الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعض المشاكل في تربيتي وتعامل والدي أدت لضعف ثقتي بنفسي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 23 سنة، يأتيني اختناق كثيرا، وضيق في التنفس، ذهبت لدكتور الصدر وأخبرني أني لا أعاني من شيء وأنها حالة نفسية، لكن لما أتضايق يأتيني ضيق التنفس، وعندي غازات مزعجة لدرجة لا أقدر أن أتحكم فيها إطلاقا، وأعاني من كوابيس، ووخزات في أنحاء الجسم والصدر، وقال البعض أني محسودة، وكثيرون ينظرون إلي نظرات حسد، وأشعر بها وبدأت أداوم على الأذكار، ماذا أفعل بعد ذلك؟ أيمكن أن تفعل الأذكار معي شيئا؟

والإنسان قد يبتعد عن ربنا بعض الشيء في لبس أو خلافه، أنا تعبت من حياتي، ومخنوقة من كل شيء في البيت، ساعات أحس نفسي طبيعية وساعات أخرى أحس نفسي غير طبيعية، وساعات أتقبل موضوع الخطوبة وأول ما يدخل في الجد أكرهه، وفي الماضي كنت أعيش في دور الولد، أبي أحيانا يرفع من ثقتي بنفسي وغالبا يحطمني نفسيا خاصة عندما أرفض خطيبا، وأتضايق لو خطب الرجل الذي رفضته فتاة أعرفها، أصبحت حقودة مع أني أحب هؤلاء الناس، وبسبب طيبتي وصدمتي في الناس أصبحت لا أحب إلا القليل، ونفسيتي تتحطم عندما أخدع في الناس.

ولوقت قريب في الثانوي لم أكن متقبلة لموضوع الخطبة، وأحس أني غيورة، ورفضت رجالا كثرا كانوا جيدين، وغالبا عندما يراني بعض الرقاة يقولون عني محسودة، ويعطيني برنامجا لعلاج الحسد، ولكني أهمل في اتباعه.

أعيش في فراغ كبير، أعمل في حضانة خاصة حوالي أربع ساعات صباحا، وباقي اليوم بلا عمل، حتى لو اشتغلت أفكر كثيرا، أمي تعودت أن لا أتكلم معها في أي شيء خاص، كانت مشغولة بأقارب أبي وأخبارهم، وكنت آخر اهتماماتها، وتقول: ضيعت عمرى عليكم. للأسف أغلب الأمهات والآباء يعتقدون أن التربية مجرد نقود وملابس وأكل، ويقولون: ماذا ينقصك؟ ينقصني أن تعلموني الحياة كيف تسير؟ أصبحت فتاة غير واثقة بنفسي، لما بدأت أدخل النت وأقرأ وأتعلم بدأت أتغير، هناك معلومات تعرفها الصغيرات لم أعرفها إلا في الكلية.

وأبي عندما أخالفه في الرأي ويكون رأيي صحيحا في النهاية، يقول: ماذا تعرفين أنت؟ أنت لا شيء. هما طيبان لكن يدمرانني نفسيا بدون أن يشعرا بندم على الماضي، ضيعت فرصا كثيرة، وغالبها ربنا أكرمني في رفضها، وإلا كنت سأعيش حياتي تعيسة، والحمد لله دائما، اختار لي الله الخير، ولكن نفسي تريد لي الهلاك، وأشعر بالندم على هذه الفرص، أشعر أني أميل للأشياء الغريبة السيئة غالبا في اختيار الزوج، لكن عقلي دائما يرفض، وعندي صراع بين ما تعودت عليه وما تريده نفسي، وبين عقلي والصحيح الذي تعلمته، وأعاني الفراغ أيضا، وغالبا أتضايق من أي موضوع في البداية ولا أرتاح إلا بعد تفكير طويل جدا، وبعد أن يكون الوقت قد فات.

أسألكم الدعاء، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا مجددا بهذا السؤال.

يقال أن تأتي متأخرا خير من لا تأتي. كثير منا قد يتعلم بعض الأشياء في وقت متأخر، إلا أننا في قد تعلمناها -ولله الحمد-، ولا بد أن هناك أمور أخرى كثيرة قد تعلمتها في وقتها المناسب، فلا يفيد كثيرا البكاء على ما حدث وما يمكن أن يحدث وانتهى، والأفضل منه التركيز على ما يمكن أن يحدث في المستقبل.

وكما ذكرت لك في جوابي على سؤال سابق لك: حاولي التركيز على بعض الأمور الهامة في حياتك، وأن تبدئي بها، وشيئا فشيئا فستشعرين بالطمأنينة والراحة، ويبدو أن الموضوع الجوهري عندك هو ما له علاقة بطريقة التربية التي تلقيتها، وهو موضوع ضعف الثقة بالنفس، طبعا ليس هناك إنسان عنده ثقة بنفسه 100%، وإنما يختلف الأمر من شخص لآخر، وحتى عند ذات الشخص قد يختلف الأمر من وقت لآخر، فالشخص العادي والذي ثقته بنفسه لا بأس بها، قد يشعر بالتردد وضعف الثقة بالنفس نوعا ما عندما يكون أمام تحد جديد في حياته.

وهناك خطوات كثيرة يمكن أن تبني ثقة الشخص في نفسه، واطمئني فأنت بمجرد الكتابة إلينا فقد قمت بالخطوة الأولى، وهي أن يشعر الإنسان أو يقرّ بأنه يحتاج لرفع الثقة بالنفس. حاولي أن تتعرفي إن استطعت على بعض أسباب ضعف الثقة بالنفس عندك، هل هي طبيعة التربية؟ أو وجود من أكثر أو يكثر من انتقادك؟ ويبدو هذا من علاقتك وتفاعلك مع أمك، لأن هذا مما يضعف الثقة بالنفس، وأحيانا مجرد انتباهك لهذا يمكن أن يحميك من المزيد من الضعف.

وتذكري بأنه لا يوجد إنسان "كامل"، فكل واحد يمكن أن يرتكب أخطاء، فحاولي أن تتعلمي بعض الدروس من بعض أخطائك، تجنبي الميل للكمال، وأن أمورك يجب أن تكون كلها أفضل ما يمكن، فأحيانا لا بد أن نقبل بأقل مما هو الأفضل.

ومما يعزز الثقة بالنفس كثيرا، موضوع تعزيز إيجابياتك ونجاحاتك المختلفة في الحياة، فتعرفي على نقاط القوة عندك، وافتخري بها. فأنت مثلا تعملين في حضانة خاصة في فترة الصباح، وهذا بحدّ ذاته أمر طيب جدا، فكم هناك من الفتيات من يتمنين مثل هذه الفرصة من العمل؟ هل أنت جيدة في بعض المهارات المتعلقة بعملك في الروضة؟ هل تحبين اللغات؟ هل تتحلين بالروح المرحة؟ هل تتقنين هواية فنية من الهوايات؟

واشكري الله تعالى على الدوام على النعم التي أنعم بها عليك، فالشكر على النعم تزيد ثقتك بنفسك، قال تعالى: {ولئن شكرتم لأزيدنكم}، وحاولي أن تكوني إيجابية مع نفسك، ومع الآخرين، وانظري لنصف الكأس الممتلئ، وليس فقط للنصف الفارغ. وإن تقديرك لما عند الآخرين يعزز ثقتك في نفسك. ساعدي الآخرين فيما يحتاجون، وهذا من أكبر أبواب زيادة الثقة بالنفس، وفي ذات الوقت إن مدحك أحد على أمر إيجابيّ عندك، فاقبلي هذا المدح، واشكري الله عليه، واشكري هذا الشخص.

اقتربي من أمك أكثر، وحاولي ان تكتشفي الإيجابيات الموجودة عندها، فهذا سيساعدك ويساعدها كثيرا، انظري في المرآة، وابتسمي لنفسك، وقولي الحمد لله على ما وهب، حاولي أن تعبّري عن رأيك في الأمور مع الآخرين، وإذا رأيت التمسك بهذا الرأي فلا بأس، وفي بعض لحظات ضعف الثقة بالنفس، وكلنا قد يشعر بها أحيانا، لا بأس أن تتصنعي أو تتظاهري بالثقة في النفس، فهذا لن يضرك، وإنما يعطيك الشجاعة والثقة، تصرفي وكأنك أكثر فتاة ثقة بنفسها في هذا العالم، ولم لا؟ وتذكري بأن النجاح يؤدي لنجاح، والثقة القليلة بالنفس يمكن أن تزيد هذه الثقة، وهكذا.

ولعل في كل ما ذكرته لك من خطوات يكفيك لتعزيز ثقتك بنفس. وفقك الله ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ليلى

    جزى الله حضرتك خير الجزاء وجعله ف ميزان حسناتكم انا ارتحت كثيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً