الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني نوبات الهلع والخوف من الموت في كل حياتي، أريد الخلاص.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 23 سنة، متخرج من الكلية التقنية، أعاني من أمراض عديدة، ولا أدري ما هي؟ قرأت عن هذه الأمراض، واتضح أنها نوبات هلع، ووساوس قهرية، والخوف من الموت.

صارت حياتي تعيسة لدرجة أني أعمل الشيء ولا أفرح به، وتفكيري دائمًا بالموت، أنا متخرج وأكملت دراستي، وكلما يطرأ عليّ الموت أخاف وأحاول أن أترك الذي أعمله؛ لأَنِّي سأموت، وأي شيء أعمله أحس أنه آخر شيء أعمله، وأي شيء أقوله أحس بعده بالموت، وبعض الأحيان أدخل البيت، وأحس أني سأودع أهلي، وأخاف أن يحدث لأمي شيء؛ لأني ولدها الوحيد.

الجميع يحبونني لكني أحس أنهم لا يحبونني، وأنهم لا يطيقونني فأسحب نفسي منهم، وإذا جئت للنوم أفكر في الموت، وأخاف أن أنام حتى لا أموت، وإذا نمت لا أكمل 15 دقيقة من نومي إلا وتأتيني نوبات الهلع، وأقوم من النوم.

تعبت جدًا من نفسيتي، قرأت أشياء كثيرة عن طرق العلاج لهذه الأمراض لكن لا فائدة؛ فكل فترة حالتي تزيد سوءًا.

أرجو منكم الإفادة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ساري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب والثقة في هذا الموقع.

أنت بالفعل تعاني مما يُعرف بقلق المخاوف الوسواسي، مخاوفك تتمركز حول الأمراض والخوف من الموت.

أنت وصفت حياتك بأنها تعيسة، هذا المفهوم ليس صحيحًا، حياتك ليست تعيسة، والتعاسة درجة عالية جدًّا من السوداوية والكدر، فلا تصف نفسك بهذا -أيها الفاضل الكريم-.

علتك هذه منتشرة وكثيرة جدًّا، وتُعالج بصورة فاعلة جدًّا.

أنت قلت: إنك قد حاولت الكثير من الطرق العلاجية دون أن تكون مُجدية، وأنا أقول لك: هذه الطرق ربما تكون طرقًا غير صحيحة؛ لأن الطرق الصحيحة معروفة، وهي: تجاهل وتحقير فكرة الخوف، أن تعيش حياة فاعلة، لا فراغا زمنيا، ولا فراغا ذهنيا، واعرف -أيها الفاضل الكريم- أن التقرُّب إلى الله تعالى من خلال الالتزام الصادق يعطيك دفعًا نفسيًا عظيمًا وإيجابيًا، ويُقلل منك هذا النوع من الخوف، ويُحسِّن من قناعاتك الصحية الإيجابية بصورة ممتازة جدًّا.

أنا لا أقول أبدًا: إنك ضعيف الإيمان، أو مهتز الشخصية، لكن ربما تحتاج لتدعيم أكثر فيما يتعلق بالبناء النفسي لشخصيتك، وكذلك التزامك بمتطلبات عقيدتنا الإسلامية.

وفي ذات الوقت لا بد أن تكون لك آمال في هذه الحياة، لا بد أن تكون لديك مُخططات، لا بد أن تكون لديك برامج: ما هي أهدافك في الحياة؟ يجب أن تُحدد، ويجب أن تسعى من أجل تحقيقها.

الفراغ حين يسيطر على الإنسان يدفعه لكثير من الوسوسة ومن الخوف، وتذكر أنك في هذا العمر الرائع -عمر الشباب- حيث الطاقات الذهنية والطاقات الجسدية متوفرة وبكثافة، حتى وإن كانت مختبئة، بشيءٍ من تحريك الإرادة، والإصرار على التغيُّر وتحمُّل المسؤولية حيال نفسك تستطيع أن تتغير.

إذًا تجاهل الذي أنت فيه، وعش حياةً صحيَّة: تفكير سليم، نوم مبكر، استيقاظ مبكرٍ، عقيدة صحيحة، توجُّه مستقبلي إيجابي، ممارسة الرياضة، التغذية المتوازنة، الصِّلات الاجتماعية الراشدة، تطوير المقدرات المعرفية والمهارات العملية، هذا يصرف انتباهك تمامًا عن كل الذي أنت فيه.

والنقطة الأخرى هي: تناول أحد مضادات المخاوف الوسواسية سيكون مفيدًا جدًّا لك، عقار مثل (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) سوف يكون رائعًا ورائعًا جدًّا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بخمسة مليجراما -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما- تناولها يوميًا بانتظام لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • sara

    انا اعاني من نفس الحالة منذ 8شهور يا اخي وهي اصعب مدة اعيشها في حياتي وليومنا هذا لم اجد الحل الذي ينقذني من هذا العذاب اسال الله ان يشفي جميع مرضاه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً