الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شُخِّصت حالتي خطأ أنها جلطة فساءت حالتي النفسية، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم، وأعانكم على مساعدة الناس.

أنا شاب عمري 27 سنة، تعرضت منذ سنة لتعب شديد جدا ومفاجئ، وقد راجعت الطبيب فحولني إلى طبيب الأعصاب، وبدوره طبيب الأعصاب طلب مني أشعة مقطعية، وصورة رنين للمخ؛ لأني كنت أعاني من فقدان التركيز، ومن الذهول، ومن تشويش البصر، بالإضافة إلى رعب شديد.

عندما قدمت نتيجة الأشعة أخبرني الطبيب أنها جلطة، ولكنها خفيفة، ويحب أن أدخل العناية المركزة، ودخلت العناية المركزة، فازداد الهم، ثم أتى دكتور العناية، ونظر في نتيجة الأشعة، ونفى وجود جلطة، وأن هذا الذي يظهر في الأشعة يظهر منذ زمن، وليس له علاقة بالجلطة.

أخبرني طبيب العناية أني أعاني اكتئابا حادا، وأمر بإخراجي من العناية، فعدت إلى المنزل، ولكن حياتي تدمرت وتهدمت، وأصبح القليل من الكحة العابرة يكفي ليجعلني في حالة رعب، فأقوم بتبديل ملابسي والركض
مسرعا لقسم الطوارئ؛ ليخبروني أني سليم.

بقيت 6 أشهر على هذا الحال، من التعب، وقلة النوم، والركض خلف الأطباء والمستشفيات، وجميع الأطباء النفسيين أخبروني أني سليم، ولا أعاني شيئا، وقد أخطأ الطبيب في تشخيصه لحالتك، وهنالك من ألقى اللوم على الطبيب؛ لإخباري بشيء ليس منه أي ضرر، وللمبالغة في تشخيصه.

رفضت الأدوية النفسية، وفقدت الثقة في من حولي، وفي جميع الأطباء، ولم يعد بإمكاني تصديق أحد، فأين الحقيقة؟ وما الذي أعاني منه؟ لجأت إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، وتزوجت، وأصبحت أضحوكة ومصدر سخرية الجميع، وابتعد عني الكثيرون؛ ظنا منهم أني فقدت عقلي، كثيرا ما أردت البكاء، وكثيرا ما كنت أود الانعزال عن العالم، لقد مللت، إن الخوف إحساس في حد ذاته مرض.

زوجتي كانت تحتمل الوضع، وبعد زواجي بشهرين سافرت وتحسنت حالتي، وأصبحت أفضل مما سبق، وبدأت أنسى ما مررت به، ولكن بعد سنة عادت الأعراض مرة أخرى، ولكن كانت مختلفة، حيث شعرت بثقل في اليد والقدم اليمين، وبتنميل فيهما، مع شد في عضلة الشفة اليسار، ورعب، وذعر، ودوخة، وإرهاق شديد، وآلام حادة في البطن، وعدت مرة أخرى للمستشفيات.

لا يوجد أي شيء بعد تخطيط القلب، وتحليل الدم، وما زلت أشعر أن فمي يميل لليسار، وأشعر بشدٍّ عصبي، مع ثقل اليد والقدم اليمين، وخفقات القلب، ونوبات الهلع، وخوف من الجلطة والموت، ورعشة في الجسم، وإرهاق شديد، وخوف من الشلل، ومن جميع الأمراض التي تشكل خطرا على الحياة.

ما زال التنميل في يدي وقدمي اليمين، وكذلك الثقل في الشفاه، لكنه غير ملحوظ، ولا أعلم ما السبب، علما أن طبيب الطوارئ بعد التخطيط للقلب وتحليل الدم واختبار الأعصاب؛ قال: لا اجد شيئا، وربما هو وسوسة أو ضغط نفسي، وقد أقسمت له أني أشعر بثقل في يدي وقدمي، وكذلك في الشفاه، وما زال الطبيب يصر أن الموضوع نفسي.

لقد كرهت حياتي، وسئمت ومللت، فلدي طفلة لم أرها إلى الآن، وأخاف أن أموت ولا أراها، فأنا في الغربة وهي في مصر، فالحزن يعتريني والخوف، ولا أعلم ما الذي يحدث لي، أخاف أن أصاب بالجلطة، وأخاف أن أفقد حياتي دون أن أقدم لآخرتي شيئا، أود البكاء والصراخ، ولكن أستحي كوني رجلا، ولا يصح أن يصدر مني ذلك.

وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعاني من مخاوف مرضية سببها واضح جدًّا، وهي تجربتك السلبية جدًّا مع المستشفيات، وتصف بأن لديك جلطة وتدخل العناية المركزة، هذا ليس أمرًا بالسهل، وحدث لك ما نسميه (عُصاب ما بعد الصدمة)، فالصدمة التي أصابتك كانت كبيرة، وكان من المفترض أنه بعد أن أخبرتَ أنك لا تعاني من جلطة، وتم إخراجك من العناية المركزة، كان من المفترض أن تكون هذه بُشرى كبيرة جدًّا بالنسبة لك، وتحمد الله كثيرًا وتفرح بذلك.

والأخطاء الطبية موجودة، ولا أعتقد أن الطبيب قد أراد بك سوءً أبدًا، هو فسَّر التغيرات القديمة الموجودة على أنها حديثة، وحاول أن يلجأ إلى أقصى درجات التحوط، لأن أعراضك أيضًا كانت شديدة.

فيا أخي الكريم: تجاوز هذا الأمر، توكل على الله، ومارس حياتك بصورة طبيعية جدًّا، ولا تدع مجالاً للفراغ.

موضوع التنميل في اليد والقدم اليمين والشفاه؛ هذا نوع من التماهي المرضي –كما نسميه– أي: تحدث لك ومن خلال آليات نفسية نوع من التغيير التحوّلي النفسي، والذي يعطيك نفس الأعراض التي تحدث عند الذين يُصابون بالجلطات، فيا أخِي: هذه حالة نفسية، وهذا نوع من التماهي أو التطابق النفسي، وليس أكثر من ذلك.

أيها الفاضل الكريم: أنت بخير وسوف تظل على خير -إن شاء الله تعالى-، نظّم وقتك، حقّر هذه الأفكار، مارس الرياضة، عش حياة صحية جيدة، اجعل غذائءك متوازنًا، عليك بالنوم المبكر، وأكثر من التواصل الاجتماعي.

هنالك دواء ممتاز جدًّا أعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا للقضاء على هذه المخاوف، الدواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس)، ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام)، ويُضاف إليه دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل) ويسمى علميًا باسم (سلبرايد).

فيا أخي الكريم: إنِ اقتنعت بهذه الأدوية تحصَّل عليها وتناولها، وسوف تفيدك، وجرعة السبرالكس هي أن تبدأ بخمسة مليجراما يوميًا لمدة عشرة أيام، تناولها ليلاً بعد الأكل، ثم اجعلها كاملة (عشرة مليجراما) وهذه جرعة بسيطة إلى متوسطة، ولا أعتقد أنك محتاج لأكثر من ذلك، استمر على هذه الجرعة –أي عشرة مليجراما من السبرالكس– يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما الدواء الآخر -وهو الدوجماتيل تناوله- بجرعة كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا mohamed azab

    جزاك الله خيرا واثابكم الله عز وجل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً