الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس أتعبني وعقار الدوجماتيل لم ينفع معه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي وسواس يتكلم معي داخل نفسي منذ سنوات، ولا ينقطع أبدا، ويتدخل بكل تفكيري، ويعيد المواقف التي تحصل ويفسرها هو وكأن هناك شخصية داخل شخصيتي تصارعني، ما الحل؟

وهذا الوسواس لا يسكت أبدا، وهو الآن يشتم ويقول لن يفيدوك، أنت أسيري، أنا مستول عليك، أنت لي فقط.

أعاني بسبب هذا الوسواس، ويسبب لي توترا داخليا إلى حد أني لا أسيطر على أفكاري ونفسي، مما أتعبني وأرهقني، وأريد الحل لكي أريح نفسي وأبعد التوتر الداخلي والقلق والخوف والتفكير المشتت.

كيف أعرف وسواس الشيطان من وسواس النفس؟ وكيف أفرق بينها وبين حديث النفس؟

أستخدم دوجماتيل 100 منذ فترة طويلة، وسبب لي مشاكلَ وضعفاً في الرغبة الجنسية، وزاد وزني، وزاد من ترهل صدري، أريد بديلا له وأقوى منه لإزالة القلق والتوتر الذي يلازمني، وتكون أعراضه قليلة، وذو أثر كبير على نفسي.

الله الموفق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالحي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك -أخِي- على تواصلك مع إسلام ويب.

أنا تفحَّصْتُ رسالتك، وأعتقد أنك ربما تتكلم عن حديث النفس، أو أنك تسمع أفكارك ذاتها في شكل صوتٍ واضحٍ، أو أنك ربما تسمع أصواتًا مصدرها خارجي لكن يُهيأ لك أنها في داخل نفسك، وهذه -أيها الفاضل الكريم- كلها أنواع مهمة جدًّا من سماع الأصوات، ولذا أنا أريدك أن تذهب إلى الطبيب النفسي للمزيد من الاستقصاء والشرح والتحليل، ليتمّ الوصول إلى التشخيص الصحيح.

أنا لا أعتقد أن الأمر هو وسواس قهري من النوع المعروف، وكما ذكرتُ لك -أخِي الكريم- توجد ظواهر أخرى، لا بد أن يتم التأكد من وجودها وعدم وجودها، ومن ثمَّ تُوضع لك الخطة العلاجية المطلوبة.

أخِي الكريم: قطعًا هذه الظواهر (الوسوسة، سماع صوت النفس أو صوت العقل، سماع أصواتٍ في شكل هلاوس داخلية، أو أفكار الإنسان التي يتم ظهورها في شكل صوتٍ مرتفع) ظواهر فيها تفاصيل كثيرة جدًّا، وتحتاج بالفعل التدقيق والفحص، ومن ثمَّ تُوضع لك الخطة العلاجية.

أنا أعتقد أن الموضوع بسيط جدًّا، وأيًّا كان نوعه -حديث النفس هذا أو الأصوات هذه- سوف يتم علاجه.

لا أعتقد أن الـ (دوجماتيل Dogmatil) دواء جيد لحالتك، لأن الدوجماتيل إن كنت تعاني من الوساوس فهو ليس دواءً جيدًا، وإن كانت الحالة حالة أخرى كهلاوس سمعية مثلاً ففي هذه الحالة أيضًا جرعة الدوجماتيل ليست جيدة، وكما تفضلتَ فهو يؤدِّي إلى نوع من التَّثدِّي -أي تضخم الثدي- لأنه يرفع هرمون الـ (برولاكتين Prolactin/ هرون الحليب) وقد يؤدِّي إلى صعوبات جنسية في بعض الأحيان، فأرجو أن تتوقف منه، وأن تذهب مباشرة الآن إلى الطبيب، وأنا متأكد أنك سوف تجد منه كل ما يُفيدك ويَسُرَّك -إن شاء الله تعالى- ويساعد في إزالة ما بك.

بالنسبة للفرق بين الوساوس الشيطانية ووساوس النفس أو الوساوس الطبية: هذا الأمر حوله الكثير من الخلاف، لكن الشيء الذي نميل له هو أن الوساوس (الخنَّاسية) أو الوساوس الشيطانية -دائمًا تكون حول الشهوات والإغواء والشبهات وحول العقيدة، وحول الذات الإلهية، وحول الصلاة، وحول الوضوء، وحول أشياء كثيرة تكون في صُلب الدين وعلاقة الإنسان بربه، لذلك قال الله تعالى عن الشيطان: {فوسوس لهما الشيطان}، وقال: {من شرِّ الوسواس الخنَّاس * الذي يوسوس في صدور الناس}، وهي وساوس تختفي إذا ذكر الإنسان الله تعالى واستعان به واستعاذ به من الشيطان الرجيم، {قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجِنَّة والناس}، هنا قطعًا سوف يخنس الشيطان، أي سوف يختفي، سوف يتوارى، (ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون).

أما الوساوس الطبية فتظل موجودة، الاستعاذة شيء عظيم، لكنها قد لا تزيل هذه الوساوس، لأنها مرتبطة بأسباب طبية، أهمها بعض التغيرات في كيمياء الدماغ.

أنا لديَّ اجتهاد أسأل الله تعالى أن نكون على صواب، وهو: أن الوساوس الخنَّاسية حتى بعد أن يختفي الشيطان ويخنس ربما تستمر، وذلك ناتج من التغيرات الكيميائية التي قد تكون حدثت من خلال تدخلات الشيطان، ونعرف أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، كما نقول: يكون الشيطان قد خنس لكن قبل ذلك قد قذف قذفته الكيميائية في الدماغ وأدَّى إلى تغيرات في الموصِّلات العصبية، وهذه التغيرات يُعرف عنها أنها هي التي تؤدِّي إلى ظهور الوساوس القهرية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً