الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بملل وفراغ في حياتي، فهل أنا مصابة بالاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم على هذا الموقع الرائد.

عمري 37 سنة، أم لثلاثة أطفال، متدينة، وأحب النظام والعمل، خجولة، وبالذات في مرحلة الدراسة، منذ 10 سنوات -وأعتقد بسبب حبوب منع الحمل- بدأت أحس بملل وفراغ كبير بداخلي، ولم أعد أشعر بالسعادة، وكأن كل شيء متوقف، وقبل النوم تأتيني أحيانا أفكار مرعبة كالموت، والحوادث، وأندم كثيرا على مواقف سابقة.

أعمل في مركز مرموق -ولله الحمد- ولكن لا أدري لماذا أشعر بأن عملي ممل، وليس له أهمية، حتى أوامر المدير، أراها سخيفة، فكرت بالانتقال إلى عمل آخر، ولكن لم يشجعني أحد، وبعد تركي لحبوب منع الحمل؛ تحسنت نوعا ما، ولكن ينتابني شعور الملل والفراغ قبل الدورة الشهرية بأسبوع أو 10 أيام، وأحيانا يكون شديداً لدرجة التغيب عن العمل بلا سبب.

قبل سنتين أصابني أرق بسبب مشاكل عائلية بسيطة، فاستيقظت ذات يوم وأنا أشعر بدوار شديد عند تحريك الرأس لأسفل، ولم أستطع النوم والصلاة إلا جالسة، وذهبت لطبيب أذن وتوازن، فوصف لي بيتاسيرك 24، وفيتامين ب 12، وبعد شهر تحسنت، ولكن شعور عدم التوازن يأتيني أحيانا، وتكررت هذه الحالة بعد سنة، ثم بعد ستة أشهر، وفي المرة الأخيرة أصبحت أرى زغللة في النظر وكأن المياه تتحرك، وأنام بصعوبة لأني أرى أضواء متحركة عندما أغمض عيني.

أجريت جميع الفحوصات، وعملت أشعة رنين مغناطيسي للرأس، وكانت كلها سليمة - والحمد لله -، كما أني استعملت بيتاسيرك، وميثيكوبال 500، وتحسنت، ولكن الزغللة لم تذهب، فهل أنا مصابة بالاكتئاب؟ وإذا كان كذلك فما هو الدواء المناسب؟ لأن زوجي يرفض بشدة أن أذهب إلى طبيب نفسي، ويستسخف هذه الفكرة.

للعلم: منذ سنتين وحتى الآن توقفت عن استخدام حبوب منع الحمل، وأجهضت ثلاث مرات، ولم يعرف السبب.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أرى أنك مصابة باكتئاب نفسي، فحالتك (حقيقة) لا ينطبق عليها معايير الاكتئاب النفسي، وهذا أمر جميل وطيب وحميد، وكل الذي بك هو أعراض قلقية بسيطة، وقلقك هو من النوع المتذبذب، ومن النوع الغير مطبق، وهذا أيضًا أمر إيجابي جدًّا.

الذي أراه هو أنك لست محتاجة أبدًا لأدوية مضادة للاكتئاب، وإنما محتاجة لأن تكوني إيجابية في تفكيرك، وتتغلبي على الملل من خلال حسن إدارة الوقت، وأن تكوني مُقدمة على الأمور بفعالية أكثر وإيجابية أكثر، وأن تقيّمي ذاتك التقييم الصحيح.

أنت تقولين: بأنك ناجحة في حياتك وفي عملك، وهذا أمر ممتاز، ولكن يجب أن تُنزلي هذا إلى أرض الواقع، بمعنى أن كيانك الداخلي يجب أن يستشعر هذا الأمر، وبالفعل أنت لديك أشياء طيبة جدًّا في الحياة، فإذن أنت محتاجة لإعادة تقييم الذات، وأن تتفهمي ذاتك بصورة أفضل، وأن تقبلي ذاتك، وأن تسعي في تطويرها.

بالنسبة لموضوع حبوب منع الحمل: فحوله خلاف كثير جدًّا، فقد كان يُنظر فيما مضى إلى حبوب منع الحمل بأنها ربما تكون مسببة للاكتئاب النفسي، ولكن هذا الأمر لم يُثبت إثباتًا علميًا حقيقيًا، ولكن قطعًا حبوب منع الحمل لا يُنصح باستعمالها لفترات طويلة، وهذا مؤكد وثابت من الناحية العلمية.

أنا أرى بأنك محتاجة للتالي:

- تطبيق بعض التمارين الرياضية البسيطة التي تناسب المرأة المسلمة، هذا سوف يفيدك.

- لا تتركي عملك ما دام العمل جيدًا ومقنعًا، وأنت -والحمد لله تعالى- منتجة ومتميزة ومثابرة، وما يأتيك من ملل أو شعور بالتراخي الداخلي هو أمر طبيعي يحدث للبشر، ولا أعتقد أن الجغرافيا سوف تكون حلاًّ، بمعنى أنني لا أعتقد بأن الذهاب لمكان عمل آخر سوف يكون هو القرار الموفق؛ لأن الإنسان إذا كان قلقًا وسريع الملل، فإنه يصعب عليه التواؤم والتكيف مع محيط جديد، فانظري للأمور على هذه الكيفية، وأعتقد أن أمورك (عامة) سوف تسير على خير.

- كما أريدك أن تتدارسي بعض الكتب التي تُفيد الإنسان فيما يخص تأكيد الذات، مثلاً كتاب: (التعامل مع الذات) للدكتور بشير الرشيدي، فأنا أراه من الكتب الجيدة، وكتاب الدكتور أيمن أسعد عبدو، والذي يسمى: (التغيير من الداخل) أيضًا من الكتب الإرشادية الجيدة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: ربما تكوني محتاجة لدواء خفيف مضاد للقلق، مثل عقار: (بسبار)، أو عقار: (فلوبنتكسول)، وهذه أدوية لا تتطلب الذهاب إلى الطبيب النفسي، وإذا ذهبت إلى أي طبيبة في المركز الصحي أو في الرعاية الصحية الأولية من أجل إجراء فحوصات عامة، وأضحت لها هذه الأعراض، فاذكري لها أننا قد ذكرنا لك أن هذا نوع من القلق البسيط، وأنا متأكد من أن الطبيبة سوف تقوم بإعطائك أحد الأدوية البسيطة والفاعلة -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً