الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعوري أن شكلي غريب أقلقني.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة غريبة, فأثناء التحدث مع الناس أشعر أن شكلي كئيب إن لم أكن مبتسمًا, ورغم أني أعلم أن هذا الأمر غير صحيح, فهذا الشعور يسبب لي توترًا يظهر على وجهي عند ما أتحدث مع أحد أو عند ما أنصت لما يقول, فلجأت إلى حل غريب؛ قررت ألا أنظر إلى المرآة، ووجهي في الحالة الطبيعية، وعندما أنظر إلى المرآة، أقوم بتغيير تعبير وجهي، بحيث يكون مختلفًا عن الشكل الذي يكون عليه أثناء التحدث مع الناس.

منذ عام ونصف تقريبًا لا أنظر إلى المرآة أو أي سطح عاكس يظهر فيه وجهي إلا وأنا فاتح فمي قليلًا، بحيث يكون شكل وجهي مخالفًا لما هو عليه في الحالة الطبيعية، وإذا نظرت في المرآة وشعرت أن شكلي غريب أو كئيب، أقول في نفسي: إن شكلي كئيب فقط عندما أفتح فمي بتلك الطريقة، ولكن عندما أغلق فمي، فإن وجهي سيكون مختلفًا، وليس كئيبًا كما أراه الآن في المرآة.

هذا الحل نفعني إلى حد ما، والتوتر -الذي كنت أشعر به أثناء التحدث أو الإصغاء إلى الناس- قلّ إلى حد ما، ولكني أرغب في التوقف عن هذا الأمر؛ لأني أشعر أنه ليس أمرًا طبيعيًا، حتى لو شعرت بذلك التوتر من جديد، فما رأيكم في ذلك؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
رسالتك واضحة وهي رسالة لطيفة من وجهة نظري.

الذي تعاني منه هو نوع من الوسواس، ولا شك في ذلك، وأنت قمت بوضع حلٍّ، أعتبره كان حلاً فطنًا جدًّا، وإن لم يكن صحيحًا، فطنًا بمعنى: أنك أدخلت حيلة جيدة لِأن تَظهر من خلالها بالمظهر الذي تراه مناسبًا.

إذًا الحالة هي وسواسية، والحل أيضًا كان وسواسيًا –أيها الفاضل الكريم– الحل هو أن تُعيد الثقة بنفسك وبمظهرك، ولا تراقب نفسك، تعامل مع الأمور بشيء من العفوية، ولا تكن مدققًا حول هذا الأمر، إذًا عليك بالتجاهل، والتحقير، وأن تأخذ الأمور ببساطة أكثر؛ هذا هو الحل الذي أراه.

عليك أيضًا أن تقوم بتطوير مهارات الذات –خاصة مهارات التواصل الاجتماعي– من حيث المظهر، وأهمها، هي الابتسامة تقريبًا، وعدم استعمال لغة الجسد، عدم استعمال أو تحريك اليدين -مثلاً- عند الكلام بصورة غير ودّية أو شيئًا من هذا القبيل، وتذكر أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة.

إذًا تعامل مع الأمر بشيء من البساطة، بشيء من العفوية –كما ذكرنا–، وحاول أن يكون لك نوع من التواصل الاجتماعي الثابت والمفيد، مثلاً الرياضة الجماعية، هذا تواصل اجتماعي ممتاز جدًّا، أن تشترك في أي عمل اجتماعي أو ثقافي أو خيري، هذا أيضًا يعطيك شعورًا كبيرًا بكينونتك وأن مهاراتك مقبولة للناس، وكذلك صلاة الجماعة من الأشياء التي ننصح بها كثيرًا.

أيها الفاضل الكريم، أريدك أن تحقّر هذا التفكير؛ لأن الإنسان إذا عاب على نفسه شيئًا من مظهره؛ فهذا قد يؤدي إلى إشكالات كبيرة، يؤدي إلى أعراض التجسيد التي يرى الإنسان من خلالها نفسه أنه غير مقبول الشكل أو المظهر، فأوقف هذا التفكير عند حدِّه.

ربما يكون أيضًا من الجيد أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف الوسواسية، وهي بسيطة، لكني أعتقد أن العلاج الدوائي سوف يساعدك، وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي، فهذا أمر جيد أيضًا.

هنالك واحد من مضادات الاكتئاب الذي يُستعمل في علاج المخاوف والوساوس، وُجد أنه جيد جدًّا في التعامل مع مثل هذه الحالات، الدواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، ويسمى تجاريًا أيضًا (لسترال)، والجرعة المطلوبة في مثل حالتك، هي جرعة صغيرة؛ تبدأ بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا –أي حبة واحدة– ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول هذا الدواء.

أسأل الله لك النفع والفائدة، والموضوع بسيط جدًّا -كما ذكرت لك-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً