الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن تريد منه خطيبته أن يترك أهله مع أنه عائلهم، أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ أبلغ من العمر 26 عاماً، ولقد توفي والدي عندما كان عمري 19 عاماً، ومنذ ذلك الوقت فقدت السند لي؛ أو بمعنىً أصح: الظهر الذي كان يحميني، وبعد أن تخرجت من الجامعة ويسَّر لي رب العالمين السفر للخارج سخَّرت كل حياتي لإخواني وأخواتي ووالدتي، علماً بأني الولد الثاني في العائلة، وأخي الأكبر يكبرني بثلاث سنوات، ولقد تخرج من الجامعة بعدي بعامين.

ولقد أوصاني والدي في الفترة الأخيرة من حياته بأمي وجميع إخواني، وقال لي: أنت الرجل المسئول عنهم فأخوك الكبير جبان ويخاف، ودائماً عندما تكلمني والدتي تقول لي: لقد مات أبوك وأنت القائم مكانه أكرمك الله، ومنذ تلك اللحظة سخرت كل ما أملك من مال لأهلي حيث أني قمت بتجهيز بيتٍ جديدٍ لنا بالكامل، وقمت ببناء شقة لأخي الكبير قبل أن أبني شقتي، وخطبت له -وهو بدون عمل- قبل أن أخطب لنفسي.

وقبل 8 أشهر خطبت امرأةً كنت أحبها منذ 3 سنوات أو ما يزيد، وبعد الخطبة بدأت أشعر من كلام خطيبتي بأنها تريد أن تبعدني عن أهلي وأنها تريد أن تتملك كل شيء، وبدأت أعرف ذلك عندما قمت بشراء قطعة أرض، فبعد أن عرفت والدتها بموضوع شراء الأرض قالت لي في أول حديثٍ لي معها: اجعل هذه الأرض لك وحدك، ولقد قالت لي خطيبتي نفس الكلام، واختلفنا مع بعضنا عدة مرات حول هذا الموضوع، وطبيعتي أني جادٌّ في تصرفاتي على عكس خطيبتي؛ فهي مدلَّلة جداً، وبعد ذلك اتصلت على أهلي وطلبت منهم إنهاء موضوع الخطبة، وأخبرت خطيبتي بأني لا أريدها، فاتصلت بي والدتي وأخواتي وطلبوا مني أن أعطيها فرصةً ثانية، ومنذ أن رجعت وكلمتها وأنا أشعر بأن إحساسي من ناحيتها مختلفٌ عن الأول، كما أني خائف أن تبعدني عن أهلي الذي أعتبر نفسي مسئولاً عن كل حياتهم لدرجة أني أحرم نفسي من بعض الأشياء لكي ألبي طلباً لأحد إخوتي في الدراسة في مراحل الجامعة، أرجو الحل؟

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلن يضيِّع الله من يحرص على برِّ والدته والإحسان لإخوانه، والإنسان يمكن أن يجد زوجةً بل وزوجات ولكنه لا يجد بديلاً عن أمه وإخوانه، ولذلك أرجو أن تكون هذه القناعات واضحةٌ لخطيبتك ولأهلها.

فلا بد من الوقوف عند الخطوط الحمراء، ومن الحكمة أن يعلموا أن الذي لا خير فيه لأهله لا خير فيه لغيرهم.

وحقٌّ لنا أن نفخر بمن يتحملون المسئولية بعد الآباء، وأرجو أن تحتسب ذلك عند الله حتى تنال الأجر كاملاً، واعلم أن الإحسان إلى الوالدة والأشقاء نوعٌ من البر للوالد، وهو وفاءٌ تشكر عليه، وسوف تنال عليه التوفيق في الدنيا مع ما ينتظرك بإذن الله إذا صبرت وأخلصت وصدقت في القيام بمهامك.

وأرجو أن تعرض وجهة نظرك لخطيبتك بهدوءٍ وتعطيها فرصةً لتحديد رأيها، كما أرجو أن تنظر في دينها وأخلاقها واستقرار أسرتها ومدى تأثيرهم عليها، وليس من الحكمة أن تخبر أسرتك بكل ما يحصل حتى لا تمتلئ النفوس بالنفور، ولا تخبرها أيضاً بالانطباعات السالبة لأسرتك إن وجدت، فإن الشاعر يقول:

إن القلوب إذا تنافر ودها *** مثل الزجاجة كسرها لا يجبر

واعلم أن من سعادة الإنسان أن يفوز بزوجةٍ محبوبةٍ عند أهله، ومطيعة لربه قبل ذلك؛ لأن في ذلك عوناً له على أداء الواجبات تجاه والديه وإخوانه وتجاه زوجته، وشريعة الله عدلٌ كلها، وفيها أمرٌ بأداء الحقوق ودعوةٌ للإنصاف، واحرص على أن تستخير وتستشير فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، فإن الهداية والتوفيق بيده سبحانه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً