الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالوسواس القهري وعالجت نفسي بنفسي، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الوسواس القهري منذ مدة تقرب من خمس سنين أو أكثر، ولقد تشعب ليشمل جميع أنحاء حياتي تقريبا، وخصوصا اهتماماتي.

تقدمت بالعلاج عند الكثير من الأطباء ولكن لم ينجح ذلك؛ لأنهم لم يستخدموا معي الأدوية المشهور كفاءتها، والتي علمتها مؤخرا.

أنا طالب في كلية الطب، وقررت أن أعالج نفسي باستخدام الفافرين، فما رأي حضرتك؟ وهل أضيف عليه أي من الأدوية التي تختص بالدوبامين كحقنة التقطير؟

أنا بدأت بخمسين مل منذ 5 أيام، فهل أزيدها حاليا إلى 100؟ مع العلم أني في إجازة وسأتقبل الآثار الجانبية، ولذلك أريد أعلى جرعة في أقل وقت قبل بداية الدراسة.

وبالنسبة للعلاج السلوكي: هذا لا أطيقه، وخصوصا في الوساوس الفكرية، فما العلاج السلوكي للتخلص من الوساوس القهرية الفكرية المجردة عن الأعمال؛ لأنها هي التي تؤرقني أكثر من الأعمال القهرية التي لا تتعلق بأعمال قهرية؟

وكيف أستطيع التفرقة بين ما هو طبيعي من الأفكار، وما هو مرضي؛ لأني لو عرفت أن أميز ما هو مرضي لتغلبت عليه بإذن الله حتى ولو كان بمشقة؟

أرجو الإفادة؛ لأني أعاني بحق، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

معاناتك مع الوسواس إن شاء الله تعالى سوف تنتهي، من المهم جداً أن يكون لديك توجه إيجابي حول هذا الموضوع، ويجب أن لا تعتقد أن طول مدة معاناتك مع المرض سوف تكون عائقا للتحسن، لا، التحسن يأتي والناس دائماً تخاف من الماضي، وكذلك المستقبل، أنا أريدك أن تعيش الحاضر وتحقر هذا الفكر الوسواسي، وهذه أفضل طريقة سلوكية.

وبالنسبة للفلترة أو التمييز بين ما هو صحيح وما هو وسواسي: الأمر واضح، وهذه تجربة شخصية، الإنسان يستطيع أن يميز فلا تجهد نفسك وتدخل في وسواس جديد للتمييز بين ما هو واقعي ومنطقي، وما هو وسواسي، الحمد لله تعالى آلياتك العقلية التي وهبها لك الله تعالى لها القدرة التامة في أن تميز بين الاثنين، فدع الأمور تسير في مسارها العادي جداً.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا شك أن الوساوس الفكرية تستجيب للأدوية بصورة فعالة جداً، وأتفق معك أن جرعات الأدوية يجب أن تكون هي الجرعات الصحيحة والسليمة، خاصة أنه يعرف أن الوساوس القهرية لا تستجيب بصورة جيدة للجرعات الصغيرة.

وعقار مثل: الفافرين جرعته الكلية هي حوالي 300 مليجرام في اليوم بالنسبة للبالغين، أنت الآن تتناول 100 مليجرام هذه نعتبرها جرعة تمهيدية ممتازة جدا، ظل عليها لمدة أسبوعين، ثم اجعلها 200 مليجرام يومياً، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو بمعدل 100 مليجرام صباحا و100 مليجرام مساء، استمرارك على هذه الجرعة لمدة شهرين سوف يكون وسيلة جيدة جداً للتأكد من فاعلية الدواء في خلال الشهرين.

من المفترض أن يحدث تحسن، فإن حدث فهذا هو المقصود وعليه استمر على نفس الجرعة، وإن لم يحدث هنا توجد عدت خيارات: إما أن تضيف عقار البروزاك مثلاً بجرعة 20 مليجرام يومياً، أو ترفع الفافرين إلى 300 مليجرام يومياً، هذه كلها خطط قد تكون سليمة، وأنا في مثل هذه الحالات أفضل أن يكون هنالك نوع من الإشراف الطبي النفسي، فتواصل مع أحد أساتذتك في كلية الطب قسم الصحة النفسية، وأنا متأكد أنك سوف تجد منهم الدعم والتوجيه التام، خاصة فيما يتعلق بأنواع العلاج الدوائي.

ليس هنالك ما يدعوك في هذه المرحلة لتتناول أياً من كوابح الدوبامين هذه تتطلب بعض الفنيات، نعم في بعض حالات الوساوس نحتاج لعقار ريزبيريدون بجرعة صغيرة، لكن لا أريدك أبداً أن تسبق الأمور وتلجأ إلى أدوية الخط الثاني والثالث، دعك الآن على الفافرين بالجرعة التي ذكرناها، وأنا أؤكد لك أنه دواء سليم جداً، ولا بد أن تنشط آلياتك السلوكية، لا أريدك أبداً أن تظل تحت الانطباع بأن العلاج السلوكي ليس علاجاً مجدياً، هو علاج مجدٍ، وهو علاج بسيط جداً، تحقير الفكرة الوسواسية، عدم مناقشتها، عدم حوارها، الإغلاق عليها، والاستخفاف بها، واستبدالها بما هو مضاد لها؛ هذه هي الطريقة الصحيحة.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً