الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصابة بالعين والحسد وأرقي نفسي، فهل ما أفعله صحيح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مصابه بالعين والحسد، فهل يحق لي إن أقرأ الرقية علي نفسي، حيث أنى لا أستطيع الخروج للمشايخ، ومع العلم أنني غالباً أقرأ قراءة غير صحيحة، ولا أعلم كل آيات الحسد، فكل ما أفعله هو قراءة بعض الآيات علي زجاجة ماء وأشرب كل يوم جزءاً منها فقط، فهل هذا صحيح؟

وذلك لأن بعض أحلامي يدل علي أنى مصابة بالحسد، وحياتي كلها مضطربة، وأمر بفترة ضيق وحزن، وأريد التقرب دائماً إلى الله، ولكن لا أستطيع وأريد الالتزام ولكن لم يدم، ولا أستطيع الاستمرار أو حتى التنفيذ نفسه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يعينك على الطاعة والالتزام على شرعه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة - من أنك مصابة بالعين والحسد، وتسألين: هل تستطيعين أن تقومي برقية نفسك؟ لأنك لا تستطيعين الخروج للمشايخ كما ذكرت؟

أقول لك: الأصل أن الرقية نوع من الدعاء، والدعاء الأصل أن يقوم فيه أيضًا الإنسان بنفسه، فأنا أدعو لنفسي، وأنت عليك بالدعاء لنفسك، وكل إنسان عليه أن يدعو لنفسه، لأن الإنسان أولاً يعرف الذي يريده وما يهمه، ونحن لا نعرف ذلك إلا إذا بيّن الناس لنا ذلك، فحاجاتي أنا أعرفها وحاجاتك أنت تعرفينها، وكل إنسان له حاجات بينه وبين الله تعالى لا يعرفها أحد سوى صاحب الشأن ومن الخلق، أما الله تبارك وتعالى فكما تعلمين أنه يعلم كل شيء، لأنه أحاط بكل شيء علمًا وأحصى كل شيء عددًا.

فالرقية هي نوع من الدعاء، التوسل إلى الله تبارك وتعالى بكلامه وكلام نبيه - صلى الله عليه وسلم - والتوسل إلى الله تبارك وتعالى بذلك جائز شرعًا كما ذكر أهل العلم، فكوننا نقرأ آيات الرقية وأحاديث الرقية، هذا نوع من الدعاء ونوع من العبادة، ولذلك نحن أولى به من غيرنا، إلا أن الإنسان أحيانًا قد لا يكون واثقًا من نفسه، أو قد يكون غير قادر على القراءة لعدم معرفته بالآيات، أو يخاف أن تحدث هناك بعض المضاعفات فلا يستطيع التصرف المناسب في الوقت المناسب، فتتم الاستعانة بمن لديهم خبرة أقوى وأكبر وأوسع، لأن هذا المعالج تمر عليه عشرات الحالات يوميًا بل قد تصل أحيانًا إلى المئات، فهو أصبحت لديه خبرة، وأحيانًا يستطيع أن يتعامل مع الجن إذا كان موجودًا بطريقة أفضل، لأنه من خلال التجربة والخبرة أصبح يتعامل مع هؤلاء بطريقة سلسة وسهلة و ميسورة، ويعرف إن كان الجن قد خرج من الجسد أو لا زال موجودًا ولكنه خنس وأنه تحمل الآيات، إلى غير ذلك .

ولذلك عندما نقول بالاستعانة بأحد المعالجين نقول هذا عند الحاجة والضرورة، أما لو أن الإنسان يستطيع أن يعالج نفسه بنفسه، أو يعالجه بعض الأقربين إليه فذلك أولى وأستر خاصة إذا كان من النساء.

ومن هنا فإني أقول: لا مانع حقيقة من أن تقومي بعلاج نفسك، ولكن الإشكالية أنك تقولين بأنك تقرئين الآيات بطريقة غير صحيحة، وبالتالي هذا لا يُفيد، لأن الذي تقرئينه لعله ليس هو كلام الله تعالى، خاصة إذا كانت الأخطاء تتعلق ببنية وتكوين الكلمة، ليس لمجرد التجويد أو التشكيل.

ومن هنا فإني أنصح بارك الله فيك بالاستعانة بأحد هؤلاء المعالجين الذين يعالجون بالرقية الشرعية، أو حتى الأقارب الذين يُحسنون فقط قراءة الآيات، وأنت لو كتبت في موقع البحث (رقية الحسد) سوف تأتيك آيات وأحاديث كثيرة، من الممكن أن تقرئينها قراءة متأنية، وأن ترقين بها نفسك، أو أن يقوم بذلك أحد أقاربك، إذا كنت متزوجة فزوجك، وإذا كان أخ من إخوانك أو والدك أو والدتك، أو عمتك، أو خالتك وغيرهم من الأرحام فلا حرج في ذلك.

إذا لم يتيسر ذلك فأنا لا أردي لماذا لا تستطيعين الخروج إلى المشايخ؟ إذا كان الأمر يحتاج إلى إيضاح فعليك أن توضحي الأمر لزوجك مثلاً أو لغيره، ولا مانع من أن تذهبي إلى أحد هؤلاء، شريطة أن يكون معك محرمًا، أو كذلك أيضًا يمكن أن يأتي هذا المعالج إلى البيت في حضور زوجك وأنت ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل ويتم العلاج، لأن بعض الحالات تحتاج إلى معالج متخصص كالأمراض العضوية، فالمرض العضوي أحيانًا قد يحتاج إلى طبيب متخصص كبير استشاري، ولذلك ذهابنا إلى الأطباء ليس فيه حرج، وكذلك أيضًا نفس النظام بالنسبة العلاج بالرقية، قد تكون الحالة تحتاج فعلاً إلى معالج متمكن، خاصة وأنك تقولين أن بعض الأحلام تدل على أنك مصابة بالحسد، وأحيانًا تكون مضطربة، وأنا أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة -: قد يكون الأمر لا يتعلق بالحسد، وإنما قد يكون شيئًا آخر.

ومن هنا فإني أنصح بارك الله فيك بالاجتهاد كما ذكرت في تصحيح الآيات، والاستعانة ببعض أقاربك من باب الستر عليك، إذا لم تيسر ذلك فلا مانع شرعًا من الذهاب إلى بعض المعالجين، شريطة أن يكون معروف بسلامة العقيدة وصحة الطريقة، يعني لا يعالج بالدجل أو الشعوذة أو غير ذلك، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أيضًا أن يشفيك الله تعالى.

كما أوصيك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء – هذا مهم جدًّا – والاجتهاد بأن تكوي متوضئة معظم الوقت، وبذلك - إن شاء الله تعالى - سوف يدفع الله عنك هذا البلاء، وسوف يعافيك الله تبارك وتعالى من هذا الاعتداء، وتكونين في أحسن حال بإذنه تعالى.

نسأل الله لك الشفاء العاجل، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مدام هالة

    بارك الله فيك على كل ما قلته

  • أمريكا يحيى المطاوع

    بارك الله فيكم على الشرح المفضل ويجزيكم الخير

  • ألمانيا عبدالرحمن السودان

    بارك الله فيكم

  • المغرب حمزة

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً