الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضاعت أوقاتي بسبب القلق، ما العلاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو المساعدة إنني في حالة ضغط شديد.

بداية أنا من أصحاب الشخصية القلقة الوسواسية المنتقدة قبل فترة ما كنت أعمل فكانت حالتي مستقرة إلى حد ما، لكن وقبل حوالي ثلاثة أشهر تركت العمل فأصبحت حالتي تسوء، بداية شعرت بالإحباط كأم وانّ جهدي في التربية لم ينتج شيئا وهذا أدى بي إلى زيادة في الاكتئاب بدأت أبحث عن الأزر من الأصدقاء لكني بطبعي أبحث عن المثالية فبمجرد أن أجد خللا ما ابتعد , أدري أني لست كاملة ولذلك تجدني أقسو على نفسي وعلى تقبلي لها كما هي. مشكلتي التي عذبتني أنني أبحث في الناس عن الأمثل فإن بدوا لي من وهلة واحدة أنهم كذلك أفنيت نفسي لإرضائهم، وأحسست بالنقص أمامهم ويصبح هاجسي ماذا يفكرون بي؟ وكيف يقيموني؟ وكأَن سعادتي مرتبطة بتقبلهم لي وعندما أدرك هذا الخلل ازداد ازدراء لنفسي وتزداد الأسئلة.

مؤخرا انخرطت في دورة تدريبية باهظة الثمن قصد إيجاد عمل أفضل.

المشكلة أن الأستاذ تبدى لي من ذلك الصنف المثالي فأصبح هاجسي أن أنال تقديره، ولذا تجدني عندما أخطئ في مسألة ما وينتقد خطئي آخذ الأمر بحساسية مفرطة وأتقوقع وكأنها نهاية العالم وأظل لا أتقبل هذا الخطأ فيتشتت تركيزي وأرتكب بعد ذلك أخطاء أكبر.

أحس أن الوقت يضيع مني وحالتي النفسية تؤثر على تقدمي في التعلم، والمال الذي أنا في أشد الحاجة إليه يضيع مني بسبب تصرفاتي الغير سوية، وفي نفس الوقت أرى أنه من الضروري إكمالي لهذه الدورة.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لا شك أن الشخصية القلقة والوسواسية تكون مفرطة في الانضباط والقسوة على الذات، وهذا له مردود نفسي سلبي كما يحدث لك الآن.

أختي الفاضلة: الإنسان حين يعلم بالشيء هذا في حد ذاته حل للمشكلة، فأنت تعرفين أنه لديك هذه السمات الوسواسية والقلقية، لذا يجب أن تحقريها تمامًا وأن تجاهدي نفسك وأن ترفضي فكرة المثالية، وتعرفي أن الإنسان خطاء، لا ندعو للفوضوية بالطبع، لكن البحث عن المثالية هو أمر خرافي.

أنت ثبتي هذه الأفكار: أن البحث عن المثالية يجب أن تتوقفي عنه لأنه أمر خرافي، وحين تسترسلي في هذه الأفكار - أي الأفكار التي تدعوك للانضباط والتدقق - قولي لنفسك (قفي قفي قفي) كأنك تخاطبين هذه الأفكار كي تتوقف.

واقصدي أن تقومي بأعمال دون أن تكمليها ودون أن تنجزيها، هذا سوف يشعرك بالقلق، ولكن بعد ذلك سوف تحسين إن شاء الله بشيء من التطبع والتواؤم الذي يقود إلى السكينة وإزالة القلق.

أيتها الفاضلة الكريمة: بعد تركك للعمل توجهتْ طاقاتك النفسية القلقية الإيجابية وتحولت إلى طاقات سلبية، حيث إن العمل نفسه يحتاج إلى طاقة، والذي لا يقلق لا يعمل ولا يؤدي وظيفته بصورة جيدة، والذي لا يوسوس لا يكون منضبطًا، لكن بكل أسف بعد أن تركت العمل هذه الطاقات توجهت هذا الاتجاه الخاطئ.

الآن من وجهة نظري: وجهي هذه الطاقات نحو النجاح والحصول على درجات متميزة في هذه الدورة مع شيء من الانضباط فيما يخص النفس، والإنسان حين يذكر نفسه بأسوأ ما يمكن أن يحدث هذه طريقة مثالية لعلاج القلق.

تصوري أنك سوف تفشلين، تصوري أنك لن تنجزي، تصوري أنك سوف تفقدين هذه الدورة، وقد ضاع المال.. هذا سوف يعطيك شيئا من القبول لأن تقللي قليلاً من هذا الحزم الصارم الذي تفرضينه على نفسك، وهذه طريقة علاجية معروفة جدًّا لعلاج القلق المفرط.

نحن لا ندعو قطعًا للتهاون ولا ندعو للتشاؤم ولا ندعو للتطير، ولكن وجد أن تصور أسوأ الفرضيات يساعد كثيرًا أصحاب القلق ويجعلهم يتواؤمون بصورة جيدة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أدعوك لممارسة الرياضة، فهي جيدة للتقليل من القلق وكذلك ممارسة تمارين الاسترخاء، ولتطبيق هذه التمارين يمكنك أن تتصفحي أحد صفحات الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، ومن أفضل طرق الاسترخاء طريقة تعرف بطريقة (جاكبسون) أرجو اتباع تعليماتها وتطبيقها.

حقيقة أنا متردد بعض الشيء في أن أصف لك بعض العلاجات الدوائي، ولكن أعرف أيضًا قسوة الوساوس حتى وإن كانت نمط من أنماط النفس وليست مرضًا، لذا سوف أقدم وأنصحك في تناول عقار بروزاك والذي يعرف تجاريًا باسم (فلوكستين) تناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر.

هو دواء سليم، فعال، ومن أفضل مضادات الوساوس ويقلل القلق كثيرًا.

هنالك بديل للبروزاك وهو عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) أيضًا يعتبر بديلاً ممتازًا، والفافرين يتم تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، يفضل تناوله بعد الأكل، وبعد انقضاء الشهر ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام، تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض مرة أخرى إلى خمسين مليجرامًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول هذا الدواء.

أختي الكريمة: أنا حقيقة لا أعتبر حالتك حالة مرضية، هو نوع من السمات المرتبطة بشخصيتك، ولا أريدك أبدًا أن تلصقي بنفسك تهمة أن تصرفاتك غير سوية، لا تصرفاتك هي تصرفات سوية، ولكن درجة الضوابط والحزم والصرامة والأنا العليا لديك مرتفعة بعض الشيء، وإن شاء الله بتطبيقاتك لما ذكرناه سابقًا سوف تسير الأمور وبالتدريج نحو الأفضل.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ريهام

    افادكم الله انا ايضا شخصيه وسواسيه قلقه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً