الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج المخاوف المتعددة من الأماكن المرتفعة والضيقة

السؤال

بدايةً جزاكم الله عنا كل خير على هذا الملتقى المفيد.

سؤالي هو: ما علاج الخوف من ركوب الطائرات؟ فأنا بحكم وظيفتي أسافر كثيراً، ولكن كلما أركب طائرة يُصيبني خوف وهلع، وتستمر ضربات قلبي في الزيادة، وأحس بأني لا أستطيع التنفس، وأنني أعاني من هبوط مفاجئ في الضغط سيؤدي إلى الموت، وأن ليس هناك مخرج إذا حلقت الطائرة، وإذا تطلبت حالتي إلى ذهاب فوري إلى طبيب فلا يمكن.

تأتيني هذه الحالة أيضاً عند دخول المصعد الكهربائي، والصعود إلى الأماكن العالية، كما أعاني أيضاً من الخوف من الأماكن المزدحمة والظلمة الحالكة، مما يضطرني في بعض المرات إلى انعزالي عن الناس، ومكوثي في المنزل لفتراتٍ طويلة.

أرجو إفادتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تُعانين من مجموعة من المخاوف التي نسميها بالمخاوف البسيطة، والمخاوف البسيطة تكون دائماً موجهة لمصدر خوف معين، مثل ركوب الطائرات، أو الأماكن المزدحمة أو المظلمة، أو الخوف من المرتفعات، أو الأماكن التي يكون فيها الإنسان وحيداً، أو الخوف من الأماكن العالية.

لا شك أن الخوف أمر مكتسب، والعلاج يكون عن طريق تحقير الفكرة (لماذا أخاف؟ ما الذي يجعلني أشعر بهذا الشعور؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس؟) يجب أن يكون هنالك نوع من النقاش مع الذات.. هذا أولاً.

ثانياً: العلاج يكون أيضاً عن طريق التعريض مع منع الاستجابة، وهذا هو المبدأ السلوكي المعروف، أي أن تعرض نفسك لمصدر خوفك دون أن تنسحب من الموقف، ويمكن أن يكون هذا التعرض في الخيال أولاً، وبعد ذلك يكون في الواقع، وللمثال على التعرض في الخيال: تصوري أنك تودين السفر بالطائرة، وذهبت إلى المطار، وبعد أن قمت بالإعداد للسفر دخلت الطائرة وأنت خائفة جدّاً وأقلعت الطائرة، بعد ذلك تعرضت الطائرة إلى مطب هوائي قوي جدّاً، ثم انجلى الأمر واستمرت الأمور على حالها، وبعد ذلك هبطت الطائرة بسلام.

هذا نسميه التعرض في الخيال، وهو مهم جدّاً ويُساعد الناس كثيراً، وهكذا بالنسبة للمصعد، تصوري أنك دخلت المصعد لوحدك، وبعد أن وصل المصعد للطابق السابع في بناية معينة توقف وتعطل.. تصوري هذا الموقف، وأنا في الحقيقة أريد أن أعرضك لأقصى درجات المخاوف؛ لأن هذا من العلاجات الجيدة والمفيدة جدّاً.

بالطبع بعد أن توقف المصعد دخلت في خوف وفي حيرة، ولكن تصرفتِ واتصلتِ، أو أتى عامل المصعد بعد فترة، حيث اكتشف أن المصعد لا يعمل، والحمد لله فُرج الأمر.. وهكذا.

بعد ذلك ابدئي التطبيقات العملية، أكثري من صعود المصاعد، ويمكن أن تنتقلي إلى الأدوار الدنيا بصورةٍ متكررة، بعد ذلك ابدئي بالصعود إلى الأدوار الأعلى.. وهكذا، وهذا يطبق على كل أنواع المخاوف.

بالنسبة للأماكن المزدحمة، فتُعالج بالتذكر أنك في معية الناس، وهذا شيء طيب، فلماذا تخافين؟ كما أنه لا أحد يلاحظك.

أيضاً بخصوص الخوف من الظلمة، تذكري أن الليل هو السكون، وأن فيه رحمة كبيرة جدّاً، فلماذا أخاف؟! تذكري رواد الفضاء، هؤلاء الذين يذهبون في الفضاء ولا أحد حولهم، تذكري الراعي في الصحراء.. هذه أنواع من التعرضات الفكرية التي تُساعد في علاج المخاوف.

بالنسبة للخوف من الطائرات، تذكري هذه الآلة العظيمة، وتذكري كيف أن الله قد علم الإنسان ما لم يعلم، ولا تنسي دعاء الركوب، وأنا لدي تجارب طيبة مع دعاء الركوب، فهو مطمئن إذا تمعنه الإنسان، قوليه بتمعن وتدبر، واعرفي أنك في حرز الله، فهذا يبعث الطمأنينة، وحاولي أن تعددي من السفر، فلا تركبي الطائرة مرة واحدة ثم تنقطعي؛ والهدف هو العلاج.

الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وهنالك عدة أدوية، أفضلها عقار يعرف علمياً باسم (سيرترالين) ويسمى تجارياً باسم (زولفت) أو (لسترال) وربما توجد تحت مسميات أخرى تجارياً في السودان، وقد طمئنني الأخوة الزملاء الأطباء النفسانيين أن الدواء متواجد في السودان.

جرعة البداية هي أن تتناولي حبة واحدة ليلاً بعد الأكل، وتركيز الحبة هو خمسون مليجراماً، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبتين يومياً، يمكن تناولها كجرعة واحدة في المساء أو بمعدل حبة واحدة في الصباح وحبة واحدة في المساء، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعليها حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بجانب السيرترالين أريدك أن تتناولي عقار (إندرال) بجرعة عشرة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام صباحاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أيتها الفاضلة الكريمة: أختم هذه الاستشارة بأن أنصحك بأن تمارسي تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين تمارين جيدة جدّاً ومفيدة جدّاً، ويمكنك أن تقابلي إحدى الأخصائيات النفسانيات - وهنَّ الحمد لله كثر في السودان - لتقوم بتدريبك على تمارين الاسترخاء، أو يمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت للإلمام بكيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وهنالك طريقة تسمى بطريقة جاكبسون تعتبر من أفضل وأفيد الطرق الاسترخائية.

أسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب khalid

    انا عكسها انا لا اخاف من الاماكن المزدحم بل اخاف من اماكن الخالية مثل مكان لا يوجد فيه المنازل و غيرها و ايضا اصبحت اخاف من البحر و اصبح خوفي يتزايد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً