الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني منذ سنوات من اضطراب في النوم وقلق، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا رجل أبلغ من العمر 49 عاماً، شخصيتي حادة وعصبية، أعاني منذ سنوات طويلة من اضطراب في النوم، فلا أنام إلا ساعات قليلة في اليوم، تصل لأربع ساعات، أستيقظ خلالها عدة مرات، حدثت لي أول نوبة هلع منذ 18 عاماً تقريباً، وبعد مراجعات كثيرة لأطباء كثيرين ذهبت لاستشاري مخ وأعصاب، بعد أن نصحني به أحد الأطباء، وأخبرني الاستشاري بأني أعاني من اكتئاب بسيط ونوبات هلع، ووصف لي علاج (سيروكسات)، ولم أستخدمه سوى عدة أيام، وتركته على الفور بعد زيادة النوبات.

بعد سنة تقريباً من التعب والمرض والخوف والوساوس شفاني الله -سبحانه وتعالى-، وبعدها أصبحتْ هذه النوبات تعاودني كل أربع سنوات تقريباً، فكنت أذهب للصيدلية وآخذ أحد الأدوية، مثل: (سبرام) أو (زيروكسات سي آر)، ولكني لا أستخدمها سوى عدة أيام، ثم أتركها بعد أن تزيد عليّ النوبات، وبعد عدة شهور أو بعد سنة أتعافى -بفضل الله تعالى-، وهناك عرضان رئيسيان يستمران معي لمدة طويلة بعد كل نوبة، وهما تسارع دقات القلب وعدم انتظامها، وآلام عضلية في كل أنحاء الجسد.

منذ عام تقريباً زادت عندي اضطرابات النوم، وأصبحتُ أعاني من أعراض غريبة، كالإحساس بألم حاد بالأذنين، وكأن شيئًا كالضغط يخرج منهما، والإحساس بالكهرباء أو القشعريرة في الجسد، وإحساس بالشد في خلف الرأس.

قبل ستة أشهر عانيت من أصعب نوبة هلع في حياتي، حين استيقظت فجأة من النوم، فوجدت نفسي مصابًا بأعراض نوبة الهلع، من خفقان وعدم انتظام لدقات القلب، وتعرّق وضيق في التنفس ورعشة، ولكن كان العَرَض الغريب الذي يأتيني أول مرة، هو ومضات ساخنة جداً كالبرق أشعر بها تنزل من خلف الرأس على الرقبة والأكتاف والظهر، استمرت أكثر من عشرين دقيقة، بعدها وإلى الآن أعيش أصعب أيام حياتي، إذْ بعدما زالت النوبة أصبحت أشعر بالحرارة الشديدة والحرقان في عضلات جسمي، وأصبحتْ حياتي جحيماً، فلا أستطيع النوم ولا الأكل.

باختصار: أشعر بأني أحترق، وأصبح جسمي شديد الحرارة، حتى اضطررت أن أبلّ مناشف كبيرة بالماء البارد، وألتحف بها؛ حتى أخفف من إحساسي بالاحتراق، وعندما أقوم بقياس حرارتي أجدها لا تزيد عن 37، ذهبت بعدها لاستشاري مخ وأعصاب، والذي عمل لي تخطيطًا كهربائيًا للعضلات وتحليل لإنزيم العضلات، وكانت قراءة التحليل 160، وأعلى المعدل الطبيعي 200، وأخبرني أن إنزيمات العضلات تعتبر مرتفعة، وأن ما أعانيه قد يكون سببه التهاب فيروسي.

وصف لي الدكتور علاج (ليريكا)، أستخدمه لمدة ثلاثة أشهر، وعلاج (ريميرون)، أستخدم حبة واحدة عند الضرورة؛ لأَنِي أخبرته بأني لم أَنَمْ منذ ثلاثة أيام، وفي المساء أخذت نصف حبة من (ريميرون)، ونمت، وعندما استيقظت من النوم لاحظت بأن السخونة والاحتراق في عضلاتي قد خفت بنسبة كبيرة جداً، وعندما قرأت في النت عن علاج (ليريكا) واستخدامه من قبل المراهقين، قررت ألا أستخدمه.

منذ أربعة أشهر وأنا مستمر على نصف حبة من (ريميرون) مساءً، وتحسن النوم لديّ كثيراً، كما خفّت الأعراض في الثلاثة الأشهر الأولى، وأصبحتُ أمارس حياتي طبيعياً، ولكني في الشهر الأخير لم أنتظم في أخذ الجرعة، وتركتها عدة أيام، فعاد الإحساس بالحرارة والسخونة والاحتراق في عضلات الجسم، وأصبح نومي متقطعاً كالسابق، مع أني عدت آخذ النصف حبة من الدواء، ولا أعرف الآن ما هي مشكلتي الحقيقية؟ وما سبب هذه السخونة والاحتراق الذي أشعر به، وينغّص عليّ حياتي؟ وأيضاً ما سبب عدم انتظام ضربات القلب؟ حيث يدق بسرعة، ثم أشعر به يتوقف، ثم يخفق، ضربات قوية وبطيئة، ثم يعود للتسارع!

أرجو من لله أن يمنّ عليّ وعلى كل مريض بالشفاء، وأرجو منكم المساعدة، فلا أعلم ما هي مشكلتي، علماً أني عندما أجلس في التشهد أثناء الصلاة أشعر بآلام شديدة وحرارة في عضلات الفخذين والساقين الخلفية، ولم أشعر بذلك إلا بعد النوبة الأخيرة.

أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك –أخِي الكريم– التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

كما ذكرت وتفضلت أن البناء النفسي لشخصيتك يحمل بعض مكونات العصبية والتوتر، ويُعرف أن مثل هذه السمات قد تقود صاحبها في فترات لاحقة إلى شيء من عُسر المزاج، الذي لا أريد أن أسميه اكتئابًا حقيقيًا، لكنه يُعتبر أحد الاضطرابات المزاجية، وأنا أعتقد أنك –وأنت في هذا العمر– ربما يكون حدث لك شيء من اضطراب المزاج، وهذا كثيرًا ما يؤدي إلى أعراض جسدية أو ما يسمى بالجسْدنة أو يسمى بالنفسوجسدية أو (سيكوسوماتية).

اضطراب النوم هو عرض أساسي حقيقة، والصحة النومية مهمة جدًّا للإنسان.

استجابتك (للريمارون) –وهو دواء رائع جدًّا– تدل أن عسر المزاج بالفعل هو الذي أدى إلى اضطراب النوم، والذي أنصحك به، هو أن تراجع طبيب الباطنية أو الرعاية الصحية الأولية على الأقل، لتقوم بإجراء الكشوفات والفحوصات الدورية الروتينية مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، هذا في عمرك مهم، وذلك حتى تطمئن.

الأمر الثاني: أن تُغيِّر نمط حياتك، تجعله أكثر إيجابية.

ثالثًا: احرص على النوم المبكر، حتى وإن لم يأتِك النوم في وقته، لكن اذهب إلى فراشك في وقتٍ ثابتٍ ومعلومٍ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعديل وترتيب الساعة البيولوجية لديك، مما يُسهِّل نومك مستقبلاً.

الأمر الآخر: الرياضة لا بد أن تكون جزءًا من حياتك، والرياضة تقوي الأجسام وتقوي النفوس، وهي أحد سبل التنفيس والتفريغ النفسي الضرورية جدًّا، فاحرص عليها، خاصة أنك رجل لديك شيء من سرعة الانفعال والعصبية كما ذكرت. الرياضة يُعرف عنها أنها مفيدة جدًّا في هذا السياق.

بالنسبة لموضوع ضربات القلب: هذه قد يكون القلق والتوتر مساهمًا فيها، لكن حين تذهب وتقابل الطبيب الباطني –كما ذكرت لك– ربما يُجري لك تخطيطًا للقلب أو يقوم بإجراء فحوصات أخرى من أجل الاطمئنان، وفي ذات الوقت الرياضة سوف تفيدك كثيرًا جدًّا لتنظيم ضربات القلب.

أيضًا تجنب شرب الشاي والقهوة بكثرة، وكل المثيرات التي تحتوي على الكافيين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن (ريمارون REMERON)، والذي يعرف علميًا باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، دواء رائع جدًّا، أريدك أن تتناوله بجرعة 15 مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر على الأقل -أي نصف حبة ليلاً–، حتى وإن كان نومك تعدَّل، لا تقلّ مدة العلاج عن ستة أشهر، هذا مهم جدًّا؛ لأن (الريمارون) مُحسِّنٌ أساسي للمزاج، وأريدك أن تُضيف له عقارًا يُعرف تجاريًا باسم (جنبريد genprid)، ويعرف أيضًا تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride)، هذا دواء ممتاز لأعراض الجسْدنة (آلام، عدم الشعور بالارتياح)، وفي ذات الوقت سوف يدفع مزاجك نحو التحسُّن.

جرعة (الجنبريد) هي كبسولة صباحًا ومساءً، وقوة الكبسولة خمسون مليجرامًا، تناولها لمدة شهرين، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخِي الكريم، أشكرك كثيرًا لتحفظك حول عقار (لاريكا)، وهو دواء رائع جدًّا، لكنه يستخدم لاستعمالات خاصة، وليس لمثل حالتك.

يجب –أخِي الكريم– أن تتأكد أيضًا من مستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12)، وإن كان هناك نقص فيهما، فالتصحيح سهل جدًّا، وتعويضهما مُيسَّرٌ جدًّا.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، تليها إجابة الدكتور/ حاتم محمد أحمد، استشاري أول في طب الأطفال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما ذكر الدكتور/ محمد عبدالعليم، فتغيير نمط الحياة هو الأساس، مثل: ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء والنوم المبكر، وتناول كميات كافية من المياه، وتناول العلاجات المناسبة، مثل: (الروميرون)، وتجنب تناول المنبهات بكثرة، مثل: الشاي والقهوة.

عليك -أيضًا- بإجراء فحوصات للدم، مثل: فحص الأملاح، كالكالسيوم والبوتاسيوم، وكذلك قياس نسبة الفيتامينات في الدم، مثل: فيتامين (دال) وفيتامينات (ب) والحديد، كما أن على الطبيب أن يفحص وظائف الغدد، وبخاصة الغدة الدرقية، كما يمكن للطبيب أن يصف لك فيتامينات وبعض المكملات الغذائية، بالإضافة إلى تنظيم التغذية والتنويع فيها؛ حتى لا تُعرّض نفسك لنقص بعض المواد الأساسية في التغذية.

شفاك الله وعافاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا عادل

    أنا صاحب الاستشارة
    أشكركم كثيراً واسأل الله العلي القدير أن لا يحرمكم الأجر والثواب وأن يجعل ماتقدمونه في ميزان حسناتكم وأن يجزيكم خير الجزاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً