الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش حالة من الهلع والخوف من الموت وتنتابني الكوابيس المزعجة، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعيش حالة صعبة منذ 3 سنوات أو 4 سنوات تقريبا، فأنا أعاني من الخوف من الموت ومن الأمراض الخطيرة، وهذا الخوف سبب لي الضيقة والهم والكآبة والملل حتى من الأشياء الجميلة، وأصبحت أخاف من القيام ببعض الأعمال، لأنه ينتابني وسواس بأنني لو قمت بها فسأموت، وأثناء انغماسي في هذا الوسواس أشعر بـألم في الظهر وبعض العضلات، وأشعر بتنميل في اليد اليسرى وفي الجهة اليسرى من الوجه، وأحس بضغط في أذني، وقد قرأت في النت بأنها أعراض الوفاة الدماغية، أو إشارة لمرض خطير، وأنا أخاف جدا من هذه الأمراض، ولا أستطيع النوم براحة بسبب زيادة الهلع، وأصبحت أكره كل شيء، ولا أريد إلا أن يذهب عني هذا الحال، مع العلم أن أهلي يرفضون ذهابي لدكتور نفسي، واستخدام الأدوية النفسية، وعندما أشكو لأهلي وجعا ألم بي، وأنني خائفة من أن يكون مرضا خطيرا، يقولون لي بأنني أتوهم.

وبصراحة يا دكتور أنا لا أريد أن أجري الكشف، لأنني أخاف من أن تنتابني الوساوس، عدا عن أنني أعاني من كثرة الكوابيس والأحلام التي فيها الموت والأمراض، وهذا الأمر دمر حياتي، فأرجوك يا دكتور أن تريحني وتطمئنني، فأنا والله أعيش في هم وحزن لا يعلمه إلا الله، وأسأل الله أن يشفيني وجميع مرضى المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخت الكريمة: إنك تعانين من أعراض قلق وتوتر نفسي شديدين، وهذه الحالة معروفة، الخوف من الموت، والخوف من وجود مرض خطير عند الشخص، وهذا الشعور بالخوف يُضايق الشخص، ويكون شعورًا غير مريح، ويحاول الشخص أن يتخلص منه ولكن يجد صعوبة في ذلك، ولذلك يلجأ إلى محاولة تفسير هذا الشعور إمَّا بالذهاب إلى أطباء لطمأنته بأنه لا يُوجد لديه مرض خطير، أو بالبحث في الإنترنت كما كان في حالتك، وشعور الإحساس بالتنميل في اليد اليُسرى أم في بقية أجزاء الجسم الأخرى، هو من أعراض القلق النفسي الواضح.

وهذا القلق وهذا الهاجس يزداد بصورة أنك لم تقرئي أعراض السكتةُ الدماغية أو موت الدماغ بصورة واضحة، لأن موت الدماغ يعني أن جميع أعضاء الإنسان متوقفة، لا يتحرَّك، ولا يتكلّم، وهو في غيبوبة كاملة، وهذا موضوع طبي وفقهي شائك، ولكن واضح أنك لا تعانين منه، لأنك تتكلمين وتتحدثين، واستطعت أن تطلبي الاستشارة.

وبالنسبة لظروفك الصعبة، ورفض أهلك الذهاب إلى طبيب نفسي، وبالمناسبة فإنك لا تتوهمين، ولكن هذا إحساس واضح تحسين به، وهذه أعراض واضحة وتحتاج المساعدة، ولكن كما ذكرت فإن أهلك يرفضون ذلك، فإليك هذه النصائح:

أولاً: توقفي عن محاولة إيجاد تفاسير من الانترنت أو معرفة الأمراض، فإن هذا يُدعم المخاوف لديك، لأن المخاوف لديك مخاوف من المرض، وأنت لا يوجد لديك مرض عضوي حقيقي، وكلما قرأت شيئًا، وحتى لو وجدتِ أن هناك عرض واحد عندك فإنك تشعرين بأنه هذا هو المرض الذي عندك من فرط الخوف والتوتر الذي بداخلك، فالتوقف عن التفحص في النت لمعرفة الأمراض يُقلل من هذا الإحساس ولا يُدعمه.

ثانيًا: ماذا تفعلين؟ أريدك ألا تنشغلي بهذه الأفكار، انشغلي عنها، وذلك بفعل الأشياء التي تؤدي إلى الاسترخاء.

لا أدري ما هي طبيعة حياتك التي تحيينها؟ ولكن إذا كانت هناك طريقة لممارسة بعض التمارين الرياضية، إمَّا في داخل المنزل، أو بممارسة المشي بانتظام، فهذا أفيد للاسترخاء، وإن كنت تستطيعين إجراء تمارين للاسترخاء العضلي أو حتى (رياضة اليوجا) فهذا أيضًا مفيد للاسترخاء، والاسترخاء البدني عادةً يؤدي إلى الاسترخاء النفسي، وإذا حصل هناك استرخاء نفسي فإنه يُزيل كثيرًا من أعراض القلق والخوف الذي تعانين منه، فالضدَّان لا يجتمعان (الاسترخاء والقلق).

أما بخصوص الخوف من الموت، فإني أرى الالتزام في الصلاة وقراءة القرآن والذكر يُخفف كثيرًا من هذه المخاوف، وتؤدي إلى الاسترخاء، لأنه كما تعلمين أن الموت كتابٌ موقوت لكل إنسان، فلكل أجلٍ كتاب، وهذه الأشياء عند الله، وليس هناك شخص يدري متى يموت وأين يموت، فاليقين بهذه الأشياء والتسليم لأمر الله وقضائه يُساعدان كثيرًا في التهدئة من الخوف من الموت.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً