الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفكير مستمر يمنعني من ممارسة حياتي طبيعيا.. ما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور محمد عبد العليم حفظه الله
اسشارتي هي:

أنا شاب عمري 22 سنة، منذ 9 أشهر وأنا أعاني من اضطرابات نفسية أحيانا متوسطة وأحيانا ضعيفة، وأحيانا اضطرابات قوية.

بالنسبة لي أمارس حياتي بشكل طبيعي، ولكن تحدث لي اضطرابات نفسية تعكر صفوة تفكيري من وساوس إلى وهم، وأحيانا قلق وأحيانا مخاوف من لا شيء –الحمد لله- البيت مستقر، ولا يوجد هموم في البيئة المحيطة لي، ولكن مرت شهور أخاف من الموت، أو أخاف أن أمرض، وهكذا أصبحت متعودا على هذا الشيء حتى استحقرته لأني واظبت على الصلاة في جماعة، وتدينت فأصبح الموت لا يشكل أي مشكلة بالنسبة لي؛ لأنني اقتنعت أن كل نفس ذائقة الموت، ولن تتأخر ساعة أو تتقدم ساعة إذا جاءك الموت لأنه شيء محتوم، ولا مفر منه في هذه الدنيا، وكلنا سنموت والرسول صلى الله عليه وسلم مات فلا أحد خالد في هذا الدنيا، {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام} وبهذه الآيات والقناعات لا أخاف الموت ولا أفكر فيه كل هذا بسبب قربي من الله وتديني -الحمد لله رب العالمين- وصلاة الجماعة أيضا وخاصة صلاة الفجر في جماعة.

أقلعت عن التدخين قبل حوالي 6 أشهر ليس قناعة مني، ولكن كأن شخصا ما أجبرني على تركه، وأحيانا أفكر فيه، ولكن لا أستطيع أن أدخن أو حتى أمسك سيجارة أحس كأن شيئا يمنعني من ذلك، المشكلة ليست هنا، المشكلة أن عندي ضيق تنفس وإرهاق وتعب، أصبحت أتنفس بنفس (أي نفس عميق كل دقيقة) ولكن أتجاهل هذا الشيء وأكمل يومي بشكل طبيعي،ولكن في الآونة الأخيرة أي حوالي شهر تقريبا أحسست بشيء غريب كأني في حلم في خيال تائه، أو تفكير (عبقري) أي من هؤلاء الناس، لماذا نحن في الحياة؟ لماذا أنا بهذا الشكل أسئلة لا أستطيع أن أتحملها تدور في تفكيري.

وليس هذا فقط أصبحت لا أفكر بطموحاتي أو مستقبلي أفكر في دائرة مغلقة بشيء، لا أستطيع تفسيره، ولا أستطيع أنا أقاوم هذا التفكير عقلي فارغ من الذكريات، أو من المستقبل.

أشعر أن حياتي التي مضت من عمري كانت مجرد حلم، وتفكيري يدور في نفس الثانية التي أعيشها، وهذا يا دكتور أتعبني جدا، فأنا مستمر في حياتي، ولا يمنعني هذا الشعور أن لا أفعل شيئا، ولكن يمنعني أن أحس بطعم الحياة، أو راحة البال فهو يمنعني من الدراسة والصلاة وغيرها بشكل طبيعي، هذا الشعور يستحوذ علي ليمنعني أن أشعر بلذة ما أفعله أو أمارسه.

أرجوك يا دكتور، أتوكل على الله ثم عليك لتشخيص حالتي؛ لأني تعبت.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأشكرك على رسالتك الطيبة الجميلة، وأنا سعيد جدًّا حقيقة أن أسمع أنك فوضت أمرك إلى الله في كل شيء، وبهذا التقرب العظيم وفعل الطاعات والالتزام بالعبادات - إن شاء الله تعالى – تسعد في الدنيا، ولك الثواب في الآخرة.

الفكر الذي يسبب لك الإزعاج هو بالفعل مزعج، هذا الفكر الذي يأخذ – كما ذكرتَ – الطابع التفكيري العبقري، وربما الفلسفي، وهذه الأسئلة التي تطرحها نفسك على نفسك هي في الحقيقة نوع من الاجترارات الوسواسية.

الأفكار من هذا النوع يكون سببها نوع من الوسواس القهري، -والحمد لله تعالى- هي ليست وساوس وأفعال، إنما هي وساوس وأفكار، وهذه تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا، ولا شك أن التفكير الوسواسي خاصة حين يكون غريب المحتوى، والتكوين يسبب إزعاجًا شديدًا، لأنها تعتبر تجربة سخيفة ومؤلمة للنفس، وقد ينتج عنها شيء من الشعور بالكدر وعدم الارتياح.

فيا أخِي الكريم: اطمئن أنها أفكار وسواسية قلقية، وليس أكثر من ذلك، ومن جانبك يجب أن تجتهد على تجاهلها، وأن تصرف الانتباه عنها حين تأتيك، خاطب هذا الوسواس مخاطبة مباشرة وقل له: (أنت وسواس فكري، لن أهتم بك، لن أضيع وقتي معك) وهكذا، إذن تحقير الفكرة ومحاولة التنصل منها – وهذا مهم جدًّا – لا تجعلها جزءًا من حياتك، ولا يجب أن تمتلك فكرك.

كما ذكرت لك سلفًا: العلاج الدوائي مهم للقضاء على هذا الوسواس، ولذا أنصحك بتناول عقار بروزاك – والذي يعرف علميًا باسم فلوكستين – قد تجده تحت مسميات أخرى في فلسطين المحتلة، فاسأل عنه تحت مسماه العلمي وهو (فلوكستين) ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، تناولها بعد الأكل، واستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

مدة العلاج في حالتك قصيرة نسبيًا، لكن - إن شاء الله تعالى – سوف تكون استجابتك استجابة رائعة جدًّا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً