الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل مشكلتي نفسية أم عضوية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله كل خير

استشارتي هي التالي:
أنا شاب في الحادية والعشرين من عمري, تم تشخيص ارتفاع توتر شرياني ثانوي قبل 5 سنوات، مع وجود حصاة في الكلية، كما تم تشخيص وجود كلية نعل الفرس أو Horseshoe kidney وتمت متابعة حالتي ومعالجتي على مدار الـ 5 سنوات الماضية، واستعملت دواء خافضا للضغط ومدرا للبول لمدة 3 سنوات.

مشكلتي الحالية بدأت في الظهور بعد وفاة خالي -رحمه الله- حيث توفي فجأة؛ حيث أخبره الطبيب بوجوب عمل جراحي، وتوفي في العناية المشددة بجلطة رئوية.

بعد وفاة خالي بثلاثة أيام حدث أن كنت قد شربت الكثير من المنبهات، ودخنت الكثير من التبغ، وشربت سوائل كثيرة، وفجأة أحسست بأني سأسقط وأنا جالس, وأحسست بخوف كبير وهلع، وأحسست أني سأموت الآن وقد حان أجلي, وأصابني ما تم تشخيصه لاحقاً بنوبة هلع.

قضيت أعاني من نوبات الهلع والخوف من النوم حوالي أسبوعين ( أخاف أن أموت وأنا نائم ), والإحساس باقتراب الجنون، والخوف من الجنون وفقدان العقل, فكانت أسوأ أسبوعين في حياتي.

بعدها تغلبت على هذه المخاوف واستعنت بالله وأصبحت أصلي وأذكر الله, ولكن بدأت معي حالات الهلع والخوف على جسدي ومراقبة نفسي، وأصبحت أحس بأشياء غريبة تحصل في جسمي كالألم في الرأس وما يشبه الانقباض والانبساط في عضلات الجسم، ودوخة شبه دائمة، وإحساس بعدم الواقعية، بقيت على هذه الحالة عدة أشهر, وبعد أن تجاوزتها بدأت أراقب ضغط دمي ونبضات قلبي, فعندما يكون ضغط دمي مرتفعاً أتوتر وأخاف، وأحيانا أهلع، وحتى هذه اللحظة أعيش حياتي في جحيم، أقيس ضغطي أكثر من 10 مرات في اليوم, حيث كنت في السابق لا أقيسه أبداً، وتجبرني أمي على قياسه 3 مرات في اليوم وأنا أرفض.

ذهبت لطبيب الكلى الخاص بي فأخبرني بأنني قد شفيت من ارتفاع الضغط الشرياني، وضغطي الآن لا بأس به ولا يوجد قلق، وطلب مني استعمال خافض ضغط المادة الفعالة به هي الـ Ramiprill عيار 2.5 ملغ لمدة أسبوعين ثم إيقافه، وعدم استعمال أي دواء آخر؛ لأن أصل ارتفاع الضغط هو عصابي، بعدها أجريت تحاليل دم لعمل الكلية وتبين –الحمد لله- أنها تعمل بشكل جيد.

ولكن الآن تحولت حياتي لجحيم, فأنا لا أهدأ ولا يكن لي بال إلا عندما يكون ضغطي طبيعيا, فأحيانا أقيس ضغطي فيظهر 15580 وأحيانا أخرى 14090 وأيضا 12560
وأحيانا 15070 وأيضاً 13070 وقبل النوم 12060

طبعاً أقوم بالقياس بجهاز الكتروني, يعني لا يكون ثابتا على معدل خلال اليوم، بل من الممكن أن يتغير خلال ساعة واحدة أكثر من مرة؛ حيث أقيسه كل قياس 3 مرات وآخذ المتوسط، وأيضاً نبض قلبي أحيانا يرتفع إلى ما فوق الـ 100 وأنا جالس، والمشكلة أنه قبل النوم يكون 55 .

صراحة أنا في حيرة من أمري، وأحس بالهم والحزن والتعب، ولا أستطيع أن أعود للرياضة، حيث أنني رياضي سابق؛ خوفاً من أن يرتفع ضغطي بشكل مؤذي أثناء ممارستي للرياضة، وحياتي تحولت إلى جحيم، فأنا لا أمارس 10% من النشاطات التي اعتدت ممارستها؛ حيث أنني شخص نشط اجتماعياً.

أرجو إفادتي هل مشكلتي نفسية أم عضوية؟ وما هو الحل لهذه المشكلة؟

جعلها الله في ميزان حسناتكم وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن العلل العضوية البسيطة التي لديك فيما يخص الكلى وارتفاع الضغط الشرياني لا شك تعتبر حالات عضوية، والحمد لله تعالى هي بسيطة، وأنت على إدراك وإلمام تام بكل ما يتعلق بحالتك العضوية، والأمور تحت التحكم التام، وهنالك تقدم كبير جدًّا في حالتك من الناحية الطبية، هذا من جانب.

الجانب الآخر هو جانب نفسي واضح جدًّا، أصابتك حالة الهلع والخوف، وهي بالطبع كانت مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتناولك لكميات كبيرة من التبغ والمنبهات، لأن الكافيين معه النيكوتين حين يصل إلى مرحلة الارتفاع والسّمية في جسم الإنسان يؤدي هذا إلى تسارع في ضربات القلب، وهذه فرصة كبيرة جدًّا بالنسبة للجهاز العصبي اللاإرادي لأن يدخل الإنسان في نوبة الهلع أو الهرع.

هنالك بالطبع عوامل أخرى من وفاة خالك – عليه رحمة الله – هذا لا شك أنه له تأثيرات وتبعات نفسية. بعد ذلك – أي بعدما انتهت نوبة الهلع – تولد عنها شيء من المخاوف وشيء من الوساوس، وهذا نتاج طبيعي جدًّا لهذه الحالات.

الذي أراه هو أن تتابع حالتك من الناحية الطبية، وأنت قطعًا محتاج لأن تقابل طبيبا نفسيا، وأعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يرتب من خلال الطبيب المختص في أمراض الكلى والذي يقوم بمراقبة حالتك، أو يمكنك أن تذهب إلى أي طبيب نفسي تثق فيه.

ما تحتاجه حقيقة هو أن يتم تدريبك بصورة دقيقة جدًّا على تمارين الاسترخاء، وأنت أيضًا محتاج أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، والأمر الآخر: أنا أرى أنك محتاج لأحد الأدوية المضادة للقلق الاكتئابي والمخاوف، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) لكن دعنا نترك هذا الأمر ليكون تحت اختيار الطبيب النفسي الذي سوف تقابله.

كما ذكرت لك المقابلات الدورية مع طبيبك مهمة جدًّا، مرة كل ثلاثة أشهر أو حسب ما يُتفق عليه، وذلك من أجل إجراء الفحوصات الروتينية والتأكد من وضعك الصحي العام.

بالنسبة لموضوع ضغط الدم: أرجو أن تغير منهجك في التعامل معه. ضغط الدم يفضل أن يُقاس بواسطة المختص، نحن لا نريد أن نحرم الناس من المعلومة والأجهزة، والتقنية الحديثة ساعدت الناس كثيرًا في أن يقوموا بقياس ضغط الدم وحدهم، لكن الإشكالية تأتي أن الإنسان حين يكون قلقًا ولديه المخاوف حول حالته الصحية خاصة فيما يتعلق بضغط الدم، هنا قد تكون القراءات غير دقيقة وتُثير المزيد من التوتر والقلق، فإذن المتابعة الطبية المعقولة هذا أمر جيد ومفيد وسوف يساعدك.

تمارين الاسترخاء أرجو أن تتدرب عليها حقًّا، لأنها فعلاً مفيدة وجيدة جدًّا، وبهذه المناسبة إسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتحاول أن تطبق التعليمات والإرشادات الواردة بها، لكن مقابلتك للطبيب النفسي سوف تكون هي الأفضل والأحسن بالنسبة لك.

إذن أستطيع أن أقول لك أن حالتك في معظمها نفسية، وهي ليست مرضية، هي مجرد ظواهر وسمات نفسية تتمركز حول القلق والمخاوف، والجانب العضوي لديك حقيقة غير موجود، الجانب العضوي هو فقط ما يتعلق بموضوع الكلى، وأنت مُدرك له.

الحل هو ما ذكرناه لك من إرشاد، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً