الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف وضعف الثقة والرهاب

السؤال

باختصار: أعاني من المشاكل الآتية:
- لدي خوف عند خروجي من المنزل (وفي الأماكن المزدحمة أشعر بالناس يراقبون تحركاتي) وأشعر بعدم استقرار يجرني للضعف، وينتهي بي ضعيفًا، فعندما أقابل شخصًا صدفة لا أكون بثقة عالية، ومرنًا في تفكيري، وسهلًا، إنما صعبًا، ومحصور الذهن، ولا ثقل لي.

- لا أملك الثقة بالنفس، وأرى نفسي صغيرا (low self esteem).

- لا أستطيع تكوين صداقات جديدة، وذلك لتوتري في المواقف الاجتماعية، وكوني أفكر بما يريده المقابل أكثر مما أريده أنا، وأسعده ولا أسعد نفسي، ولا تتكون عندي تلقائية إنما أعاني؛ لأكون صديقه.

- عندي توتر عال عندما أتكلم مع غريب، ولو عندما يوقفني المدرس لكي أشرح الدرس.

- لا أستطيع أن أنظر بعين شخص (لا أستطيع الاستمرار بالتحديق) أعلى مني شأنًا؛ كمدرس، أو غريب، أو صاحبة الشقة التي أسكن معها، ولا أستطيع أن أنجح بإنهاء حديث واحد ناجح مع الذين ذكرتهم، ولا أستطيع كفاية أن أنهي الحديث وأنا راض عنه، فلا يروني طبيعيا 100% ويروني ضعيف الشخصية والثقة.

- عندي ضعف ب(logic)، فأنا لا أرى الحياة بجدية كافية، ولو طرح أحدهم موضوعًا جادًا، ويريد رأيًا فيه؛ لا يتكون عندي تصور كامل عن الموضوع، وإنما أتأخر قليلا، وحتى صداقتي مع شخص معين فأنا لا أثمنها، ولا أشعر بها كما يفعل هو، وهو يقودني ويسيرني.

- التوتر يحصل عندي بأن عضلات الرأس تبدأ بالتحرك والضغط على دماغي، وأرتاح عندما أعمل مساجًا لرأسي، وأتوتر عندما أسرح شعري؛ لكي أخرج مثلًا.

- وأخيرًا حصل لي شيء سابقًا، آذيت نفسي به (لم أنجح بالحصول على المعدل الدراسي الذي كنت أحلم به، وإنما لأول مرة رسبت؛ لأنني لم أكن مستعدًا، ورسبت (3) سنوات بالسادس الإعدادي، وبعدها نجحت بأعجوبة) ومرت سنين، وما زلت أتذكر تلك المأساة، ولا أعلم متى أنسى؟ وعندما يتطرق أحدهم إلى الموضوع نفسه ولكن لا يقصدني؛ أشعر أنه يقصدني، وأشعر بالإحباط. وعلاقتي بأبي ليست جيدة؛ فأنا أشعر بتوتر قربه والحديث معه.

عندما أخرج مع صديق أو أصدقاء لا تخلو من التوتر، وتغير الشخصية، والضعف المتدرج، فلا أستطيع الاستمتاع إلا أحيانًا أنجح بالتغلب على كل العقبات؛ فأستقر نفسيًا، وأيضًا أرى الصغير بالسن لديه شخصية أقوى من شخصيتي.

أنا عصبي، وأتخيل مرات أنني أتشاجر مع أبي أو مع غيره، وأعلم أن الحب والزواج يشفيني، فأنا أحتاجه، ولكن الظروف ليست ملائمة.

علما أنني امتنعت عن الأسباب التي تسبب مشاكل كالعادة السرية، وترك الصلاة، والدراسة، وغيرها، ولكني ما زلت أحاول.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت بالفعل تعاني من نوع من المخاوف القلقية، وهذا النوع من الخوف يُسمى برهاب الساح، وفيه يحسّ الإنسان بالخوف حين يفقد أمان المنزل، أو في الأماكن المزدحمة، أو لا تكون معه رفقة آمنة، وبقية الأعراض من توتراتٍ وقلقٍ وشعورٍ باهتزاز الثقة بالذات، هي ناتجة من هذا النوع من الرهاب.

أيهَا الفاضل الكريم: هذا الرهاب يُعالج عن طريق العلاج السلوكي والعلاج الاجتماعي والعلاج الدوائي، فإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا أمر جيد، وإن لم تستطع أقول لك (سلوكيًا): يجب أن تحقر فكرة الخوف، وأن تعرف أنه لن يصيبك مكروه أبدا، واحرص على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء؛ لأنها تعطيك دفعًا وثقة كبيرة جدًّا في نفسك.

ثانيًا: ضع برامج يومية للتفاعل الاجتماعي: الصلاة مع الجماعة في المسجد، ممارسة الرياضة الجماعية، مشاركة الناس في مناسباتهم، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، وأن تُصِرَّ على أن تخرج وعلى أن تتفاعل، وعليك أيضًا بأن تمارس التمارين الاسترخائية، هي ذات فائدة كبيرة جدًّا، إسلام ويب أعدَّتْ استشارة تحت رقم (2136015) فيها الكثير من الإرشاد المبسط والذي يُساعد الناس إذا طُبق بصورة صحيحة.

أيهَا الفاضل الكريم: لا بد أن تكون شخصًا مُحفِّزًا لنفسك إيجابيًا، لا تجعل الفكر السلبي يتساقط عليك، إنما الفكر الإيجابي يجب أن تغرسه دائمًا، وأريدك أن تكون صاحب مشاركات إيجابية فيما يتعلق بتطوير الأسرة، والحرص على بر الوالدين، هذا كله يجلب لك الكثير من الخير -إن شاء الله تعالى-.

التوترات العضلية التي تشتكي منها أفضل علاج لها هو ممارسة الرياضة باستمرار، مع التوازن الغذائي، والنوم الليلي المبكر.

أيهَا الفاضل الكريم: لا شك أن المشاجرة مع أحد الوالدين أو كليهما أمرٌ مرفوض ومرفوض تمامًا، قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا}، وقال: {ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا} وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهنٍ وفصاله في عامين أنِ اشْكُر لي ولوالديك إليَّ المصير} وقال تعالى: {وبالوالدين إحسانًا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا * واخفض لهما جناح الذُّل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}.

فيا أيهَا الفاضل الكريم: يجب أن تضع لنفسك المحاذير في هذا الأمر، ويجب أن تُعبِّر عن ذاتك؛ لأن الاحتقان والسكوت عن الأمور البسيطة كثيرًا ما يؤدي إلى هذا النوع من الانفعالات السلبية.

موضوع الزواج -أيها الفاضل الكريم- أسأل الله تعالى أن ييسِّره لك، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، ليس هنالك أبدًا مستحيل في هذا الأمر.

أيهَا الفاضل الكريم: أنا سعيد بتوقفك عن العادة السِّرِّيَّة، وأريدك قطعًا أن تكون أكثر حرصًا على صلاتك، والصلاة مع الجماعة فيها مجال علاجي عظيم جدًّا.

اهتزاز الثقة بالذات هو مفهوم خاطئ، ليس هنالك مؤشِّر لنقيس به الثقة في النفس، الثقة بالنفس تتأتَّى من خلال أن يسعى الإنسان أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره.

أيهَا الفاضل الكريم: أنت محتاج قطعًا لعلاج دوائي، ومن أفضل الأدوية التي تعالج مثل حالتك العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، أنا متأكد أنك حين تقابل الطبيب النفسي سوف يصفه لك، أو أي دواء آخر يراه مناسبًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً