الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من حالة التلعثم والرهاب الاجتماعي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا أبلغ من العمر 28 عاما, أعاني من تلعثم في الكلام, وخجل شديد جدا, ولا أريد التحدث كثيرا مع الآخرين, حتى مع أسرتي وأقاربي؛ خوفا من أن أتلعثم وأصبح أضحوكة للآخرين.

عند مقابلة أي شخص تزيد ضربات القلب بدرجة سريعة, وأتلعثم, ويحمر وجهي, وعند مقابلة الأصدقاء لا أتحدث كثيرا, وألتزم الصمت, ولا أستطيع حضور الأفراح والمناسبات، وأثناء الدراسة بالجامعة لم أكن أذهب إلى الجامعة إطلاقا إلا في أيام الامتحانات فقط.

كنت منطويا على نفسي, ولا أحب الاختلاط كثيرا, ولا أحب التكلم مع الجنس الآخر من خجلي الشديد.

بعد التخرج جلست في المنزل فترة كبيرة, إلى أن حصلت على وظيفة, وكنت كذلك منطويا على نفسي, وكان العاملون في الشركة يقولون أني معقد نفسيا, فتركت الوظيفة بعد فترة, وجلست في المنزل إلى الآن، وقد حصلت على وظائف كثيرة, ولكني رفضتها بسبب الخوف من مواجهة الآخرين!

ذهبت إلى طبيب نفسي, وكنت مرتبكاً جدا أمامه, فكتب لي دواء اسمه بوسبار, تناولت هذا الدواء مدة شهر ونصف, وكان مفعول الدواء سيئا جداً؛ كانت أعراضه الجانبية هي ضربات قلب سريعة, ونقص في الشهية والوزن, وكنت جليس المنزل طوال هذه الفترة, وكنت أنام كثيرا؛ هروبا من الأفكار السيئة التي كنت أفكر فيها, وكدت أن أنتحر.

أوقفت العلاج ورجعت لحالتي الطبيعية، ثم ذهبت إلى طبيب أعشاب, فكتب لي شراب التلبينة صباحا ومساء, وأعطاني أعشابا أخرى, وأنا أتناول العلاج منذ شهر, فهل أستمر على هذا الطبيب؟ وهل العلاج بالأعشاب سيقضي على حالة الرهاب، أم أذهب إلى طبيب نفسي آخر؟

أرجو الرد لأن حياتي كلها متعطلة, ونفسيتي سيئة جدا, وأتمنى أن أتخلص من حالة الرهاب كي أستطيع أن أحصل على وظيفة, وأن أتزوج, وأعيش حياة كريمة بدون قلق, وتوتر, وخوف.

آسف على الإطالة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أيها الفاضل الكريم: هوّن عليك؛ فإن حالة التلعثم وعدم القدرة على المواجهة هذه أدت إلى شعورك بالإحباط، وهذا كله يمكن علاجه.

أنت -الحمد لله- لديك أشياء جميلة في حياتك، فقد أكملت دراستك، وتبحث الآن عن العمل -أسأل الله تعالى أن يوفقك- ومن الواضح أن شخصيتك شخصية متوازنة، لكنك تحتاج للمزيد من الثقة في نفسك, فأنت لست بأقل من الآخرين في أي شيء.

أخِي الكريم، أنا أريدك أن تخرج من هذه القوقعة النفسية التي فرضتها على نفسك، اكسر هذه الحواجز، وذلك من خلال التأمل والتدبر الإيجابي، وهذا يأتي من خلال تذكر نعم الله عليك، وأن لديك مصادر قوة كثيرة –كما ذكرتُ لك–.

أخِي الكريم، التواصل الاجتماعي البسيط المفيد يساعد كثيرًا في علاج مثل هذه الحالات؛ كأن تصل أرحامك، وأن تكون فعالا في أسرتك، وأن تحرص على صلاة الجماعة في المسجد، وبر الوالدين، ومساعدة الضعيف، وأن تحضر الأنشطة الاجتماعية، وأن تشارك فيها، وكذلك الندوات الثقافية؛ فهذه كلها -حقيقة- خصائل وأنشطة عظيمة ومفيدة، وفيها -إن شاء الله تعالى– خيري الدنيا والآخرة، فكن حريصًا على ذلك.

الأمر الثاني من حيث العلاج الدوائي: دواء بسبار الذي وصفه لك الطبيب من الأدوية الجيدة لعلاج القلق النفسي، لكن هذا الدواء بطيء ويتطلب أن نصبر عليه كثيرًا حتى نحصل على فعاليته، وأعتقد أن الأخ الطبيب الذي وصف لك الدواء كان يرى أن حالتك بسيطة جدًّا؛ لأن البسبار فعلاً يُعطى لحالات القلق البسيط.

آثاره الجانبية قد تحدث في الأيام الأولى، وبالفعل قد حدثت لك، لكن هذه الآثار يعرف عنها أنها لا تستمر كثيرًا, عمومًا أنت توقفت عن البسبار، وأنا لا أعتقد أنه يصلح لك.

بالنسبة للعلاجات العُشبية، أنا مع احترامي الشديد للذين يمارسون هذه المهن لكني أنصح الناس وأقول: لماذا لا أذهب وأتناول الدواء النقي المضمون من حيث فعاليته الذي أُنشأ وصُنع وتم تركيبه على أسس علمية بحثية؟

موضوع الأعشاب -أخي الكريم– نحن لا ننكر فائدتها، لكننا نشك كثيرًا في هذه الأعشاب, وفي تركيباتها في هذا الزمان, ولا نريد أن نشكك في صدق الناس ومصداقياتهم وأماناتهم، لكن أنا شخصيًا أمامي تجارب سلبية جدًّا حول التعامل مع بعض المركبات العشبية، اتضح أنها تُخلط في بعض الأحيان بمواد كيميائية، اتضح أنها غير نقية، لا أريد أن أعمم في السياق، لكن تحفظاتي واضحة نحو هذا الموضوع.

إذا كنت تريد أن تُعطي هذه العلاجات العشبية فرصة من قبيل التجربة فلا مانع من ذلك إذا كان الشخص الذي تعاملت معه صاحب مصداقية، والأمر مُجرب، وأنا صراحة لا أعرف أي مركب عُشبي يساعد في علاج الخوف الاكتئابي، وهذه مشكلتك الأساسية، فأنت لديك مخاوف اجتماعية، لديك قلق، لديك تلعثم، لديك اهتزاز في الثقة في نفسك، ولديك شعور بالإحباط.

يُقال إن المركب العُشبي الذي يُسمى (عشبة القديس جون) أو (عشبة عصبة القلب) قد يكون مفيدًا، وفي مصر يوجد في شكل تركيبة دوائية تسمى (صفامود) هذا المركب العُشبي يعمل من خلال تنشيط مادة السيروتونين في الدماغ، لكنه ليس بالقوة والفعالية الشديدة، في بعض الحالات البسيطة قد يفيد.

أخِي الكريم، أنا أطرح عليك الخيارات، وهي إن أردت أن تجرب هذا العلاج العُشبي لا مانع، لكن إذا لم تتحسن بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع أعتقد أنه من الضروري أن تذهب إلى طبيب نفسي، وسوف يصف لك الطبيب أحد الأدوية المعروفة والمجربة مثل عقار [زيروكسات], أو [إفكسر], أو [سبرالكس], أو [سيرترالين], وكلها معروفة ومجربة ومثبت فعاليتها بصورة واضحة جدًّا، فلا تحرم نفسك من نعمة العلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً