الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما أعاني منه يعتبر أعراض اكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم

أريد أن أعرف ماهي نسبة أو درجة الاكتئاب عندي، وهل يجب علي زيارة طبيب نفسي، أو تناول أدوية مضادة للاكتئاب؟ علما بأن الأعراض التي أواجهها كالتالي:

حزن تقريبا طوال اليوم، وبكاء أكثر من السابق ومعظم الوقت، وتعكر المزاج بشكل حاد وعصبية، والخمول وعدم الرغبة في فعل أي شيء، وأحيانا أرغب في النوم، ولكن لا أستطيع، وأحيانا أرغب في الاستيقاظ ولا أستطيع، وقلت شهيتي للأكل بشكل بسيط جداً، ولم ألاحظ أي تغير في وزني، وكذلك عدم الرغبة في مشاركة أحد أو التحاور مع أحد، وأصبحت أحب العزلة والوحدة والهدوء، وتأتيني فكرة الانتحار من وقت ﻵخر -لكنه لوقت قصير، أي من الممكن أن أكف عن التفكير خلال يوم واحد فقط-.

أفكر بالموت وأقول في نفسي: أن الحياة لا قيمة لها، أو إذا مت أرتاح، أشعر بالذنب طوال الوقت، وأشعر أن المشاكل كلها بسببي، أشعر بأنني معاقبة على الأفعال الخاطئة في حياتي، أشعر بصداع وآلام في كل مكان، وأصبحت منذ أسبوعين تقريبا أجرح نفسي، وأحاول أن أؤذي جسدي، وبالفعل لدي بعض الجروح على يدي ووجهي ولكنها ليست عميقة، مجرد شروخ على الجلد، كما أريد أن أعرف هل الفعل السابق يدل على محاولة انتحار، أم أنها فقط تنفيس لما بداخلي من مشاعر سلبية وألم؟ وصدري يؤلمني جداً وعندما أبكي أحس بغصة.

وشكراً لجهودكم لمساعدتي ومساعدة من يحتاجون النصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

المكوّن الرئيسي لقياس الاكتئاب النفسي هو درجة المزاج والاستمتاع بالحياة، وقبول ما هو إيجابي ومحاولة تطويره، ثم بعد ذلك هنالك أعراض أخرى كثيرة تأتي في الاعتبار، وقد ذكرناها في حالتك وبصورة جلية جدًّا، لذا أقول لك أنت تعانين من درجة متوسطة إلى شديدة من الاكتئاب النفسي، وهذه بالفعل تتطلب العلاج، و-إن شاء الله تعالى- تستجيب للعلاج.

في مثل عمرك الاكتئاب النفسي يجب أن يُؤخذ مأخذ الجدية، والاكتئاب النفسي بصفة عامة لم يكن معروفًا في مَن هم في عمرك، لكن خلال السنوات الأخيرة أثبتت دراسات كثيرة جدًّا أنه بالفعل يُوجد كمرض حقيقي وسط اليافعين والشباب.

من أهم الأشياء التي تعالجين نفسك من خلالها هو ألا تقبلي هذا المزاج السيء، أدخلي على نفسك أفكارًا إيجابية، أفكارًا جميلة، قائمة على الأمل والرجاء، كوني منظمة لوقتك بصورة صحيحة، تجنبي النوم النهاري تمامًا، اجتهدي في دراستك، كوني بارة بوالديك، حافظي على صلواتك، هذه -إن شاء الله تعالى- تُخرجك من الاكتئاب النفسي بصورة جيدة جدًّا.

وذهابك للطبيب النفسي أراه مهمًّا وضروريًا، تحدثي مع والديك وأنا متأكد أنهما لن يرفضا أن تذهبي إلى الطبيب، لأن العلاج النفسي السلوكي وكذلك العلاج الدوائي مطلوب جدًّا في حالتك، وأعتقد أن حالتك ليست مستعصية، على العكس تمامًا، -إن شاء الله- هي من الحالات التي يمكن تداركها، وأود أن ألفت النظر والانتباه على أن التدخل الطبي النفسي العلاجي المبكر دائمًا يُعطي نتائج ممتازة جدًّا في علاج مثل هذه الحالات.

بالنسبة للنقطة الأخيرة والتي ذكرت من خلالها أنك تجرحين نفسك، وإن كان هذا محاولة انتحار أم لا؟ أقول لك: لا، هذه ليست محاولة للانتحار، إنما هو جزء من الاستشعار الشخصي الجسدي الذي قُصد به التنفيس كما ذكرتِ، لكن عمومًا هذا المنهج السلوكي لا نقره أبدًا، فالإنسان يجب ألا يشوه ذاته ولا يشوه جسده، ومثل هذه التصرفات والأفعال ليست جيدة في حق البنت وسمعتها، فأرجو أن تتوقفي عن هذا السلوك، واذهبي إلى الطبيب النفسي، و-إن شاء الله تعالى- سوف تجدين منه كل مساندة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً