الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يعني إصابة طفل صغير بالتشنجات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل أسبوع كان طفلي -وعمره 5 سنوات ونصف- يعاني من الحرارة, أخذنا الأمر بشكل طبيعي, ولكن هذه المرة كانت مختلفة, حيث حدث معه حالة إغماء مع ارتخاء بكامل الجسم, وانقلبت عيناه, ونزل اللعاب من فمه, توقعنا أنه يصارع الموت؛ لأنها أول مرة تحدث.

طلبنا الإسعاف فقام طبيب الإسعاف بالشد على يده فبكى الطفل من الألم, ثم عاد إلى الإغماء, نقلوه إلى قسم الطوارئ, وهناك بعد 7 دقائق تقريبا أفاق من الإغماء, ولكن بعدها بقليل دخل في نوم عميق لمدة ساعتين تقريبا, وبعدها أفاق الطفل وكان طبيعيا جدا, ولم تتكرر معه الحالة, ولكن كانت الحرارة ما زالت بحدود (38-39).

في اليوم التالي قرر الطبيب خروجه مع التزامنا بإعطائه مضادا حيويا, وخافضا للحرارة, عملنا بكلام الطبيب, وبعد 24 ساعة من حالة الإغماء الأولى حدث الإغماء مره أخرى مع نفس الأعراض السابقة, ولكن أشد من السابق, نقلناه إلى الطوارئ مرة أخرى, وقاموا بعمل اللازم حتى خرج من الإغماء والذي استمر نصف ساعة تقريبا, وكانت حرارته أكثر من 40 درجة, وبعدها دخل بنوم عميق لمدة ساعتين أيضا.

قرر الأطباء أن يبقى بالمستشفى حتى تزول عنه الحرارة, وقاموا بإجراء كافة التحاليل على الدم وصور الأشعة العادية, وأخذ عينة من النخاع الشوكي, وكل النتائج كانت سليمة 100% والحمد لله.

بعد 4 أيام خرج من المستشفى بعد أن زالت عنه الحرارة, وإلى هذا اليوم لم تتكرر معه, مع أني ألاحظ أن نشاطه ازداد, وأصبح أكثر عدوانية مع إخوانه.

علما أنه لم تحدث بالعائلة حالات صرع أو تشنج حراري من قبل.

سؤالي لو تكرمتم: ما هو سبب حدوث التشنج معه؟ وهل هذا صرع أم إشارة أنه سيعاني من الصرع؟ وهل ممكن أن تحدث مرة أخرى مع أو بدون ارتفاع الحرارة؟ وهل هناك علاج شافي لهذه الحالة؟ وإن وجد كم سيستمر العلاج؟ وهل ممكن أن يتكرر نفس الأمر مع إخوانه؟

أرجوكم أن تكون الإجابة بالتفصيل, فأنا أعيش في حالة رعب منذ ذلك اليوم, وإن كانت لديكم أي نصائح إضافية فلا تبخلوا علينا بها.

دمتم بحفظ الله ورعايته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنا نقدر انزعاجك نحو طفلك، ونسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يجعله قرة عين لكم.

التشنجات أيًّا كان مصدرها حين تحدث للأطفال مخيفة، مخيفة للأبوين ومخيفة لكل من يُشاهدها, هذا الطفل –حفظه الله– تعرض لنوبتين رئيسيتين من نوبات التشنج، وكان هناك مسببًا واضحًا وهو ارتفاع في درجة الحرارة، لكن هناك أطفال تحدث لهم ارتفاع في درجة الحرارة، ولكن لا تحدث لهم تشنجات، فلماذا حدث هذا التشنج لهذا الابن؟

التفسير العلمي الذي يغلب عليه الظن الصحيح هو أن هذا الطفل لديه استعداد دماغي في التغير السريع في كهرباء الدماغ، وأقصد بذلك أن تحمّله للردع وعدم الدخول في نوبات صرعية أقل من بعض الأطفال.

يمكن أن نستعمل لفظ (التحمل الصرعي) حقيقةً لم أجد كلمة أو جملة أو ترجمة دقيقة لما أريد أن أصل إليه، لكن إذا اعتبرنا أن هناك تحمل أو نطاق أو طيف للتحمل الصرعي بالنسبة لخلايا الدماغ، هناك أطفال لديهم تحمل كبير، هناك أطفال لديهم تحمل أقل، فإذن هذا الطفل –حفظه الله– تحمله الصرعي أصلاً أقل، لذا أتى العامل الآخر أو ما نسميه بـ (عامل الإثارة) وهو ارتفاع درجة الحرارة، لذا حدثت له هذه التشنجات.

الآن -أخي الكريم– عملية زيادة الحركة تُفسر أيضًا من خلال ما يمكن أن يكون قد حدث له نشاط دماغي عام, النوبة التي حدثت هي نوبة صرعية في مكوناتها، وهذه تؤدي إلى تغيرات كبيرة في الدماغ، وحين أقول (نوبة صرعية) لا أعني أن هذا الطفل يعاني من مرض الصرع، أرجو ألا نخلط الأمور، لكن الوصف الدقيق لهذه النوبة هي أنها نوبة صرعية مرَّ الطفل بكل المراحل المطلوبة لأن نُطلق على هذه النوبة هذا المسمى.

الذي يعرف تمامًا أن الطفل إذا حدثت له أكثر من ثلاثة نوبات واضحة حتى وإن كان لديه ارتفاعًا في درجة الحرارة فيجب أن يتناول الأدوية المضادة للصرع مثل عقار (دباكين) أو عقار (تجراتول) وهناك أدوية أخرى كثيرة, هذا هو المتفق عليه علميًا.

هذا الابن -حفظه الله– أُصيب بنوبتين، والذي أقوله هو أن الطفل يجب أن يكون تحت الملاحظة، وبعد أسبوعين من الآن أفضل أن يُجرى له تخطيط للدماغ، وبالطبع هذا يتطلب أن تعرضه على أخصائي الأطفال المتخصص في أمراض الأعصاب، يُجرى له تخطيطا في الدماغ، إذا ظهر أي نشاط كهربائي يدل على وجود بؤرة نشطة فهنا يجب أن يبدأ هذا الطفل أحد الأدوية المضادة لمرض الصرع، وفي مثل هذه الحالات لا يحتاج أن يواصل الدواء لمدة ثلاثة أو أربع سنوات كما هو معمول به، لكن يواصل الدواء لمدة عام واحد.

هذه الحالات تُشفى بنسبة خمسة وثمانين بالمائة.

سؤالك: هل من الممكن أن يتكرر نفس الأمر مع إخوانه؟ .. هذا ليس بالضروري أبدًا، لأن موضوع التأثيرات الوراثية في الصرع بسيط وبسيط جدًّا.

سؤالك: هل من الممكن أن تحدث مرة أخرى معه دون ارتفاع الحرارة؟ .. احتمال حدوثها مع ارتفاع الحرارة كبير، لذا يجب أن يعالج ارتفاع الحرارة أول بأول، أما حدوثها دون ارتفاع درجة الحرارة فهذا لا يمكن تأكيده ولا يمكن نفيه، وكما ذكرت لك أن تخطيط الدماغ سوف يكون هو الأمر الحاسم في هذا السياق.

لا تنزعج -أخي الكريم– راقب ابنك دون انزعاج، واسأل الله تعالى أن يعافيه، وأنا أؤكد لك أن هذه الحالات قابلة جدًّا للعلاج.

إذن إجابتنا نتمنى أن تكون مفصلة وواضحة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن إيناس غازي

    جزاكم الله أجراً عظيماً

  • مصر محمد حماد

    بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين وجعل ما تقدمونه فى ميزان حسناتكم..دمتم كما يحب ربنا ويرضى

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً