الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك الدائم في خيانة النساء للأزواج جعلني أتردد في الزواج... فما توجيهكم

السؤال

أشكر كل القائمين في هذا الموقع، ونسال الله أن يزيد ذلك في ميزان حسناتكم

سؤالي يا دكتور أنا شاب موظف حديثا، وأريد الزواج لكن يراودني الشك في النساء بأنهن خائنات، وأن كل امرأة لها عشيق فإذا تزوجتها كيف تنسى عشيقها، وربما إذا تزوجتها قد تكون على علاقة مع عشيقها أنا الآن متردد، ولا أعرف أتزوج أو لا أتزوج أفكر دائما إذا تزوجت، وتركت زوجتي في البيت، وأنا في العمل بأن تخونني، وتدخل الرجال أفكر دائما إذا زوجتي ذهبت إلى بيت أهلها وأرادت المبيت عند أهلها يوما أو يومين بأنها ستخونني، وتقابل عشيقها.

يا دكتور أنا منذ فترة عمري هذه لم أقم بعلاقة حب مع فتاة إلا فقط أنا قد تعرفت على فتاة واحدة مدة شهر واحد، ولكن لم أحبها، بل تعرفت عليها من الانترنت وفقط، لكن بعد ذلك تركتها بسبب أني علمت منها أن غرضها كسب المال وتركتها، ودائما عندما أجالس أصحابي كل واحد منهم له عشيقة، ويقولون لي لماذا لا يوجد لك عشيقة.

أصبحت يا دكتور أشك في النساء، وكل ما سمعت قصص الخيانة الزوجية أشك أكثر وأكثر عندما تقول لي أمي أنها وجدت لي فتاه للزواج أفرح وبعد ذلك يراودني الشك وأرفض الصراحة، يا دكتور لا أعلم كيف أجد الفتاة التي لم تعشق شابا، وعندما أتزوجها أجد الزواج الناجح؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا أتعاطف معك لأني أعرف أن نوعية هذه الأفكار مؤلمة نفسيًا ومزعجة جدًّا لصاحبها.

من الناحية التشخيصية: الذي تعاني منه يعرف بالشكوك الوسواسية، فالوسواس هو الذي فرض نفسه عليك، وجعلك تسترسل، وتفسر، وتؤول موضوع النساء من زاوية سلبية بحتة.

هذا النوع من الفكر يجب أن تعيد النقاش والحوار مع نفسك، فالنساء نعم قد يكون هنالك من هي غير سوية في تصرفاتها، لكن نستطيع أن نقول أنه وبفضل من الله تعالى معظم نسائنا بخير وعلى خير وعلى دين وعلى عفة وعلى طهارة، يجب أن تسوّق نوعية هذا الفكر لنفسك، وهذا ليس فيه أي نوع من الخداع للنفس.

والإنسان دائمًا يسأل الله تعالى أن يحفظه في نفسه وفي بيته وفي أهله وفي ماله وعرضه، هذه أسس مهمة جدًّا لتخفيف وطأة مثل هذا الفكر الوسواسي المستحوذ.

حالتك أخي الكريم تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة، فالأدوية المضادة للوساوس تعتبر مفيدة ومهمة في مثل حالتك، مهما لجأنا إلى علاجات سلوكية لا أعتقد أن وحدها سوف تكسر شوكة هذا النوع من الوسواس، فإذا كان بالإمكان أن تذهب، وتقابل الطبيب حتى يصف لك الأدوية المضادة للوساوس فهذا حسن، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فيمكنك أن تتحصل على الدواء من الصيدلية، حيث إن معظم هذه الأدوية لا تحتاج لوصفة طبية.

أفضل دواء في حالتك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (فافرين) واسمه العلمي هو (فلوفكسمين). أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة عام على الأقل، بعدها خفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

بجانب الفافرين هنالك دواء آخر يعرف علميًا باسم (رزبريادون) ويعرف تجاريًا باسم (رزبريادال) أرجو أن تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه أدوية فعالة جدًّا وممتازة جدًّا، وسوف تفيدك كثيرًا إن شاء الله تعالى في التخلص من هذا الوسواس الشكوكي الظناني.

وبعد أن تخف وطأة هذه الوسواس عن طريق تناول الدواء لابد أن تجتهد من نفسك وتحقر هذه الأفكار، وتكون أكثر تفاؤلاً، وتسعى لأن تحسن الظن، وهذا ما قرره القرآن، قال تعالى: {عسى ربه إن طلقكن أن يُبدله أزواجًا خيرًا منكنَّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارًا}، وقال عنهنَّ: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}، وقال في عموم الناس: {ليسوا سواء} وقال: {لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيرًا منهن}، وقال سبحانه عن إساءة الظن: {اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم}، والمرأة هي أمي وأمك وأختك وأختي، النساء الحمد لله كما ذكرت لك فيهنَّ من هنَّ بخير، وهنَّ الأكثر.

نصيحتي الأخرى لك هي: أن تبعد نفسك من المحيط الذي يثير الشكوك، فهؤلاء الشباب الذين تجلس معهم من وقت لآخر ويتكلمون عن الخيانة الزوجية وخلافه، هذه مثيرات غير مرغوب فيها، وهنالك الكثير جدًّا من المبالغات حول هذه القصص، وبعض الناس يلجأ لهذه القصص كنوع من الفضول.

أيضًا التعرف على فتاة من خلال الإنترنت أعتقد أنه سوف يعزز الشكوك لديك، هذه أبواب وثغرات يجب أن تغلقها تمامًا، ومنهج والدتك في أنها تتخير لك الفتاة التي يجب أن تطمئن إليها، صاحبة الدين والخلق وصاحبة العقل التي تحفظك في نفسها وفي عرضك وفي مالك، هذه هي المطلوبة، وإن شاء الله هنَّ كثر ومتوفرات وموجودات، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

فيا أخي الكريم: هذه هي السبل العلاجية الإرشادية والتي عليك أن تتبعها وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً