منذ ستة أشهر تقريباً عانيت من وخزات في منطقة الجزء الأيسر من الصدر، وأيضاً أسفل الكتف الأيسر بقليل، وتمتد أحياناً إلى ذراعي الأيسر، تأتيني بشكل متقطع، أي عدة مرات في الأسبوع أو الشهر، وتختفي وترجع مرة أخرى، وكنت أقلق من أن يكون عندي مشكلة في القلب.

ذهبت مع أمي لدكتورة نساء وأجريت فحصاً للثدي، وذهبت لطبيب قلب وأجريت تحاليل دم وغدة درقية، وأجريت تخطيطاً للقلب، وكل النتائج والفحوصات ـولله الحمدـ سليمة، وأحد الدكاترة قال: من الممكن أن تكون أسباب الآلام نفسية من قلق وتوتر، ولكن حتى وأنا مرتاحة نفسياً تأتيني آلام.

أهلي يقولون: خلاص انسي ولا توسوسي، أنساها وبمجرد ما تأتيني أرجع أوسوس وأفكر أي طبيب أذهب إليه، وأحد دكاترة الباطنية قال لي: لا يوجد سبب غير أنه من الممكن أن تكون تقلصات عضلات، فهل لدي قولون عصبي، أو ماذا يمكن أن يكون؟

أريد أن أرتاح، وأرجو إفادتي، وجزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الشكوى شكوى عامة ومنتشرة جدّاً، حيث إن القلب يوجد في منتصف القفص الصدري مع ميول بسيط للجهة اليسرى، وهذا جعل الناس يعتقدون أن القلب موجود في الجهة اليسرى، ويعرف أن أمراض القلب كثيرة، ومرض الشريان التاجي والذبحات الصدرية تظهر في شكل ألم في الصدر، وهذا الألم أيضاً قد يظهر في اليد اليسرى، وفي الكتف أيضاً.

هذه الصورة -أي الصورة التي يعبر بها عن أمراض القلب- انتشرت وسط الناس وأصبح ومن خلال ما يسمى بالتأثير الإيحائي كل ألم ناشئ من الصدر إن كان سببه عضوياً أو نفسياً يعتقد الناس أنه نتيجة للذبحات الصدرية، والألم من هذا النوع الذي تشتكين منه أيتها الفاضلة الكريمة لا علاقة له بالقلب أبداً، ولا علاقة له بأمراض القلب، إنما التخوف من الإصابة بهذه الأمراض هو الذي نتج عنه من القلق النفسي، والقلق ليس من الضروري أن يكون في صورة نفسية واضحة كالشعور بالتوتر والقلق والملل، فالقلق يمكن أن يُعبر عنه في شكل أعراض جسدية، وهذه الأعراض الجسدية تكون ناتجة من انقباضات عضلية، والانقباضات العضلية قد ينشأ منها الألم، وهذا هو الذي يفسر أنك مرتاحة نفسياً ولا تحسين بأي نوع من القلق لكن لديك هذا الألم والذي قال لك الأطباء أنه نتيجة لحالة نفسية.

لا أسميها حالة نفسية حقيقية، إنما هي ظاهرة نفسية بسيطة، أعراض جسدية منشؤها نفسي وإن لم يظهر القلق بصورة واضحة، والعلاج يكون كالتالي:

أولاً: أرجو أن تطمئني أن هذه الآلام ناتجة من انقباضات عضلية.

ثانياً: أن قلبك بفضل الله تعالى سليم.

ثالثاً: لا تتنقلي بين الأطباء، فأنت لست في حاجة لذلك.

رابعاً: قومي بإجراء تمارين رياضية خاصة تمارين إحماء العضلات، أو أي تمرين رياضي آخر يناسب الفتاة المسلمة.

خامساً: أرجو أن تقومي أيضاً بتطبيق ما يسمى بتمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس، وهي تمارين بسيطة ومفيدة. لتطبيقها: اجلسي في مكان هادئ، أغمضي عينيك، وافتحي فمك قليلاً، وخذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعلي صدرك يمتلأ بالهواء واقبضي عليه لفترة قليلة، بعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم.

كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في كل جلسة بمعدل جلستين في اليوم لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، وبعد ذلك يمكن تطبيقه عند اللزوم.

وهنالك أيضاً تمرين انقباض العضلات وشدها، ولتطبيقه: قومي بالقبض على عضلات راحة اليدين، شدي عليها بقوة، بعد ذلك أطلقي العضلات وقولي أنا الآن في حالة استرخائية، كرري هذا مع عضلات البطن: شد وانقباض، وكذلك مع عضلات القدمين والرجلين والفخذين وعضلات الكتفين وحتى عضلات العيون يمكن أن يقبضها الإنسان ويشدها وبعد ذلك يُطلقها، هذه التمارين مفيدة جدّاً.

سادساً: أرجو أن توجهي كل طاقاتك النفسية والجسدية نحو دراستك، وعليك بتوزيع وقتك بصورة جيدة ومفيدة، وبالطبع يجب أن تأخذي قسطاً كافياً من الراحة، هذا مهم جدّاً، روّحي عن نفسك بما هو مباح ومفيد، وكل هذا -إن شاء الله- يساعدك.

سابعاً: يمكنك أن تتناولي دواء بسيط جدّاً يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي هو (فلوبنتكسول) لا يحتاج لوصفة طبية، تناوليه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها يومياً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها حبة صباحاً وحبة مساءً لمدة شهرين، ثم حبة واحدة في الصباح لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله.

الدواء دواء بسيط وممتاز، وهو يعالج القلق والتوتر، وهذه الآلام العضلية التي تعانين منها، وحتى إن كان لديك أعراض القولون العصبي فهذا يمكن أن يزول، وبمناسبة القولون العصبي هو مجرد حالة نفسوجسدية، أي الإنسان يحس بانقباضات في القولون، وهي ناتجة أيضاً من القلق والتوتر.

أرجو أن تطبقي ما سبق ذكره، وسوف ترتاحين -إن شاء الله تعالى-، ومن جانبي أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.