الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل سأندم إذا أعطيت من سيخطبني فرصة أخيرة وسامحته بعد تكرار كذبه؟

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي أني أغار كثيرا لدرجة تحرق أعصابي، تعرفت منذ عام على شاب زميل لي في العمل، أحببته وأحبني، ولكن غيرتي وشكي دمراني؛ حيث صرت أشك به في كل حركة، وخاصة أنه إنسان محبوب اجتماعيا، والناس تتعامل معه براحة كبيرة.

نبهته كثيرا على أن يضع خطوطا حمراء بينه وبين أصدقائه وزميلاته في العمل ووافق، لكني اكتشفت لاحقا أنه كان يكذب علي ليرضيني بحجة أن هذا طبعه، والناس تعودت عليه بهذا الطبع، ولكي لا يتعرض للإحراج.

مرت الشهور وشكي يكبر بأنه كاذب؛ وأنه يخونني أو سيخونني، وكنت أزعجه كثيرا وأفتش أغراضه وجواله وكل شيء خاص به، إلى أن قررت ذات صباح أن أرسل له طلب صداقة باسم فتاة مستعار على موقع الفيس بوك، وصدمت حينما وافق، وبدأت التحدث معه بأسلوب غير محترم، وقد تجاوب معي بعد أن أبعدت كل شكوكه بأن هذه الفتاة هي أنا، وقد تحدث بطريقة وقحة جدا، وبألفاظ فاضحة جدا جدا، وأقام علاقة وهمية على الإنترنت، وعندما سألته أنكر، وقال أنه كان قد عرفني وأراد إغاظتي، لم أصدقه طبعا؛ لأن هناك تفاصيل كثيرة تثبت أنه لم يعرفني.

تركته وانقطعت الاتصالات بيننا بسبب انقطاع الطرق والاتصالات في البلد، وكان في هذه الأثناء في منزل أخته في مدينة أخرى، وعندما عادت الاتصالات اتصل بي كثيرا وبكى ورجاني، واعترف أنه ندم وأنه لن يعيد هذه النزوة، وقال: إنه يريد الزواج مني في اليوم الذي أحدده، وبالشروط التي أتمناها، لم أوافق بداية، ثم لان قلبي؛ لأني أحبه.

بعد مرور أيام وجدت رقما مكتوبا على ورقة في جيبه وفوقه اسم فتاة، وعندما سألته قال: إنها ابنة جارة أختي، وأني لا أعرفها، لكني عندما اتصلت بالرقم من جهازه وجدته محفوظا باسم محمد، صعقت كثيرا وتركته، وبدأ بالكذب مجددا بأنه لم يحصل بينهما أي شيء، وأن أهله قد عرضوا عليه الزواج منها لا أكثر، وأنه اتصل بها كحديث عادي، وهذه المرة أنا متأكدة من كذبه بسبب تفاصيل أيضا لم أذكرها.

عاد للترجي مرة أخرى والبكاء والوعود نفسها، لكني تركته وما زال إلى الآن يعدني ويقسم أنه تغير لأجلي، لا أستطيع تصديقه ولم أعد أرى فيه سوى الإنسان الكاذب، وفي ذات الوقت أحبه، وهو يقوم بالمستحيل لإرضائي والزواج مني، علما أنه شاب مسيحي ومُصر على اعتناق دين الإسلام للزواج بي؛ لأني فتاة مسلمة.

محتارة كثيرا، هل سأندم إذا أعطيته فرصة أخيرة وسامحته؟ أم سيبقى كاذبا طوال عمره وسأبقى مخدوعة؟ وهل لشكي دور فيما حدث؟ أرجو المساعدة؛ لأني لم أعد أقدر على التركيز في عملي بسبب وقوعي بين نارين: القلب، والعقل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رؤى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديه للإسلام وأن يبعده عن الحرام، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد.

لا شك أن دخوله للإسلام هو أول وأهم الخطوات، فاجعلي مهرك الإسلام، ورضاك به إذا بادر الآن إلى الإسلام، بل أوقفي مجرد التفكير فيه حتى يثبت لك أنه أسلم، وعندها سيعلم أن الإسلام انقياد لله وطاعة، ولا بد أن يدرك الجميع أن الأديان السماوية تحرم العلاقات خارج الأطر الشرعية أو الرسمية، بل أصحاب الفطر السليمة لا يقبلون بالعبث في هذه الأمور، ومن هنا فلا بد أن تتوقف العلاقات العاطفية، ووجهيه لمركز إسلامي أو لدعاة وعلماء ليستقبلوه ويوضحوا له الإسلام، ويجيبوا عن استفساراته، فإن وافق وذهب ثم أسلم فهنيئا لك بالأجر العظيم.

أما إذا لم يسلم فاعلمي أنه لا يجوز لك الزواج منه بأي حال بل هو حرام ولا يصح، على أنه ينبغي عليك الالتزام بالضوابط الشرعية مع الرجل قبل الخطوبة وأثناءها حتى يتم عقد القران.

ونتمنى أن توقفي التجسس عليه، واعلمي أن الاحتيال وتغيير الأصوات لمعرفة أحوال الشاب أو الفتاة لا يقبل من الناحية الشرعية، ولا يعد معيار دقيقا؛ لأن مبادرة المرأة وتغنجها وعرضها لنفسها، وفتحها لكل الأبواب مع الشاب فتنة عظيمة قل أن يصمد أمامها الشاب، وكذلك ما يفعله بعض الشباب لاختبار الفتيات، والغواني يغرهن الثناء.

إذا أخذنا في الاعتبار أن الشاب غير مسلم، فما الذي يردعه ويمنعه؟ ومن هنا تتجلى الحكمة في أن يسلم أولا، ويعرف الحلال والحرام، ونبشره بأن الإسلام يجبّ ويمحوا ما قبله، كما أن التوبة النصوح تجب وتمحوا ما قبلها.

وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بعدم تكوين علاقات مع الشاب إلا بعد مجيء الشاب من الباب ومقابلة أهلك الأحباب، كما نتمنى أن تعتدلي في غيرتك مع أن الغيرة مطلوبة وهي دليل الحب، ولكنها تنقلب إلى ضدها عندما تزيد عن حدها، وتصبح شكوكا وظنونا وتفتيشا وتنبيشا وعدم ثقة، واعلمي أن العلاقة الناجحة تقوم على الثقة المتبادلة بين الطرفين، وتأسيس الأسرة قبل ذلك على الدين والأخلاق، فرحلة الحياة الزوجية طويلة، ولا يصلح بناؤها على رمال متحركة.

نسعد جدا بالاستمرار في تواصلك مع موقعك، ونحيي فيك هذا النضج الذي دفعك لتقديم العقل، ونشرف بخدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يهديك وييسر لك الهدى، وأن يجعلك سببا لمن اهتدى.

وفقك الله وسددك، وحقق لك أمنياتك وأملك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً