الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني حالة اكتئاب بين حين وآخر ومترددة في تناول هذه الأدوية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!

جزاكم الله خيراً، ومبارك عليكم هذا الشهر الفضيل، وتقبل الله منا صالح الأعمال، اللهم آمين!

مشكلتي أنه تأتيني حالة اكتئاب بين الحين والآخر، ولا أخرج من البيت، ولا أريد أن أرى أحداً أو أكلم أحدا! ويتدهور أكلي: إما إلى الأقل أو إلى الإسراف! أشعر باختناق ولا أريد أن أقوم من النوم، وأشعر بيأس شديد، وأني فاشلة ولا أستحق خيراً!

التزامي جيد -ولله الفضل- واحتمال أن التزامي هو الشيء الوحيد الذي يساعدني في هذه الحالات التي تأتيني وتتنابني، ويقويني ارتباطي بالله لتفوت الحالة على خير!
تتناوب الأوقات، أحياناً يكون ليوم أو اثنين، وأحياناً تطول لأيام وأسابيع، وخاصة في 3 أشهر في الشتاء عندما يكون الجو مظلماً أكثر، والبرد والغيم مستمراً، والنهار يقصر إلى 6 ساعات وأقل، فقبل أن تبدأ هذه الشهور ذهبت إلى الطبيب العام لأشرح له حالتي؛ عسى ولعل يفيدني بشيء؛ لكني صدمت عندما وصف لي أدوية، وأنا لست متأكدة: هل أخذ الأدوية فكرة جيدة، وممكن أن تفيدني؟

أنا قلقة من أن يجعلني أدمن عليها وأتعودها، فلم آخذ أول دواء، فوصف لي دواء آخر، وما زلت لست متأكدة؛ لهذا فكرت أن أستشير طبيباً مسلماً؛ عسى أن يساعدني في حيرتي هذه، مع أني استخرت الله، لكني ما زلت في حيرة!

فهل ممكن أن تنصحوني ماذا أفعل؟ وهل آخذ الأدوية هذه؟ أول دواء كتبه لي كان باسم (Remeron mirtazapin)، وكان ثمنه غالياً جداً جداً، لكني لم آخذ منه ولا حبة! والدواء الثاني اسمه (Cipralex escitalopram).

لطفاً ساعدوني! علماً أني سأنتظر ردكم قبل أن أبدأ بأخذ أي دواء، واحتمال عند زيارتي للطبيب من جديد سيكتب لي دواء جديدا؛ فأرجوكم أرجوكم مساعدتي بسرعة! خاصة أني تزوجت منذ أسابيع، وأخشى إن أتتني هذه الحالة أن تؤثر في حياتي وأن لا يتحملني زوجي؛ لأن حالتي تكون صعبة جداً، والله المستعان!

واعذروني على الإطالة؛ لكن كان يجب أن أشرح لكم الحالة بالتفصيل، مع أن الشرح يطول، خاصة أن هذه الحالة أتتني من سن المراهقة، لكني تمنيت أن تختفي مع اختفاء الفترة هذه. والآن كنت آمل أن يكون سبب إحباطي واكتئابي هو بسبب الدورة الشهرية أو الأسبوع الذي يسبقه؛ لأن هذا ما قيل لي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أيوب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيراً على سؤالك وعلى ثقتك في الشبكة الإسلامية، ونأسف على التأخير لظروف خارجة عن الإرادة.

لقد أحسنتِ وصف حالتك، وهي تدل على أنك مصابة بنوع من الاكتئاب النفسي البسيط، وهو يعرف بالاكتئاب المتقطع، أو الاكتئاب المزاجي، ومثل هذه الحالات أكثر حدوثاً عند النساء، وربما تتعلق بهرمونات النساء، ولكن الشيء الأرجح أن الاضطراب الكيميائي الدماغي الذي يحدث في المادة التي تعرف باسم سيروتينين -وهي إحدى الموصلات العصبية الأساسية- هو السبب في ذلك، خاصةً عند الأشخاص الذين لديهم الاستعداد الفطري، أو هم من ذوي الشخصيات الحساسة.

نرجو أن نؤكد لك أيتها الأخت العزيزة أن هذه الحالة بسيطة، ويمكن علاجها، والتحسن سوف يأتي بإذن الله.

نحن سعداء أن نعرف أنك متمسكة وملتزمة بدينك، وهذا شيءٌ طيب، ويساعد في تحسن الحالة النفسية، ورفع الكفاءة النفسية، ولكن -أختي- أرجو أن لا تحسي بالذنب أو القصور من جانبك؛ حيث إن المرض في مثل حالتك لا يدل بإذن الله على قلةٍ في إيمانك أو ضعف في شخصيتك.

أما بالنسبة للعلاج، فهنالك العلاج النفسي والذي يُعرف بالعلاج المعرفي، وهو أن يحاول الإنسان أن يستبدل الأفكار السلبية الاكتئابية والسوداوية بأفكارٍ أكثر أملاً وإشراقاً وإيجابية، وهذا ممكن، وقد أثبتت الأبحاث أن الإنسان يستطيع أن يغير خارطة تفكيره بهذه الطريقة، من خارطةٍ سلبية إلى خارطةٍ إيجابية.

من الناحية النفسية المعرفية إذا فكرنا في الاكتئاب فهنالك الفرح والانشراح، وإذا فكرنا في الظلام فهنالك النور والإشراق، وإذا فكرنا في المرض فهنالك الصحة والعافية، وحتى إذا وُجد المرض فقد يكون زكاةً لأنفسنا أو كفارة لذنوبنا.

لا شك أنك في حاجةٍ ماسة لتناول العلاج الدوائي؛ لأن الاضطراب الكيميائي البسيط والذي أثبته العلم لا يمكن تصحيحه بصفةٍ كاملة إلا عن طريق تناول أحد الأدوية التي تساعد على ذلك، ومن فضل الله تعالى أنه توجد الآن أدوية فعالة وسليمة وساعدت الكثير من الناس .

العلاج الذي وصفه لك الطبيب (الريمانون) أتفق معك أنه باهظ التكلفة بعض الشيء، ولكنه فعال، فقط يُعاب عليه أنه يؤدي إلى زيادةٍ كبيرةٍ في الوزن، وربما ارتفاع بسيط في الدهنيات في الدم لدى بعض الناس.

أما العلاج الذي يعرف باسم (سبراليكس) فهو قطعاً أفضل؛ حيث إنه سليم وفعال، وإن كان لا يخلو من زيادةٍ في التكلفة أيضاً، ولكن سعره أقل من الريمانون، وعليه أرجو أن تبدئي بجرعة 5 مليجرام يومياً (نصف حبة) ليلاً بعد الأكل، ثم ترفع هذه الجرعة بمعدل 5 مليجرام أيضاً كل أسبوعين، حتى تصلي إلى الجرعة العلاجية، وهي من 15 إلى 20 مليجرام، حسب حاجة كل إنسان، وتواصلي على هذه الجرعة بانتظام ولمدة ستة أشهر، ثم تخفضي الجرعة إلى 10 مليجرام لمدة ستة أشهر أخرى، بعدها ربما لا تكون هنالك حاجة لك في تناول الدواء.

هنالك أدوية أخرى بديلة، ولكن السبراليكس يظل من أفضلها .
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية احمد

    الشفاء من الله سبحانه

  • المملكة المتحدة سجود

    اجابة نموذجية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً