الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي - اختلال الآنية - فكيف أطبق العلاج المعرفي بمفردي؟

السؤال

السلام عليكم.
أنا طالب جامعي، عمري 19 سنة، اجتماعي وأحب المرح، لو رآني شخصا لقال إن هذا أسعد إنسان، دائم الابتسامة - ولله الحمد -، لكن قبل 6 سنوات أصابتني نوبة هلع، أعتقد وأنا في المسجد، شعرت بأنني لست أنا! كنت دائما أخاف من الجن، وأنه قد يكون بي مس، وأن الموت سوف يأتيني في الصلاة، والآن استطعت بفضل الله تغيير كل ذلك، لا أخاف مطلقا من الموت، ولا من الجن، ومحافظ على الأذكار، وأحاول أن أكون إيجابيا.

وأريد أن أقول ملاحظة:

أنها فقط كانت تأتيني أوقات الإجازة، لكن من سنة ونصف قاومتها ولم تأتني هذه النوبة، صحيح أنها تأتي أعراضها مثل القيء - أكرمكم الله -، وعدم اللذة بالحياة، لكني أتمالك نفسي، ومازالت تأتي في الإجازات، حيث يكون الملل، والآن بقي شيء بسيط، وهو أتوقع يسمى - اضطراب الأنية -! إذ أنني لا أصل إلى تمام الشعور بالذات، أشعر أنه بقي شيء بسيط وأشعر بكامل ذاتي، أود أن تجاوبوني بكل دقة، وأنا أثق تماما في الله ثم فيكم؛ عن مدى نسبة الشفاء التام وكيفية الشعور التام بالذات والجرعة المناسبة؟ حيث أن الدكتور وصف لي سيروكسات 12.5منذ 8 أشهر، وليس هناك تحسن يذكر! فهل أستطيع رفع الجرعة؟ وأريد كيفية تطبيق العلاج المعرفي مع نفسي دون مساعدة؟

وأخيرا مدة العلاج حتى الشفاء بإذن الله حسب توقعكم.

وجراكم الله عني خير الجزاء، ولن أنساكم من دعواتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكل حالتك تتمركز حول القلق، القلق أمره عجيب؛ لأنه له مصنفات وجزئيات ومحتويات كثيرة، يتشكل ويتلون، ويصيب الناس من هنا وهناك، وفي بعض الأحيان يجعل الإنسان يحس بتجربة غريبة جدًّا، فمثلاً اضطراب الآنية - أو ما يسمى بالتغرب عن الذات أو تبدد الذات – هو واحد من الأعراض التي تسبب الكثير من الإزعاج لأصحابها، علمًا بأنها جزء من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وعلمًا أيضًا بأنها قد تحدث للإنسان العادي جدًّا غير الْقَلِقْ حين يكون مجهدًا جسديًا، قد يحس بشيء من أن ذاته ليست كما هي، أو أن نفسه قد خرجت عن نفسه كما يقول بعض علماء النفس.

فإذن حالتك مفهومة معروفة، وهي بسيطة، وأعتقد أن تفهمك لحالتك هو أفضل علاج معرفي – هذا مهم جدًّا –؛ لأن الإنسان حين يتفهم حالته بصورة صحيحة سوف يتغير معرفيًا ويبدد أفكاره السلبية ويبدد تحليلاته الغير منطقية. هذه هي النقطة المعرفية السلوكية الأولى.

ثانيًا: النقطة الأخرى وهي مهمة جدًّا: أن تكون دائمًا في معية الله، وأن تحسن الظن به، وأن تحسن أيضًا الظن في مقدراتك، هذه نقاط أساسية جدًّا؛ لأنها ترتب الذات الإنسانية، وتكون أكثر فعالية، وتتخلص من الشوائب القلقية.

ثالثًا: تمارين الاسترخاء ( 2136015 ) أثبت العلماء أنها من أجمل العلاج المعرفي.

رابعًا: تنظيم الوقت هو علاج سلوكي معرفي أيضًا. الإنسان الذي يستثمر وقته بصورة صحيحة ينوع ويشكل من أنشطته، يقوم بواجباته على أكمل وجه، يتواصل اجتماعيًا، يكون بارًا بوالديه، يُنجز ليفيد نفسه والآخرين. هذا بالطبع إنسان أجاد وأفلح، وهذا هو قمة التغير المعرفي السلوكي.

خامسًا: التفكير الإيجابي. التفكير الإيجابي لا يعني أن أخدع نفسي أبدًا، يعني أن أكون منصفًا مع نفسي، وألا أحقرها، وألا أقلل من شأنها، وأن أنظر إلى إيجابياتها، وأن أتأمل في سلبياتها وأحاول أن أطورها. هذا أمر مهم جدًّا.

هنالك علاجات أيضًا نعتبرها في النطاق السلوكي، وهي: التواصل الاجتماعي، وتطوير المهارات الاجتماعية، وهذا حقيقة ينمّي الذات ويؤكد الذات ويُخرج الإنسان من القوقعة الذاتية وانتقاص الكيان النفسي الداخلي. إذن كن حريصًا على ذلك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الزيروكسات دواء جيد، فاعل، لكن أعتقد بالفعل أن جرعة 12.5 مليجرام ليست كافية، وأعتقد أن الطبيب قد أعطاها لك نسبة لشعوره بأن حالتك بسيطة، وهذا أمر معقول، أو اعتبرها جرعة بداية، وكان من المفترض أن ترفعها إلى جرعة أعلى.

عمومًا أنا أقول لك: لن يضيع منك أي شيء، ارفع الجرعة الآن إلى خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك ارجع مرة أخرى إلى 12.5 مليجرام يوميًا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، ولابد أن تحرص تمامًا على التطبيقات السلوكية التي ذكرناها لك، وأنا أشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب، وأنا كلي أمل ورجاء إن شاء الله تعالى سوف تكون من الناجحين والمتميزين. اجتهد، واسعى، وتوكل على الله، والتوكل هو أمل وعمل، هذا دائمًا نحاول أن نذكر به أنفسنا وإخوتنا خاصة رواد إسلام ويب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً