الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدمة العاطفية الشديدة وداء القلق وعلاج ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة تعرضت منذ أربع سنوات إلى صدمة عاطفية شديدة، ومنذ ذلك الوقت تصيبني نوبات من الهلع، وقد أثر ذلك علي من الناحية الجسدية، حيث أصبحت أعاني من الدوخة الدائمة، وسرعة دقات القلب، وقد ذهبت إلى عدة أطباء منهم الباطني والقلب والمخ والأعصاب، وقمت بكل التحاليل والأشعة فلم يجدوا شيئاً.

وصف لي أحد الأطباء دواء (زولفت)، فتناولته منذ خمسة أشهر ولم أحصل على نتيجة، ومنذ خمسة عشر يوماً وصف لي دواء (أتاراكس) نصف حبة في الليل، ودواء آخر هو (ستريزام)، ولكني لم أشعر بأي تحسن، فأفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن التعامل مع مثل هذه الصدمات العاطفية يجب أن يكون بشيء من التدبير والعقلانية، وأنت بحمد الله إنسانة ناضجة، وتستطيعين أن تقيمي الأمور بصورة واقعية ومنطقية، ومهما كانت هذه الصدمة العاطفية يجب أن لا تخل بترتيب حياتك وتنظيمها، كل شيء له حلول، والإنسان حين يعرف مشكلته وطبيعتها هذا في حد ذاته يعتبر نوعاً من الحل، وإن كان جزئياً.

ولا شك أن صحتك ونفسك هي أهم من كل شيء، وفيما يخص هذه الصدمة العاطفية التي تحدثتِ عنها فلا تحزني على شيء فاتك أبداً في مثل هذه الأمور، وسل الله تعالى أن يجعل لك ما هو خير في المستقبل.

الأعراض التي ذكرتها هي أعراض خوف وتوتر وقلق وهلع، وسرعة ضربات القلب لا شك أنها ناتجة من التغير الفسيولوجي المصاحب للقلق، والذي توّج كما ذكرنا بنوبة الهلع التي عانيت منها.

فحوصاتك الحمد لله كلها جيدة، والحالة في أصلها هي حالة نفسية مائة بالمائة، وأنا أفضل أن أسمي مثل هذه الحالات (عدم القدرة على التواؤم) أو (عدم القدرة على التكيف)، لأنها كانت وليدة أو ناتجة عن ظرف عاطفي كما ذكرتِ، و-إن شاء الله- مثل هذه الحالات تخف كثيراً بمرور الزمن.

أنصحك بأن تطبقي تمارين الاسترخاء، هناك تمارين كثيرة جدّاً، تمارين التنفس التدرجي تعتبر كفيلة في حالتك، وكذلك تمارين قبض واسترخاء العضلات.

أرجو أن تتدربي على هذه التمارين، ويمكنك أن تتحصلي على كتيب أو شريط أو تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت، وتمارين الاسترخاء جدواها العلمية معروفة.

وأما العلاج الدوائي: بالرغم من أن الزولفت دواء جيد جدّاً، لكن حتى وإن كان الدواء من الأدوية الممتازة فليس من الضروري أن يفيد كل الناس؛ لأن هذه الأدوية تعمل من خلال منظومات كيميائية، وعملية التمثيل الأيضي واستقلاب الدواء تختلف من إنسان إلى إنسان، وهذا ربما يكون هو السبب الذي جعلك لا تستفيدين من هذا الدواء.

بالنسبة للأتاراكس: هو دواء مهدئ ومزيل للقلق ويحسن النوم، ولكنه ليس من الأدوية القوية أو الفاعلة لعلاج نوبات القلق.

والدواء الآخر وهو: (ستريزام) ينتمي إلى مجموعات الـ(بنزودايزين Benzodiazepine) وهو دواء يساعد في علاج القلق، ولكن لا يُنصح بتناوله لفترة طويلة.

من أفضل الأدوية التي تعالج مثل حالتك هو العقار الذي يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram) والجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بعشرة مليجرام يومياً، تناوليها نهاراً، ولكن إذا شعرت بشيء من الاسترخاء الزائد أو النعاس يمكنك أن تتناولي الجرعة ليلاً.

بعد مضي شهر ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراماً يومياً، وهذه هي الجرعة العلاجية، وأريدك أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعدها خفضي الجرعة إلى عشرة مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خمسة مليجراماً يومياً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

يتميز السبرالكس بأنه مضاد فعال للقلق ونوبات الهلع والمخاوف، كما أنه محسن ممتاز للمزاج، ويتميز بسلامته العالية، ربما يعاب عليه أن مُكلف بعض الشيء، أسأل الله تعالى أن ييسر لك الحصول عليه.

هناك دواء آخر يسمى تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol) لا مانع أن تتناوليه كدواء مساعد، خاصة أنه يتحكم بصورة ممتازة في التغيرات الفسيولوجية، والتي تظهر في شكل تسارع في ضربات القلب أو رجفة بسيطة.

تناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم اجعليها عشرة مليجرام في الصباح لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله، بجانب السبرالكس والإندرال: إذا كانت لديك مشاكل وصعوبات في النوم لا مانع من أن تتناولي الأتراكس بجرعة خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم بعد ذلك توقفي عن تناوله.

التمارين الرياضية لا شك أنها ذات فائدة كبيرة، وعليك بالتفكير الإيجابي وإدارة وقتك بصورة جيدة، ولا تنسي الدعاء أبداً، وختاماً: نشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً