الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات الفزع أصابتني بالكآبة، فما السبيل للتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم...

أنا سيدة متزوجة، عمري 27 سنة، قبل فترة قصيرة بعثت لكم باستشارة وقد أجبتم مشكورين، أنني أعاني من حالة قلق المخاوف.

أنا في حيرة من أمري، كانت قد أتتني نوبتان فزع بينهم شهر تقريباً، من ثلاث أشهر، ومن وقتها وأنا أعاني من كآبة، المشكلة أنني لا أتصور نفسي ضعيفة لدرجة أن أصاب بشيء نفسي، ثم إنني تربيت في أسرة نشأتها النفسية سليمة، إضافة أنني فتاة عشت كل عمري محبوبة واجتماعية وملتزمة ومحبة للحياة ومتفوقة، وكنت دائماً أقف وراء زوجي في كل الأمور وأدعمه، وقبل ثلاثة شهور فقط، لم أكن إلا امرأة وأم طبيعية جداً.

لماذا ظهر كل شيء فجأة، هل لأنني مرضعة وكل هذا اضطراب هرموني؟ أنا الآن -والحمد لله- أسيطر طوال النهار على الأعراض الجسدية، وهي كالتالي: ارتفاع النبض، وضيق في الصدر أحياناً، فأشعر بألم في يديّ وأكتافي، ولا أعرف لماذا أشعر بألم في رقبتي أيضا من جهة اليسار، كأن شيئاً يضغط عليها، مع ضغط داخل الأذن اليسرى، مع أن ضغطي طبيعي، حتى أن القلق يأتيني عند النوم، وتصبح ضربات قلبي سريعة، والآن تأتيني أفكار عن أهمية الحياة، وأن كل شيء زائل، وبالرغم من ذلك، وفي وسط الضغط النفسي والغربة والمشاكل، لم أكن إلا صبورة وداعمة لزوجي ومرحة، والآن فعلا لا يوجد سبباً يجعلني حزينة، فزوجي على وشك عمل جديد، وهو إنسان صالح ويدعمني، ولدي طفلتان جميلتان، فلا أتصور أنني أطرق باب طبيب نفساني.

سؤالي: لماذا ظهرت الكآبة فجأة؟ وهل هو اضطراب هرموني؟ وكيف أرجع نفس الإنسانة قبل ثلاثة أشهر فقط؟ وهل هو نقص فيتامينات؟ وهل أتابع مع طبيب القلب الذي أخبرني أن عندي نهي عصبي وهذا يسبب الكآبة، وعلاجه هو (السبرام)، ولكن يجب أن أفطم ابنتي وعمرها ستة شهور؟ هل من الممكن أن أرجع مثل الأول وأفضل؟

أرجوكم أفيدوني، وجزاكم الله كل الخير، شكراً لكم جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هوّني عليك -أيتها الفاضلة الكريمة-، أنت بالفعل لديك قلق المخاوف، وهنالك جانب وسواسي بسيط، وهذا كله أدى إلى عسر المزاج، وربما يكون مرتبطًا بفترة ما بعد الولادة، والتي نعتبرها في الطب النفسي اثنا عشر شهراً وليست أربعين يوماً كما يعتقد البعض.

موضوع التغيرات الهرمونية التي تعقب الولادة: لا أحد يستطيع أن يجزم أن هذا هو سبب هذه الاضطرابات النفسية التي تحدث لبعض النساء، لكنها نظرية معتبرة، وإن لم تثبت إثباتاً قاطعاً.

المهم في الأمر -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تعرفي تماماً أن هذه الحالات يمكن أن تُعالج، وتعالج بصورة ممتازة جدًّا، وبما أن الاعتقاد الشائع أن الأعراض البيولوجية تلعب دوراً في هذه الحالات خاصة بالنسبة للنساء اللواتي لديهنَّ بعض الاستعداد للقلق الشمولي، فالأدوية مهمة في هذه الحالات، والاستجابة لها طيبة جدًّا.

أنا حقيقة أدعوك لأن تذهبي إلى طبيب نفسي، أولاً أريدك أن تكسري هذه الوصمة الاجتماعية، الأطباء النفسيين حقيقة يمارسون مهنة طيبة وجيدة ويساعدون الناس كثيرًا، والآن المفاهيم حول الطب النفسي تغيرت، لكننا نريد الناس أن يكونوا أكثر إيجابية.

أنت لا تعانين من مرض ذهاني، ولا تعانين من خلل اجتماعي، كل الذي بك هو نوع من قلق المخاوف الوسواسي مع اكتئاب ثانوي، وهذا يعالج بصورة فاعلة جدًّا، فذهابك إلى الطبيب أعتقد أنه أمر جيد، وإذا أعطاك طبيب القلب دواء مضادًا للخوف وللاكتئاب لا بأس في ذلك، (السبرام) لا بأس به، لكن بسبب موضوع الرضاعة بالفعل يجب التوقف عن (السبرام)، وإن أردت أن تستمري في رضاعة ابنتك فعقار (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، سيكون هو الدواء الأفضل، هذا الدواء لا بأس به مع الرضاعة، خاصة إذا تعدى عمر الطفل أربعة أشهر، لأن بعد مضي أربعة أشهر حتى ولو تمَّ امتصاص بعض الدواء عن طريق الحليب، فكبد الطفل تكون في وضع جيدًا وممتازًا من حيث القدرة على استقلاب الأدوية وتمثيلها أيضيّاً، يعني أن الكبد لها القدرة والقوة أن تتخلص مما يأتي من دواء بسيط للصغير دون حدوث أي ارتدادات سلبية.

فشاوري طبيبك في موضوع (السيرترالين)، وهناك طريقة جيدة جدًّا، وهي أن يتم تناول هذا الدواء ولا يُعطى الطفل من الحليب الذي سوف يتكون بعد ثمانية ساعات من تناول الدواء، هذا الحليب يُشفط من الثدي، وبعد ذلك يمكن أن يرضع الطفل من الحليب الذي يتكون بعد ذلك، عمومًا الأمر -إن شاء الله تعالى- بسيط، والأحوال كثيرة، ورحمة الله لا سقف لها أيتها الفاضلة الكريمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً