الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من علاج دوائي للرهاب ليس له أعراض جانبية؟

السؤال

أنا طالب جامعي أصبت بالرهاب الاجتماعي، وأصبحت أسيراً له لا يفارقني أبداً، ولكنني من قبل لم أكن أعاني من أي شيء، وكنت اجتماعياً ولا أخجل، حيث أنني كنت طبيعياً في جميع الأمور، أسأل الأستاذ إن لم أفهم نقطة ما، أتحدث مع زملائي بكل ثقة...الخ، ولكن الآن لم أعد كذلك، بل إنني أخاف السؤال والحديث خوفاً من احمرار وجهي، ولكنني لم أستسلم، فقد حاولت التغلب عليه مراراً وتكراراً بأساليب مختلفة تماماً، حيث أنني كنت أسأل وأتحدث ولا أبالي باحمرار وجهي، ولكنه يحمر بالإضافة إلى التعرق، فقد كنت أحاول التغلب عليه لمدة سنتين ونصف، ولكن لم تنفع المحاولات، لذلك أصبحت لا أتحدث ولا أسأل، حتى أن معدلي الجامعي انخفض بشكل ملحوظ تماماً.

إن ما أعاني منه ليس مقتصراً فقط على المحيط الخارجي، بل حتى المحيط العائلي، وهذا ما أحزنني كثيراً وزاد آلامي المحبوسة في صدري، إلى درجة أنني أكاد أبكي حزناً من هذا المرض، إنني أشعر به في صدري، وفي الجهة المقابلة من ظهري، وهو يؤلمني ويسبب لي التعب.

بحثت عن السبب كي أصلح الأمر، كنت أسأل نفسي من أين ابتدأ معي الرهاب، حيث كان الجواب بأنه أصابني فجأة، ولكنني أعتقد بأن هنالك سبباً ما، ولكنني لم أكتشفه.

أرجو أن يكون العلاج دوائيا، بحيث يكون الدواء غير إدماني وليس له أعراض جانبية، وأن يكون فعالاً، علما بأنني قد طرحت استشارة من قبل، ولكن الدكتور وفقه الله أشار لي بعلاج سلوكي فأتمنى أن تصفو لي علاجا دوائيا.

أخجل من الذهاب للمستشفى وأخبر الطبيب وجهاً لوجه عن حالتي، فلذلك قررت بأن أطرح السؤال هنا، آملاً أن يوفقني الله عز وجل للعلاج.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمن المهم جدًّا أن تدرك أن الخوف الاجتماعي أو القلق الاجتماعي حين يسيطر على الإنسان وذلك من خلال التوقف عن الأنشطة الاجتماعية والمواجهة قد يتطور لدرجة أن يغلق الإنسان على نفسه في داخل غرفته ولا يخرج أبدًا.. شاهدنا مثل هذه الحالات.

أنت بدأ لديك الرهاب والقلق عند مواجهة الغرباء، وهذا هو الوضع الطبيعي دائمًا، لكنك ذكرت أن الأمر قد تطور أيضًا وأصبحت لديك صعوبات في مواجهة حتى أهل بيتك، وهذا دليل على أنك لم تتجاهل المخاوف ولم تواجهها في نفس الوقت، فأنا أريد أن أحتم على العلاج السلوكي من هذه الناحية، وذلك بأن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأن تواجه، وأن تحقر فكرة الخوف، وأن تكون لك صلات اجتماعية وثيقة من خلال ممارسة الرياضة الجماعية، والصلاة في المسجد، ومشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية، والانضمام إلى المجموعات الثقافية والاجتماعية إن وجدت في منطقتك... هذا كله نوع من العلاج السلوكي المتميز جدًّا.

أما بالنسبة للدواء، فأنا أطمئنك تمامًا أن الأدوية موجودة وهي أدوية فعالة، والأدوية جزء من العلاج حقيقة، وفي مثل حالتك يُستفاد من الأدوية في أنك حين تشعر بالتحسن والذي غالبًا يبدأ في الأسبوع الثالث من بداية الدواء، هنا يجب أن تلجأ إلى التطبيقات السلوكية وبكثافة وبجدية، لأن الدواء بالرغم من فائدته العظيمة والجمّة في علاج الخوف الاجتماعي، إلا أن الذي لا يمارس العلاج السلوكي ويطبقه تطبيقًا دقيقًا ومتواصلاً ربما لا يستمر معه التعافي بعد أن يوقف من الدواء، بل تحدث انتكاسات.

لاحظتُ شيئًا وهو أن التدهور الاجتماعي الذي حدث لك ربما يكون ناتجًا من عسر في المزاج، والكدر وشيء من الحزن يرافق الخوف الاجتماعي في بعض الأحيان، وهذه درجة بسيطة من درجات الاكتئاب، ولا شك أن الاكتئاب يقلل من فعالية الإنسان.

الدواء الذي أود أن أصفه لك - وهو دواء معروف ومجرب وفعال - هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) ويعرف علميًا باسم (باروكستين) والجرعة التي تحتاجها هو أن تبدا بعشرة مليجرام، تناولها ليلاً بعد الأكل، هذه نصف حبة، استمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهر، ثم ارفعها إلى حبة ونصف، تناولها يوميًا لمدة شهر آخر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – وهذه هي الجرعة المناسبة لمثل حالتك.

استمر على جرعة الحبتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، يمكن أن تتناول هذه الجرعة بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، وهذا هو الأفضل.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر خفض الجرعة إلى حبة ونصف يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أيضًا، ثم إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أرجو أن تتبع هذا النسق العلمي في تناول الدواء، وهو أننا قد بدأنا بالجرعة التمهيدية، ثم بالجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية والاستمرارية، ثم التوقف التدرجي من الدواء. هذه هي الطريقة الأفضل، والالتزام بها إن شاء الله يعطيك فرصة كبيرة في الشفاء بإذن الله تعالى، والاستفادة من هذا الدواء الفعال، وهو يعتبر من الأدوية السليمة غير الإدمانية، والذي آثاره الجانبية بسيطة جدًّا، إلا أنه ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لدى بعض الناس، وبالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي أيضًا إلى تأخر بسيط في القذف المنوي، لكنه لا يؤثر مطلقًا على مستوى هرمون الذكورة أو القدرة على الإنجاب.

الدواء لا شك أنه فاعل وممتاز، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً