الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يوسوس لي الشيطان بقلة طاعاتي وأني في النار كلما هممت بعبادة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا عمري 15 سنة، -ولله الحمد- ملتزمة ولبست الحجاب الشرعي مؤخرا، ومحافظة على صلواتي والسنن الرواتب والأذكار اليومية، وصيام التطوع من اثنين وخميس، كما أني متميزة في دراستي وأتمنى أن أتخرج طبيبة أعمل لخدمة الدين وأفيد المسلمين، لكني من فترة أعيش ضيقا في صدري، ففي العطلة الصيفية كلما بدأت بقراءة القرآن تحدثني نفسي أني كافرة وأني في النار.

والآن إذا أردت الدراسة والتفوق يحدثني الشيطان أني مقصرة في طلب العلم الشرعي، وأني مهتمة بأمور الدنيا فالدراسة لا تنفع بشيء، فيقول لي: عباداتك قليلة وأنت في النار. حتى أني فكرت بالانقطاع عن الدراسة وطلب العلم الشرعي وحفظ القرآن، أنا في العطلة أتمنى حفظ كتاب الله والتفقه فيه، لكن أثناء الدراسة الوقت يصبح قصيرا، كلما أستغفر الله وأذكر اسم الله يأتي في مخيلتي أني استبدلت اسم الله بالشيطان، كما أني كلما بدأت بقراءة الأذكار يأتيني الشيطان ويقول لي: كيف الله مطلع عليك وأنت في غرفتك؟ من فضلكم وصفة لتجاوز هذه الوساوس والهموم، فحياتي أصبحت صعبة، كما أن أمي مرضت من أجلي، فهذا شيء أقوى مني ولم أتمكن من تجاوزه، بل هو يزداد يوما بعد الآخر.

بارك الله في علمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأنا بداية مُعجب بك غاية الإعجاب، ومن قلبي أدعو لك أن يثبتك الله على الحق، وأن يوفقك للوصول إلى ما تريدين، لتكوني طبيبة تخدمين الإسلام والمسلمين.

وأما عن هذه الوساوس التي جاءتك فهي نوع من حرب الشيطان عليك، لأن الشيطان – لعنه الله - عندما عجز أن يمنعك من العبادات والطاعات، وعجز عن منعك تتركين هذه الطاعات والعبادات بدأ يتجه إلى قلبك لإفساد علاقتك مع الله، لأن الشيطان – يا بُنيتي – يُركز حربه على محورين: المحور الأول الشهوات، والمحور الثاني الشبهات، أما الشهوات فهي المعاصي الظاهرة التي تكون عن طريق العين أو اليد أو اللسان، أو غير ذلك من المعاصي التي يفعلها معظم الناس، وهذا نوع من حرب الشيطان على المسلمين.

وأما الشبهات فهي تكون على القلب، بمعنى أنه يثير هذه الشكوك وهذه الوساوس التي وردت في رسالتك، هذه كلها من الشيطان، ولذلك أتمنى أولاً كلما بدأت هذه الأفكار تشعرين بأنها بدأت تدخل في ذاكرتك، حاولي أن تشتتي هذه الأفكار، لا تستسلمي لها وحاولي أن تقاومي فكريًا.

ثانيًا: إذا كنت على حال حاولي أن تغيري هذا الحال، يعني إذا كنت جالسة فقومي، وإذا كنت وحدك فحاولي أن تخرجي من غرفتك وأن تتكلمي مع الوالدة أو مع أخواتك أو مع أي أحد، أو أن تنظري إلى النافذة أو أن تقرئي في شيء، المهم أن تشغلي بالك بأي شيء آخر غير الذي في أنت فيه عندما يأتيك الشيطان.

كذلك أيضًا عندما تشعرين بهذه الأفكار استعيذي بالله تعالى، واتفلي على يسارك ثلاث مرات، قولي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) واتفلي ثلاث مرات على يسارك، وحاولي أن تشغلي بالك بأي شيء.

توجهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، - الحمد لله - أنت على خير وأعمالك رائعة، وهذا الذي يغيظ الشيطان ويجعله يركز عليك، ولذلك سوف تتعرضين لحملات أشد من هذه الحملات، لأن الشيطان هذا دوره، لأنه أعدى أعداء الإنسان كما قال الله تبارك وتعالى: {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} فلأن الشيطان عجز عن إيقافك عن العبادة أو منعك من الحجاب الشرعي، فإنه بدأ يغزوك عن طريق هذه الشبهات والوساوس التي يقذفها في قلبك حتى تؤثر في علاقتك مع الله، فأنت عندما تأتيك هذه الوساوس – كما ذكرت – حاولي أن تطارديها ولا تستسلمي لها ذهنيًا وفعليًا، ذهنيًا بأن تحاولي أن تشتتي الفكرة بالتفكير في أي شيء آخر، وفعليًا كما ذكرت لك بأن تغيري الحالة التي أنت عليها، يعني إذا كنت نائمة فقومي، وإذا كنت جالسة فتحركي، تكلمي مع أحد، انظري إلى النافذة، كلمي الوالدة، كلمي أي أحد، المهم أن تشتتي هذه الأفكار.

كذلك عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصرف عنك كيد الشيطان ووساوسه، كما أوصيك بالمحافظة جدًّا على أذكار الصباح والمساء بانتظام، وحاولي أن تكوني على طهارة معظم الوقت إن كان ذلك ميسورًا وسهلاً بالنسبة لك.

حاولي أن تُحددي وقتًا للمذاكرة والتزمي بهذا الوقت، وقتًا محددًا، واجعلي مذاكرتك عادة، بمعنى مثلاً أن تبدئي من الساعة السادسة إلى الساعة السابعة أو الثامنة، ليس لك أي عمل آخر إلا المذاكرة حتى تنتهي من مراجعة الواجبات اليومية التي عليك، ومراجعة الدروس المطلوبة منك.

أقترح بأن تؤجلي موضوع حفظ القرآن الكريم إلى العطلة الصيفية، لأن الوقت قصير، وقد لا يتيسر لك أن تحفظي القرآن مع مراجعة الدروس، ولذلك يكفيك قراءة ورد من المصحف يوميًا سواء كان نصف جزء أو ربع جزء أو جزء، حسب ما يتيسر لك، مع أذكار الصباح والمساء.

حافظي على أذكار النوم – يا بُنيتي –، واجتهدي أن تنامي على طهارة، وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يعافيك الله تعالى، وأكثري من الاستغفار، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في أوقات الفراغ، أكثري من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم –، وركزي فعلاً في دراستك، وانتبهي لشرح المعلمات، واعلمي أنك في تحدي ولا بد أن تنتصري على الشيطان، لأن الله قال: {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشيطان ليفرك من المؤمن) أي يخاف من المؤمن، فثقي وتأكدي أنك أقوى منه مئات المرات، وأنه ضعيف هزيل حقير، لا يستطيع أن يؤثر فيك بشيء، ولكن هذه حرب قذرة يشنها على قلبك حتى يُفسد عليك علاقتك بربك، فلا تمكنيه من ذلك، وحاولي المقاومة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أفغانستان حكيم

    أذكار الصباح و المساء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً