الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ربط الروائح والمناظر بالماضي والتشاؤم من رائحة ارتبطت بحدث سيء .. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة التشاؤم, وربط الروائح والمناظر بالماضي، فإن كانت أول تجربة لي مع هذه الرائحة وهذا المكان جميلة استبشرت وأحسست بالفرح, وإن رأيت مثلاً مناظر بنايات الأحياء القديمة استاءت نفسي, وأحسست بالحزن لتجربة مررت بها مع تلك الأحياء, أو أناس لم أكن أحبهم كنت قابلتهم في ذلك المكان، وأحيانًا لا أدري بالضبط ما هي التجربة, لكني أبدأ بالإحساس بالنكد والحزن فور شمي لتلك الرائحة, أو رؤيتي لشخص يشبه شخصًا لا أحبه, ولكني لا أتذكر بالضبط مَن هو, أحيانًا لا تسعفني ذاكرتي.

المهم أن سعادتي تتنغص، فمثلاً أكره زيارة أهلي, وأتشاءم كلما اقترح زوجي الذهاب إليهم؛ لأني واجهت بعض المنقاشات الحادة معه, وحدثت بعض المشاكل بعد الزيارة الأولى والثانية لهم بعد زواجي، أحيانًا يتطور الأمر، فإن أردت الترفيه عن نفسي والشعور بالسعادة أخذت أمارس الأمور التي أظن أني بمجرد رؤيتها أو زيارتها سأستعيد سعادتي, فمثلاً أذهب لمشاهدة أفلام (دزني الأنميشن) لأني أتذكر سعادتي حين شاهدت أول أفلام (دزني) مع شقيقاتي منذ زمن طويل.

أحب شم رائحة (ديزل وايت المياه)؛ لأنه يذكرني برحلة الحج السعيدة.

أكره رائحة البصل المقلي, والبهارات الأندنوسية, وأشعر برغبة بالاستفراغ والدوار والضيق حتى تذهب؛ لأني أتذكر غضب أمي حين كانت تقليه, ويوميات صعبة حدثت لي في مرحلة أولى متوسط حين شممت البهارات في حصة التدبير المنزلي.
أكره عصر يوم الاثنين لأن أبي اعتاد على الصيام, وأمي اعتادت على العصبية قبل وضع إفطاره.

أحيانًا في وقت الغروب، يشتد صفار الشمس حتى تصبح كل الدنيا برتقالية مصفرة, فهذا الجو يذكرني بأيام غير جميلة, حين كنت ألعب مع بنت جيراننا ونحن أطفال, وتحصل بيننا شجارات عنيفة, ويتدخل الأهل... إلخ.

رؤيتي لرجل يدخن يجعلني أكرهه وأحتقره, وأتمنى موته ودهسه, فهو خال من كل أخلاق وعقل يصرفه عن هذه الترهات ، وأتذكر كم كانت أمي تصرخ على أخي من أجل تدخينه، وهذا أثر على علاقتي بزوجي, فهو قد عاد للتدخين من وراء ظهري, وأنا أخفي مشاعري عنه, وأخفي علمي حتى لا يتجرأ ويفعلها أمامي - لا قدر الله - ماذا أفعل؟ فذاكرتي تعذبني، وسعادتي تتقلب مع الريح والمناظر، كيف أزن نفسي وأضبطها؟

جزاكم الله خيرًا, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسرار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا لتواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

رسالتك درستها بكل اهتمام, وهي بالفعل تستحق ذلك؛ لأن الظاهرة التي تتحدث عنها معروفة في الطب النفسي, ولكنها نادرة الحدوث, الذي تعاني منه هو نوع من الربط الوسواسي، والربط الوسواسي يكون على هذا النمط، الإنسان تأتيه ذكريات معنية, ومواقف معينة, ويؤولها على نمط ثابت، مثل هذا الربط يكون استحواذيًا جدًا, بمعنى أن الإنسان يحاول أن يتجنب هذا الربط, لكن يوجد صعوبة كبيرة في صده ورده, وهذه بالطبع صفة من صفات الوساوس، لكن في نهاية الأمر الوساوس لا تعالج إلا من خلال التحقير والتجاهل التام، فأنت مطالبة أن لا تأخذي كل التجارب السابقة كخبرة, فسوف تنعكس عليك حتميًا في المستقبل, فإن كنت مررت بمواقف معينة حول هذه الروائح فلا تصرفي كيانك الداخلي أن نفس الشيء سوف يحدث لك الآن, أي لا تكوني نمطية, فهذا مهم جدًّا, وهذا هو تحقير الوساوس في حد ذاته, وهذا النوع من الفكر الوسواسي يجب أن يناقش, نحن دائماً نقول: إن الوسواس يفضل في بعض الأحيان أن لا تناقشها؛ لأنك إذا نقاشتها, أو إذا حاولت تخضعها للمنطق فسوف تتولد عنها أفكار جديدة تزيد القلق, لكن في هذا النوع من الوسواس يخضع للمنطق, وحين تخضعينه للمنطق وتحليلنه فسوف تجدين أن هذا الربط بالفعل هو سخيف, ومادام الربط سخيفًا فيجب أن يحقر, والتحقير يؤدي إلى إضعاف وتلاشي الوساوس بصورة واضحة جدًّا, فكوني حريصة على ذلك.

الوسواس بصفة عامة تستجيب أيضًا لصرف الانتباه، في موقف معين حين تأتيك هذه الروابط حولي إلى رابط آخر رابط مضاد تمامًا, وهذا نسميه بصرف الانتباه, وهو جيد ومفيد.

العلاج الدوائي له قيمة جيدة جدًّا في مثل هذه الحالات, إن استطعت أن تتواصلي مع طبيب نفسي فهذا أمر جيد, فإن لم تستطيعي فتناولي أي دواء من الأدوية المضادة للقلق الوسواسي, وإن شاء الله تعالى سوف تجدين فيها خيرًا كثيرًا.

من الأدوية الطبيبة جدًّا دواء يعرف باسم فافرين (Faverin), والاسم العلمي هو فلوفكسمين (Fluvoxamine) وجرعته هي (50) مليجرام, يتم تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر, وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى (100) مليجرام, يتم أيضا تناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر, ثم تخفض الجرعة إلى ( 50) مليجرام ليلاً لمدة شهر, ثم اجعليها (50) مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر, ثم توقفي عن تناول الدواء، وهذا دواء جيد, ودواء فعال, وإن شاء الله تعالى يعود عليك بالخير الكثير.

هذا هو الذي أنصحك به, فالتشخيص كما ذكرت لك واضح جدًّا, والحالة - إن شاء الله – بسيطة, فلا تجسديها, ولا تضخميها, والتجاهل هو أمر مهم جدًّا.

لا تنزعجي لموضوع أخيك وزوجك, فالتدخين شيء سيء وغير مقبول، فتناصحي معه, وحدثيه عن مساوئ التدخين, ونسأل الله له الهداية، وأرجو أن تطوري من مهاراتك, وأن تكون لك اهتمامات ببيتك وزوجك, وأقرئي القراءات النافعة, وإن استطعت أن تنضمي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن الكريم فهذا إن شاء الله تعالى يعتبر إضافة جميلة لحياتك، وإدارتك لوقتك.

لمزيد من الفائدة انظري علاج التشاؤوم سلوكيًا: (278993 - 282714).

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا, ونشكرك للتواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً