الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مواجهة الأشخاص... وحالة الحرج وضربات القلب عند ذلك

السؤال

سلام الله عليكم.

متزوج وعندي بنتان، وأعمل كمدرس، لكن للأسف الشديد لا أستطيع مواجهة الأشخاص الذين بيني وبينهم مشاكل أو خدمات، فأشعر بضربات قلبي، كما لا أستطيع أن أقوم وأتكلم بين الناس بسبب الإحراج!

نرجو منكم مساعدتي، فإني أتهرب من الدورات التعليمية، خوفاً من أن أتكلم فيها أو أدلي برأيي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.

موضوع الارتباك أمام الآخرين، وصعوبات الحديث معهم، فإنه لأمر طبيعي أن يشعر الإنسان ببعض الارتباك عند الحديث، عندما يكون وسط جمع من الناس، وتشعر بأعراض الارتباك أمام الناس، وخاصة أنك تشعر بالضيق الشديد، وربما بعض الأعراض الأخرى، فالغالب أنها حالة من الرهاب الاجتماعي.

في الرهاب أو الخوف الاجتماعي يرتبك الإنسان من لقاء الناس، والنظر في وجوههم، أو الكلام أمامهم، والاجتماع بهم في بعض الظروف الاجتماعية؛ حيث تجد صعوبة في الحديث مع الناس وخاصة الغرباء، أو الذين بينك وبينهم بعض الاختلافات، مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك، والأعراض الجسدية الأخرى، كالقلق والتنميل والتعرق، والارتعاش وضعف التركيز، ربما في فهم ما يُقال لك.

بالتالي: فقد تشعر بعدم الرغبة في لقاء الناس، وتجنب الدورات التدريبية كما ذكرت، حيث تجد صعوبة في مواجهة الناس، مما يقلل عندك من طبيعة الحياة الاجتماعية.

بسبب كل هذا فأنت لا تشعر بالثقة الكبيرة في نفسك، مما يجعلك لا ترتاح للاجتماع والتعامل مع الآخرين، وبذلك تدخل في الدائرة المعيبة، وربما تهرب من مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمها للآخرين.

ما العمل الآن؟
إن تجنب لقاء الناس، وعدم الخروج من البيت، وقلة الحديث معهم، لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس، ولذلك عليك العودة للقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.

بالنسبة لعلاج الرهاب الاجتماعي هذا فهو الأفضل، ويقوم على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وذلك عن طريق عدم تجنب اللقاء بالآخرين، لتجنب الشعور بالخوف والارتباك، وإنما اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس.

قد تكون البداية بمجرد التواجد مع الزحمة من الناس، ومن ثم الحديث لفترة قصيرة مع مجموعة صغيرة من الناس، وحتى تطمئن للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى تجد أن هذا الخوف قد خفّ أو اختفى، فهذا العلاج السلوكي هو الأفضل في مثل هذه الحالات.

يمكن عادة أن يشرف على هذه المعالجة أخصائي نفسي، يتابع معك تطور الحالة، أو يمكنك الاعتماد على نفسك من خلال تدريب نفسك على هذه المواقف، وأفضل شيء تقوم به هو أن تسجّل في أول دورة تدريبية تعرض عليك، وبلا تردد!

إذا طالت المعاناة، فيمكنك الاستعانة بأحد الأخصائيين النفسيين، ممن يمكن أن يضع لك برنامجاً علاجياً، ويتابع معك هذا العلاج.

يمكن أيضاً للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية التي تساعد عادة على تخفيف مثل هذه الأعراض، والتي يمكن حتى أن تدعم تأثير العلاج السلوكي.

هناك عدد جيد من الأدوية المفيدة، ومنها دواء "باروكستين" وهو في جرعة 20 ملغ، وإن كان عادة نبدأ بنصف الحبة (10 ملغ) لأسبوع تقريباً، ومن ثم الجرعة الكاملة 20 ملغ مرة واحدة في المساء.

ننصح عادة باستعمال الدواء لمدة عدة أشهر تصل إلى ثلاثة أشهر، والعادة أن يتابع العلاج طبيب متخصص، من أجل التأكد من فعالية العلاج، وتحديد مدة العلاج وكيفية إيقاف الدواء، والذي ينصح أن يكون بالتدريج من أجل تفادي أعراض الانسحاب، ونحن ننصح عادة وبشكل عام باستعمال الأدوية النفسية تحت إشراف طبيب متخصص، إلا إذا تعذر الأمر كثيراً.

حماك الله من كل سوء، ويسّر لك أمورك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً