصديقات أخريات يفهمنك وتفهمينهن، وبهذا سيرتاح بالك، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله تعالى، وتوثيق الصلة به، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً