الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مخاوف كثيرة أتعبتني، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة ولدي طفل، أعاني من التفكير السلبي بشكل فظيع، كلما سنحت لي فرصة بأن أفرح لا بد أن تأتي فكرة سلبية بأني قد أموت أو أي أحد من أفراد العائلة.

لي 4 سنوات على هذا الحال، لكن عندما كنت أدرس كانت حالتي خفيفة، أصبحت الآن أخاف على زوجي وطفلي وأتخيل تخيلات سلبية حولهم بأن يحدث لهم مكروه، لا قدر الله.

أرتاد منتدى عاما تنزل فيه مواضيع تشعرني بالخوف من المستقبل، وتجعلني أشعر بأننا في آخر الزمان وأن العلامات الكبرى ستحدث قريبا.

وأيضا التغيرات المناخية مثل الغبار والبراكين والزلازل تجعلني أوسوس بأننا في نهاية الحياة، أريد أن أفضفض لزوجي عن ما أمر به، لكن أخاف أني إذا فضفضت له قد يحصل شيء ما، أريد أن أصبح طبيعية جداً مثل السابق لا تؤثر بي الأخبار والأفكار، وأن أشعر بأن الحياة كما هي لم تتغير وأنها بخير.

لم أتناول أي أقراص نفسية ولم أذهب لأي أحد يشخص حالتي هذه، علما بأني مرضع وطفلي عمره 10 أشهر.

وجزاكم الله كل خير ونفع بعلمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،


فهذا الذي تعانين منه نسميه بالمخاوف الوسواسية، والذي ينتج عنه اكتئاب نفسي ثانوي، يجعل الإنسان يحس بالكدر ويسيطر عليه الفكر السلبي.

الوساوس من هذا النوع لا شك أنها مزعجة، لكنها تعالج، أولاً: بتحقير هذه الأفكار، وأن الذي يعتريك هو فكر وسواسي قلقي سلبي، ويعرف أن الوساوس تتسلط على الإنسان وتستحوذ عليه، ومن ثم يمكن له أن يفك سيطرتها وقبضتها من خلال التحقير.

ثانيًا: تذكر الحاضر أكثر من المستقبل، أو التفكير في الماضي، الحاضر الحمد لله أنت لديك الزوج ولديك الذرية وتعيشين في خير وفي أمان، والمستقبل هو بيد الله تعالى، والتغيرات المناخية وخلافها هي تغيرات طبيعية، أما بالنسبة للساعة والقيامة فلا يعلم أمرها إلا الله تعالى.

عيشي حياتك بقوة، وهذا مهم، والحياة يعيشها الإنسان بقوة من خلال إدارتها، وإدارتها تتطلب إدارة الزمن: املئي وقتك وفراغك بصورة كاملة، اهتمي بأمور البيت، الطفل، التواصل مع الأرحام، بر الوالدين، القراءة، الترفيه عن النفس بما هو مباح ومتاح، وإذا استطعت أن تنخرطي في أي عمل تطوعي أو خيري أو ذهبت إلى مراكز تحفيظ القرآن الكريم، هذه كلها إضافات إيجابية جدًّا في حياتك وتقلل إن شاء الله تعالى من وطأة الفكر الوسواسي السلبي.

العلاج الدوائي أيضًا مهم ومفيد جدًّا في مثل هذا النوع من الحالات النفسية، هنالك أدوية ممتازة مثل عقار يعرف تجاريًا باسم (لسترال) أو (زولفت) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين).

الدواء جيد، لكننا لا ننصح بتناول هذه الأدوية النفسية مع الرضاعة، لا أقول أنها ممنوعة منعًا باتًا، لكن يفضل لمن يتناولها من النساء أن لا تُرضع الطفل، فإن أردت أن تتناولي الدواء – وهذا هو الأفضل من وجهة نظري – يجب أن تشرعي في فطام الطفل أولاً، وجرعة الزولفت هي أن تبدئي بنصف حبة، تتناوليها ليلاً بعد الأكل، تستمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين في اليوم، يمكن تناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو بمعدل حبة صباحًا ومساءً، تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

يتميز هذا الدواء بأنه سليم وفعال وغير إدماني وغير تعودي، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه خيرًا كثيرًا.

بالطبع لابد أن تناقشي هذا الأمر مع زوجك الكريم، وليس هنالك ما يمنع أبدًا أن تتحدثي معه حول هذه الأعراض، وأنك قد اطلعت، وأنك قد عرفت أنها تسمى بالمخاوف الوسواسية، ويمكن علاجها بسهولة شديدة من خلال تناول الدواء واتباع الإرشادات التي ذكرناها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً