الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي صعبة وأشعر أنني سوف أجن!

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة عمري 30 سنة، متزوجة منذ سنتين، من صغري وأنا أشعر أحيانا أنني تائهة، وقد قرأت قريباً عن هذا الموضوع، وعلمت أنه أعراض الأنية، وهذه الحالة عانيت منها على فترات متقطعة، وبعد الزواج اختفت لمدة سنة، وبعد الحمل وموت الجنين شعرت بتعب وحزن، فرجعت الحالة.

في البداية كانت الحالة بسيطة، ومع الوقت ازدادت سوءاً، حتى صرت أشعر أنني سوف أموت حالا، وظلت الحالة لمدة شهرين، بعدها راجعت طبيبا نفسيا، فوصف لي لوسترال وبروثيادين، فأخذت الدواء لمدة خمسة أشهر، وتحسنت الحالة قليلا.

خلال فترة العلاج لم يحدث حمل، فنصحني طبيب النساء والولادة بالتوقف عن أخذ الدواء، فتوقفت عنه دون استشارة الطبيب النفسي، وكانت الحالة قد تحسنت عن السابق.

منذ أسبوع تقريبا رجعت الحالة، وأصبحت أشعر بتعب يصاحبه الإحساس بالموت، لم أعد أستطيع التركيز في عملي أو بيتي أو أي شيء، وصارت حياتي صعبة، ماذا أفعل؟ أشعر أنني سوف أجن، وأرغب في الصراخ.

ساعدوني، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

حالتك بسيطة، نعم لديك بعض أعراض القلق وكذلك المخاوف، ولديك درجة بسيطة من عُسر المزاج، لم يصل -والحمد لله تعالى- لمرحلة الكرب أو الكدر.

وفاة الطفل حقيقة أمر نعتبره مهماً جدًّا من الناحية النفسية؛ لأن الجنين - خاصة الأول - يكون منتظرًا وتكون الأسرة متشوقة، وموته ينتج شيئاً من الأحزان والأكدار لدى البعض، لكن -إن شاء الله تعالى- أنت متيقنة ومؤمنة بقضاء الله وقدره، وأن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى، وأن الله تعالى يجعل في موته فرطاً وقُرة عين لكم يوم القيامة، وأنه كما رزقكم به سيرزقكم أيضًا بغيره، فعليك بحمد لله تعالى وشكره، واسأليه أن يرزقك الذرية الصالحة، وأعتقد أنك بالفعل تخطيت هذه المرحلة بإذنِ الله تعالى.

الآن ما تحتاجينه هو أن تُسقطي الفكر السلبي الذي يُسيطر عليك، أرى أن حياتك فيها جماليات كثيرة، لكنك جعلت الفكر السلبي يطغى على كل شيءٍ؛ ممَّا أفقدك الشعور بما هو جميل، فلا بد أن تقومي بهذه المعادلة السلوكية، وهي إسقاط الفكر السلبي، يعني بناء فكر إيجابي، وفي ذات الوقت كوني إيجابية من الناحية الفعلية: نظمي وقتك، كوني نشيطة، احرصي على النوم المبكر، اهتمي بأعمال المنزل، وبزوجك، وبتواصلك مع أرحامك، واجعلي لحياتك معنى؛ هذا مهم جدًّا، فالحياة التي لا معنى لها تُسبب الكدر والضجر والضيق والاكتئاب.

واستعيني بالصبر والصلاة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}، واستعيني بالدعاء: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} واستعيني بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن قال الله تعالى في الحديث القدسي: (وأنا معه حين يذكرني) هذا يبعث فيك طمأنينة وراحة نفسية كبيرة عظيمة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أراك في حاجة لأحد محسِّنات المزاج، عقار (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) هو دواء رائع جدًّا، وتجربتك السابقة معه جيدة، لذا أحبذ أن تبدئي في تناوله مرة أخرى، يُوجد في مصر الـ (مودابكس Moodapex) أيضًا ممتاز، فابدئي بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا وهي جرعة صغيرة جدًّا، وبعد أسبوع اجعليها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعليها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

وإن أردت استبدال المودابكس أو اللسترال بدواء آخر مثل الـ (زيروكسات Seroxat) والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) لا بأس في ذلك، لكن أفضل أن يكون أي تغيير من خلال مقابلة الطبيب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً