الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أزيل غيرتي عن صديقتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لي صديقة عزيزة على قلبي، عندما أتذكرها أو أفقدها أدعو لها بالسعادة وتحقيق أمنياتها، وكانت أمنيتها أن تتزوج، والآن خُطبت، وتم عقد قرانها، مشكلتي هي: عندما تتحدث لي عن زوجها أو أسمع عن الزواج أحس بالغيرة و الحسد عليها، وهي تزوجت، وأنا لم يتقدم لي أحد، مع أني دعوت لها أن يحقق الله أمنياتها ويرزقها فرحة تجعلها تسجد له باكية.

بصراحة تعبت من الغيرة والحسد، فأنا في صراع مع هذا الشيء، أريد أن أتخلص من مشكلتي، لكن لا أعرف كيف! أخاف على صديقتي أن يصيبها مكروه، وأتمنى لها السعادة، وأن تكون دائما بخير، كيف أتخلص من الغيرة والحسد؟ بصراحة تعبت والأمر ليس بإرادتي، دائما عندما أحس بهذا الإحساس أستغفر ربي، وأدعو لها أن يديم الله عليها الخير، وأن يرزقني كما رزقها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكر لك هذه المشاعر النبيلة، حيث تريدين لصديقتك الخير، وتكثرين لها من الدعاء، ولكن هذه المشاعر بدأت تتغير عندما تزوجت، ولكننا ندعوك إلى عدم إظهار هذه المشاعر السالبة، والاستمرار على تلك المشاعر النبيلة التي فيها إرادة للخير وفيها دعاء للصديقة، وفيها فرح بما جاءها من الخير، وبعد ذلك تسألين الله من فضله؛ لأن الله تعالى يقول: {واسألوا الله من فضله إن الله كان بكم رحيما}.

المؤمنة إذا وجدت خيرا عند أختها فرحت وشكرت الله على ذلك الخير، وهنأت أختها بذلك الخير، ثم ترفع حاجتها إلى الله إذا كانت ترجو مثل هذا الخير، أو تريد مثلها من الحاجات، وتتوجه إلى رب الأرض والسموات، وهذا ما فعله نبي الله زكريا عندما دخل على مريم، وهو المتولي بإطعامها والمتكفل بها، ولكن وجد عندها من الطعام ألوانا من الفواكه وأشكالا، {قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله} فهذه كرامة عظيمة، عند ذلك دعا ربه كأنه يقول: يا من أعطيت هذه المسكينة، يا من أكرمت هذه المسكينة، يا من جئت لها بهذا الخير {هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}.

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يخلو جسد من حسد، ولكن المؤمن يخفيه والمنافق يبديه، فهذه المشاعر هي مشاعر أنت متضايقة منها، فهي مجرد مشاعر، فعليك أن تكتميها، وتظهري الخير وتظهري الفرح بهذه الصديقة إذا حدثتك عن مناسبتها وفرحها، وعن هذه الأمور، ثم تسألين الله تبارك وتعالى من فضله، فالنعم بيد الله، وهي مقسمة، والله واهب النعم سبحانه وتعالى.

كما قلنا هذه المشاعر نرجو أن لا تمضي في الاتجاه السالب، ومن الضروري أن لا تظهر على تصرفاتك وعلى وجهك وعلى كلامك، ولكنه إذا ما كان مكتوما في النفس فإن هذا لا شيء فيه، طالما أنت تجاهدين وتدافعين تلك المشاعر السالبة، وعليك بإظهار الجميل والوفاء لهذه الصديقة، وسؤال الله من فضله، فنسأل الله أن يديم عليها وعليك النعم، وأن يعطيك ما في نفسك، وأن يخلصك من الغيرة الزائدة التي هي في غير محلها.

من الحسد السلبي تمني زوال النعمة، فإن تمني مثيل النعمة هو الغبطة، وهو تنافس شريف ومطلوب، فالإنسان يتمنى مثيل النعم، لكن الممنوع هو تمني زوال النعم، وأنت -ولله الحمد- بعيدة عن الأشياء السالبة، فينبغي أن تكوني إيجابية مع هذه الصديقة، ولعل في سلامة الصدر باب واسع من أبواب الرزق والخير.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً