الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقبل على الزواج وأوسوس بأني لست كفوا للزواج.. فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في 26 من عمري، على وشك الزواج، سأسرد لكم ما أعاني منه سائلا المولى عز وجل أن يجعل فيما تكتبونه سببا للعلاج مما أعاني منه، بداية أحسست بنبضات القلب أثناء الجلوس، والاسترخاء في العضلات الخلفية من الفخذين بشكل مزعج، وربما هذا لفت انتباهي، فأصبحت أفكر أنني أعاني من ضعف جنسي، أو أنها أمر يخص العضلات، أو أنها من كثرة الجلوس، فأصبحت أتضايق من كثرة التساؤلات عن أسباب هذه الحادثة، وكنت أخجل أن أذكرها لأحد، فيتطور الموضوع إلى أن أصبحت أعاني من كثرة التفكير.

تطورت الوساوس إلى أن أصبحت مدمنا لها، بل تأتيني بأبسط الأشكال إلى أن أصبحت أوسوس كثيرا، فأصبحت تنتابني الوساوس والأفكار السلبية في شخصي في كثير من الأمور حتى في رجولتي بدون أي سبب مقنع، فأنا أمارس حياة رجل طبيعية ـولله الحمدـ لكنها أصبحت تسيطر علي بشكل يضايقني، وأريد أن أمحوها فتارة أوسوس بأنني لست كفؤا للزواج، وتارة أوسوس بأشياء أستحي من ذكرها، وأصبحت أنتقد نفسي كثيرا، وألومها بل أصبحت أفكر في أي شيء في أمور كثيرة جدا ليس لها أي أهميه في حياتي مع تخيلات، ومواقف معينة طبيعية، وأتعامل معها، وأحللها إلى أن أنتقد نفسي أنا لا أؤمن بما يراودني من أفكار، لكن أريد التوقف عن هذه الوساوس، وأن لا تعود أبدا.

توقفت عنها فترة، ولكن عادت فلم أكن هكذا في الماضي، فهل هذا وسواس أم مرض عضوي، أو نفسي أم مس....أم ماذا؟ وهل لمادة الحشيش تاثير لما أنا فيه فقد استخدمتها فترة بسيطة جدا لا تكاد تذكر، بل إن عدد مرات استخدامي لها طيلة حياتي، لا تتعدى الـ20 سيجارة، ولفترات متباعدة -والحمد لله- تمكنت من الابتعاد عنه بشكل كلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محتار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أخي: وردت شواهد وأدلة قوية جدا في رسالتك تدل أنك بالفعل تعاني من وساوس قهرية، هذه الظواهر التي عانيت منها هي من صميم، ومن جوهر القلق الوسواسي، أؤكد لك أخي الكريم أنه لا توجد أي علة عضوية أو أمراض نفسية أخرى، إنما هو الوسواس بكل معانيه، فكر سخيف يسيطر، ويستحوذ يكون هنالك إلحاح شديد من الفكرة، ومحاولة دفعها وردها قد تكون فيها صعوبة، وبالطبع ينتج عنها قلق.

بالنسبة لهذه الوساوس أخي الكريم وطريقة العلاج أولا: ما دمت قد عرفت ما بك من علة، أعتقد أن ذلك سوف يساعدك كثيرا.

ثانيا: الوساوس تعالج بالتحقير وبصدها، وعدم مناقشتها والإغلاق عليها، واستبدالها بفكر مضاد، وصرف الإنتباه عنها بأن ينخرط الإنسان في مناشط كثيرة ومتعددة ومختلفة، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال حسن إدارة الوقت، فكن حريصا أخي على ذلك.

أخي أرجو أن لا تنزعج بطبيعة محتويات الوساوس؛ لأن من طبيعتها أن تكون محتوياتها حول أمور حساسة جدا وأمور الدين وأمور الجنس وهكذا، -وإن شاء الله تعالى- أخي الكريم هي ليست ضعفا في شخصيتك، وفي إيمانك أو اضطرابا في ذاتك هي علة قلقية مكتسبة، وما هو مكتسب يمكن أن يفقد من خلال التعلم المضاد، وفي حالة الوساوس كما ذكرنا هو التحقير وعدم الالتفات إليها.

أخي -بفضل من الله تعالى- توجد أدوية ممتازة جدا مضادة للوساوس، وأنا أرى أن كل الدلائل تشير إلى أنك في حاجة لتناول أحد هذه الأدوية، إن تمكنت من الذهاب إلى الطبيب النفسي، وهذا أمر جيد، وإن لم تتمكن، فيمكنك أن تتحصل على الدواء الذي يعرف باسم فافرين، واسمه العلمي (فلوفكسمين) فهو دواء متميز جدا في علاج الوساوس القهرية.

الجرعة التي تبدأ من الفافرين هي 50 ملي جرام ليلا، يتم تناولها بعد الأكل بانتظام، وبعد مضي أسبوعين ارفعها إلى 100مليجرام ليلا استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها 200 مليجرام ليلا أو يمكنك أن تتناول 100 مليجرام صباحا ، و100 مليجرام مساء، هذه الجرعة العلاجية صحيحة للوساوس القهرية، علما بأن البعض قد يحتاج إلى 300 مليجرام في اليوم، وهي الجرعة المصرح بها، إذن استمر على جرعة الحبتين أي 200 مليجرام يوميا لمدة 4 أشهر، بعد ذلك خفضها إلى 150 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها 100 مليجرام يوميا لمدة 6 أشهر، ثم خفضها إلى 50 مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

كما ذكرت لك أن الفافرين من الأدوية الرصينة، والفاعلة والسليمة جدا، أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وعليك أن تطبق الإرشادات السلوكية التي ذكرتها لك، وذلك بجانب تناول الدواء، ومن الضروري أخي أن تطبق تمارين الاسترخاء حيث أن دراسات كثيرة أشارت أن الاسترخاء يقلل من وطأة وحدة الوسواس.

ويمكنك معرفة كيفية تطبيق هذه التمارين بمطالعة الاستشارة التالية 2136015.

أخي بالنسبة لسؤالك حول مادة الحشيش لا شك أن الحشيش أضراره كثيرة جدا، فهو يؤدي إلى إفرازات وتداخلات في مواد كثيرة جدا في الدماغ أهمها مادة تعرف باسم الدوبمين، وهذه مادة مهمة للصحة النفسية للإنسان، أنا لا أريد أن أكون مبالغا، وأقول لك أن كمية الحشيش الذي تناولتها هي السبب في الوساوس، لكن الذي أؤكده لك أن الحشيش ملعون وخطير، وفوق ذلك هو حرام قطعا، -والحمد لله- يا أخي أنك قد ابتعدت عنه بشكل كلي، ونهائي هذا هو القرار الصحيح والقرار الجيد، وإن شاء الله تعالى أمورك كلها سوف تسير في الطريق الصحيح ما دمت قد ابتعدت عن التعاطي لمثل هذه المواد والمؤثرات العقلية الخطيرة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً