الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما علمت بوفاة صديقي، أُصبت بوساوس وخوف شديد

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي عرّفني بكثير من الأشياء، وأرجو منكم جوابي بشكل مفصّل عما أمر به.

أنا شاب، عمري 39 عامًا، وأعمل بوظيفة جيدة، وبراتب جيد -ولله الحمد-.

مشكلتي بدأت منذ عشرة أعوام عندما اتصلت بصديق عزيز بالصدفة في بيته لأسأل عنه، ففوجئت بخبر وفاته، فأُصبت بنوبة اكتئاب شديدة، صاحبها أفكار وسواسية، وخوف من ألقى نفس المصير، فأصبحت لا أستطيع النوم أو العمل كما ينبغي، أو الاستمتاع بمباهج الحياة، واستمر هذا الوضع سنتين، عانيت فيهما كثيرًا، وأُصبت بوسواس بأنني مصاب بمرض خطير.

زرت أكثر من طبيب، وقمت بعشرات الفحوصات، وكلها تؤكد سلامتي -ولله الحمد-.

أنا مصاب بالوسواس القهري الجسدي منذ عشرة أعوام، وكل شهر أذهب عند طبيب نفسي، وتعبت –والله-، ولا أقدر على تحمل كل هذه الأعراض، وأريد أن أرجع كما كنت في السابق؛ لا أشتكي من أي شيء.

الأعراض التي أحس بها:
- شيء كروي يقرصني أسفل الجلد الوجهي الأيمن.
- سيلان الماء (الشوك).

كلما وجدت نفسي أستجيب لها تلقائيًا يشتد أكثر وأكثر، علمًا أني -ولله الحمد- مداوم على الصلاة والأذكار وقراءة القرآن.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ nabil حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وسوف نُجيب على استشارتك بكل التفاصيل المطلوبة.

كلامُكَ واضحٌ، كلامك جيد، وأنا أقول لك: أنت بالفعل تعاني من قلق المخاوف الذي نتج عنه اكتئاب ثانوي من الدرجة البسيطة، وقلق المخاوف دائمًا يكون الوسواس جُزءًا منه، وحادثة وفاة الصديق كخبر مفاجئ بالنسبة لك كانت هي المُسبب الرئيسي الذي أدى إلى ظهور هذه الأعراض، لكن في الأصل من الواضح أنه لديك الاستعداد التكويني –أي أن شخصيتك أو العوامل الوراثية– جعلتك مُهيئًا وقابلاً للوسوسة والمخاوف المرَضية.

أتمنى أن يكون هذا الكلام واضحًا، وهذا هو تشخيص حالتك.

بعد ذلك ما هو العلاج؟

العلاج: لا بد أن يكون لديك إرادة التحسُّنِ، وإرادة التحسُّنِ أمرٌ لا يُقاس، وإرادة التحسُّنِ يصنعها الإنسان صُنعًا، أي: يصِرُّ أن يتغيَّر، هذه مهمة جدًّا، وعليك أن تُدرك أن حالتك يمكن أن تُعالج، وتتخذ الخطوات العلاجية، لا تعتمد على الأدوية كثيرًا، ولا تعتمد على الأطباء كثيرًا، اعتمد على نفسك، كن إنسانًا متجاهلاً لهذه الأفكار، لا بد أن تتدارسها: هل نقبل أي فكرة تأتينا؟ لا، هذا خطأ كبير –أخِي نبيل-.

الإنسان ربنا أعطاه القدرة على التصفية أو الفلترة لِمَا يأتيه من فكرٍ أو شعورٍ، ما دام الفكر سلبيًا أو وسواسيًا لماذا أقبله؟ يجب أن تُحقِّره تمامًا، وفي ذات الوقت تصرف انتباهك عنه، وذلك من خلال حُسن إدارة الوقت، أي أن تجعل لحياتك مهام جديدة، تُحدد جدول أسبقيتك: ما الذي تريد أن تقوم به؟ ما هي واجباتك الأسرية؟ ما هي واجباتك الاجتماعية؟ ما هي آمالك المستقبلية؟ ...، هذا كله تضعه أمامك في خارطة واضحة، وتسعى لأن تُنجز بما يُرضي نفسك وطموحاتك.

هذه هي طريقة العلاج –أخِي الكريم–، وهذا نُسميه بصرف الانتباه.

وجد علماء السلوك أيضًا أن الرياضة حين يُمارسها الإنسان بصورة متواصلة وبمزاج علاجي ينتفع منها كثيرًا.

تطوير المهارات الاجتماعية، التواصل الاجتماعي، بر الوالدين، مشاركة الآخرين في مناسباتهم، الحرص على الصلاة في وقتها والأذكار وتلاوة القرآن، وأنت -الحمد لله تعالى- حريصٌ في هذا الجانب، هذا كله تطوير للنفس، ولتحسين دفاعاتها.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فواصل مع الطبيب –أيها الفاضل الكريم–، وعقار مثل: (زيروكسات Seroxat)، والذي يسمى تجاريًا (ديروكسات Deroxat) في المغرب، واسمه العلمي (باروكستين Paroxetine)، أراه سيكون دواءً جيدًا جدًّا ومساعدًا في حالتك هذه.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب nabil

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    في البداية احب ان اسجل تقديري العميق لما تقدمونه من المساعدة والنصح واخراج الانفس من دوامات السلبية التي تتملك عقله وروحه، جعله الله في ميزان حسناتكم باذن الله
    اني تلمست من خلال هذا الموقع العديد من الايجابيات التي جعلتني التمس خيرا باذن الله…

    شكرا جزيلا لكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً